كيف تمكنت الطائفة الدرزية من إدارة اقتصادها ذاتيًا بمرتفعات الجولان؟

ترجمة حمزة البحيصي- مصدر الإخبارية

منذ عام 1967، قامت القرى الدرزية في مرتفعات الجولان المحتلة بإدارة مجتمعها واقتصادها ذاتيًا من خلال إنشاء اقتصاد زراعي منفصل عن الزراعة الإسرائيلية.

تعمل جميع المجتمعات الحديثة تقريبًا ماليًا من خلال الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية التي تقدمها الدولة، مما يخلق نظامًا من الاعتماد على الحكومة المركزية، وفق موقع ميدل إيست آي.

وتساعد خدمات الدولة هذه في خلق مقابل من الضرائب والولاء من جانب المواطنين الذين يعتمدون بالتساوي على دور الحكومة في الحفاظ على اقتصاد قوي.

وفي حين أن هذا النهج هو الحال في العديد من المجتمعات الحديثة والغربية، إلا أنه لم يكن كذلك في المناطق التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967.

ولا تزال المجتمعات العربية السورية التي تعيش في تلك المناطق “خارجة عن القانون” فعليًا، بمعنى أنها موجودة خارج نطاق القانون، القوانين والحقوق الرسمية التي لا تمنح لهم.

وبعيداً عن سيطرتها العسكرية، كانت الحكومة الإسرائيلية غائبة عن كافة جوانب الحياة، بما في ذلك فشلها في توفير الموارد الأساسية والبنية التحتية كشرط أساسي في تلك المناطق.

وقد خلق ذلك حالة دائمة من المواجهة بين المستعمر والمجتمعات المستعمرة التي ترفض الولاء للاحتلال وتطمح إلى التحرر من الاحتلال.

ومن الأمثلة المثالية على المجتمع الذي يدير نفسه بنفسه، بعيدًا عن المحتل، ويعتمد على بنيته التحتية واقتصاده وقوته البشرية، مع تحقيق أهداف النمو والازدهار في ظل الاحتلال، الطائفة الدرزية في هضبة الجولان المحتلة.

وتم إطلاق مشاريع كبرى تشمل الري وتخزين المحاصيل وأنظمة التبريد وتسويق المبيعات وغيرها، متجاوزة الاحتلال وخدمة المجتمع والاقتصاد السوري المحلي.

والسلعة الأساسية في هضبة الجولان المحتلة هي الزراعة قبل عام 1967، كان المجتمع يعتمد على زراعة القمح، ثم تحول إلى زراعة الفاكهة [الأشجار] لأنها ستثبت “صمود” المجتمعات الأصلية على الأرض.

ونص قانون الأراضي الإسرائيلي لعام 1948 وقانون الأراضي الجديد الذي تم إقراره في عام 1969 على أن كل أرض غير مزروعة ستعتبر ملكًا للدولة، وبما أن زراعة القمح لا تتطلب استخدام الأرض على مدار العام، فقد بدأ المزارعون المحليون بزراعة أشجار الفاكهة.

وفي عام 2014، وهو آخر عام تم فيه جمع البيانات، أنتجت قرى مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قينية الأربع مجتمعة 47500 طن من التفاح، بمتوسط 1.9 طن لكل مواطن في هذه القرى. بالإضافة إلى ذلك، ينتجون الكرز وزيت الزيتون والفواكه الموسمية والمزيد كل عام.

ولم يأخذ التخطيط الإسرائيلي للطرق والبنية التحتية في الاعتبار أبدًا احتياجات المجتمعات العربية المحلية. وتعتمد أساليب وسياسات حكومة الاحتلال فقط على ادعاءات أمنية لتبرير مصادرة أراضي الأقليات لصالح البلدات والمدن والمستوطنات الإسرائيلية.

والواقع أن مرتفعات الجولان المحتلة لا تختلف عن ذلك، فهي تخضع لنفس هذه السياسات الإقصائية.

ومع ذلك، وبفضل العلاقات المحلية القوية والابتكار الاجتماعي، تمكنت المجتمعات السورية في هذه المنطقة من تنفيذ مشاريع البنية التحتية بنجاح.

وتغلق إسرائيل منذ عام 1967 الطرق الواصلة بين القرى العربية في هضبة الجولان المحتلة. وقد أدى رفض إسرائيل السماح بالوصول المفتوح إلى إعاقة التنمية الزراعية. لكن المجتمعات العربية رفضت قبول هذا الواقع الكئيب، وأنشأت شبكة طرق خاصة بها، والتي ربطت القرى عبر طرق زراعية بين حقول التفاح والكرز، من خلال متطوعين يملكون المعدات اللازمة.

التحدي الآخر الذي واجهته المجتمعات السورية هو الوصول إلى المياه واستخدامها لأغراض الزراعة.

وتوجه إسرائيل جميع موارد المياه إلى المستوطنات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان المحتلة، ولا يتم توفير سوى 5% فقط للمجتمعات المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، حظر قانون المياه الإسرائيلي لعام 1959 استخدام وجمع مياه الأمطار لأي غرض ومنح ملكية جميع المياه للدولة فقط. ولهذا السبب، منعت إسرائيل المزارعين الدروز من استخدام الخزانات الموجودة مثل بحيرة الرام، وحظرت حفر آبار جديدة.

هذا الظلم والتخريب في تنمية الموارد دفع المزارعين المحليين في نهاية المطاف إلى إنشاء مشروع مبتكر للمياه الزراعية، وقاموا ببناء خزانات معدنية كبيرة، بالقرب من حقول التفاح والكرز، لجمع مياه الأمطار خلال فصل الشتاء.

خلال الثمانينيات، تم بناء أكثر من 600 خزان، متوسط سعة كل خزان 1000 لتر. وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدم العديد من هذه الصهاريج وفرضت غرامات باهظة على البقية بسبب قانون المياه التمييزي. لكن هذا لم يردع المزارعين المحليين، ولا تزال المئات من هذه الخزانات موجودة حتى يومنا هذا.