ارتباك إسرائيلي ووعي فلسطيني للمواجهة، يتقدم ببطء

أقلام – مصدر الإخبارية
ارتباك إسرائيلي ووعي فلسطيني للمواجهة، يتقدم ببطء، بقلم الكاتب أمير مخوّل، وفيما يلي نص المقال كاملًا:
تقدير موقف:
• أخفقت قوات الاحتلال في حصر العمليات الفلسطينية في مناطق محددة من شمال الضفة الغربية واعتبارها موضعية، بل أن اتساع نطاقها إلى جنوب الضفة بات سياقًا استراتيجيًا مختلفًا، لا تستطيع مواجهته من دون“ خطوات سياسية جوهرية ”تجاه الفلسطينيين وتنازلات جوهرية تجاه السلطة الفلسطينية التي يهدف تيار الصهيونية الدينية الممسك بصلاحيات غير مسبوقة، إلى تقويضها بما يتناقض مع الجيش والمؤسسة الأمنية، ومع أهداف إسرائيل الاستراتيجية إقليميا، إلا أن الجيش في حال إصدار قرار سياسي سينصاع له.
• إن حدوث العملية في الخليل له أيضًا ورمزيته، كونه يحدث في قلب عاصمة المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية، وذلك ببعدها الجغرافي والديني وللتواجد العسكري المكثف فيها إضافة إلى سكنى غلاة المستوطنين فيها بمن فيهم وزراء.
• من مؤشرات موجة العمليات الأخيرة نشوء إشكالية إسرائيلية في مسألة توسيع الاستيطان وفقا للموقف السياسي الحاكم خاصة للصهيونية الدينية، عمليا سيجعل إمكانية حماية جيش الاحتلال للمستوطنات أكثر تعقيدا وقد يكون من غير الممكن، وفقا للتقديرات العسكرية فإن خيار الطرق الالتفافية الذي نشر عنه موقعا وعاينت بعد عملية حوارة من شأنه أن يمنع نقاط التماس بين الفلسطينيين والإسرائيليين المستوطنين، إلا أنه وفقا للمصدر ذاته يجعل الطرق الالتفافية أكثر استهدافا بالقنص وأكثر احتمالية لقنص أية سيارة أو مركبة إسرائيلية تسير في الطريق الالتفافي.
• كان لافتا أن نتنياهو اتهم إيران والجهاد الإسلامي بأنهما من يقف وراء“ إسناد الإرهاب وتوجيهه وتمويله”، في حين اتهم حزب الصهيونية الدينية السلطة الفلسطينية واعتبرها“ سلطة الإرهاب”، من دلالات هذا التضارب في المواقف أن كل مسؤول إسرائيلي يكيل الاتهامات ويحدد“ الجهات المسؤولة ”وفقا لرؤيته ولما يخدم سياسته. إلا أنه توجد تقديرات في شعبة الاستخبارات العسكرية تتفق مع تصريح نتنياهو وتربط بين الجبهات المختلفة في فلسطين وإقليميا، وترى بعملية مجيدو قبل بضعة أشهر، بأنها تحول استراتيجي في هذا الصدد.
• بتقديرنا، فإن تيار الصهيونية الدينية وبخلاف المؤسسة الأمنية معني بحدوث مواجهة على كل مساحات الضفة الغربية وذلك لخدمة رؤيته في الضم وحسم الصراع مع شعب فلسطين، ويرى هذا التيار بأن اتساع رقعة المواجهة هو الأرضية المناسبة لتطبيق“ خطة الحسم ”وهو يدفع لذلك وبتسارع.
• يوجد غليانا بين جمهور اليمين الاستيطاني ضد قادته من الصهيونية الدينية وفي مجلس المستوطنات ضد الحكومة والذي أعلن عن عدد من الخطوات لإلزام الحكومة بالتصعيد بما في ذلك الإغلاقات وفرض الطوق الدائم على مناطق بأكملها وحتى القيام باجتياح واسع النطاق ومستدام إلى حين“ قطع دابر الإرهاب ”حسب قول يوسي دفا رئيس مجلس المستوطنات الإقليمي“ شومرون ”ومن أبرز قادة المستوطنين. بل وكثر استخدام مفهوم“ الانتقال إلى وسائل أخرى ”و“ الانتقام ”وصب جل غضبهم على وزير الأمن غالانت الذي يعتبرون سياسته“ متساهلة ”مع الفلسطينيين”.
• في أعقاب عملية حوارة 19/8 ظهور عامل فلسطيني هام وهو لجان الحماية والحراسة الشعبية، والتي نجحت في توقع الهجمات الإرهابية من قبل عصابات المستوطنين والتصدي لها وإحباط مخططاتها تجاه حواره وغيرها من البلدات. ويبدو أن هذه التجربة ليست لمرة واحدة، بل وأنها مخطط لها لتكون حالة ثابتة وواسعة في كل البلدات في المناطق المصنفة ج وهي غالبية مناطق الضفة الغربية وتقع تحت النفوذ الاحتلالي المطلق وهي المناطق المستهدفة في مشروع الضم.
• هناك مؤشرات لوعي فلسطيني شعبي بأن الاستيطان وعصاباته ليس قضاء وقدرا على الفلسطينيين، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاحتلال الذي يتعثر وتتراجع المرحلة التي كان فيها احتلال سهل للإسرائيليين. بكل إسقاطات ذلك على مشروع توسيع الاستيطان ومضاعفة عدد المستوطنين الذي سيكون من الصعوبة بمكان جذب سكان جدد في واقع أمني يستهدفهم ويستهدف أمانهم الشخصي والجماعي.
• إسرائيليا كان لافتا أن الرأي العام الإسرائيلي المنقسم بشكل عميق لم تنعكس فيه روح“ الوحدة القومية”، فبعد عملية حوارة بساعات تظاهر عشرات الآلاف ضد الانقلاب القضائي ولم يتم إلغاء أية مظاهرة، وهذه حالة جديدة تعكس عمق الشرخ الإسرائيلي الهويات ، كما أن تهجم وزراء المستوطنين على قادة الجيش بات حالة مستدامة، بالإضافة إلى عدم اكتراث أوساط واسعة للغاية من المجتمع الإسرائيلي داخل“ الخط الأخضر ”لما يحدث مع المستوطنين.
الخلاصة:
إسرائيليا، تهدد الدولة وفقا لتصريح نتنياهو وبسبب أزمتها العميقة واللا- مخرج، بالعودة إلى سياسة التصفيات والاغتيالات، رغم مخاطر وإسقاطات ذلك عليها.
غياب الإجماع القومي الصهيوني بات حالة مستدامة على الأقل في المدى المنظور.
كان بالإمكان اعتبار عملية الخليل موضعية، إلا أن سياسات دولة الاحتلال التصعيدية نحو الضم، جعلتها ذات بعد استراتيجي محبط لسياسات الاحتلال ولنواياه.
فلسطينيا، فإن عمليتي حوارة والخليل وغيرهما وفي المقابل لجان الحراسة والحماية الشعبية باتت ضرورة قصوى في تعزيز الصمود الفلسطيني وترسيخ الوجود المهدد.
يتغلغل إلى الوعي الفلسطيني الشعبي بأن الاستيطان كما الاحتلال ليسا قضاء وقدرا، بل من الممكن وقف وتيرة تقدمهما إلى حين التحرر، وهذا دور القيادة والسلطة الفلسطينية.
أقرأ أيضًا: كما في نهب المقاصة للسلطة نهب الميزانيات للبلديات العربية والمقدسيين