حرق المصحف.. السويد تسكب البنزين على نار غضب المسلمين

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

أشعل المتطرفون في السويد الذين أحرقوا نسخا من القرآن الكريم الغضب في قلوب أبناء الأمتين العربية والإسلامية، بعد استفزازهم لمشاعر مليار ونصف المليار مسلم، ما يثير تساؤلات عن وجود عوامل سياسية تقف خلف هذه الجرائم، والأهداف من وراء حرق المصحف.

أعطت السويد الذي يقطنها أكثر من 600 ألف مسلم الضوء الأخضر لإحراق نسخ من القرآن وبررت التعدي على حرمة الدين بأنه “حق حرية التعبير”، فكان كالذي يسكب البنزين على نيران المشاعر الإسلامية الغاضبة، في وقت دانت بعض الدول الأوربية السلوك ووصفته بأنه يرقى لمستوى جرائم الكراهية.

وجرى حرق المصحف أو نسخ منه، ثلاث مرات في السويد، في حزيران (يونيو) على يد سلوان موميكا وهو لاجئ عراقي في السويد، ما أثار غضبًا في العالم الإسلامي، وسمحت له مجددًا أمس السبت إحراق المصحف أمام سفارة طهران لدى ستوكهولم، ومسح قدمه بعلم إيران وصورة رئيسها إبراهيم رئيسي.

وفي كانون الثاني (يناير)، قام المتطرف اليميني السويدي الدنماركي راسموس بالودان بالفعل نفسه قرب السفارة التركية، رغم ما أثاره الأمر من جدل بل وأعمال عنف أحيانًا.

وفي تموز (يوليو) الماضي، تبنت الأمم المتحدة قرارًا بتوافق الآراء، صاغه المغرب، يستنكر جميع أعمال العنف ضد الكتب المقدسة، باعتبارها انتهاكًا للقانون الدولي.

حرق المصحف لعبة سياسية

يعدّ الباحث والأكاديمي في معهد أنواع الديمقراطية في جامعة جوتيبوري السويدية عبد الهادي العجلة حرق القرآن الكريم جزءًا من لعبة سياسية حيث يقوم لاجئ عراقي منتمي للحزب اليميني السويدي بحرق نسخة من المصحف الشريف لاستفزاز المسلمين بشكل عنصري.

وأشار العجلة في حديثٍ خاص لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إلى أنّه حسب استطلاعات الرأي فإن أغلبية السويديين تدين الحدث وتريد تطبيق إجراءات لوقف متل تلك الاعمال غير المبررة والعنصرية.

وبيّن أنّ عملية إحراق المصحف بالأمس تأتي ضمن مساع لاستفزاز مشاعر المسلمين في الخارج، وداخل السويد لم يعدّ هناك اهتمام كبير لهذا الشخص حيث أصبح معروفًا بحبه لافتعال ذلك من أجل الحصول على إقامة أو شد انتباه الجماهير.

وفيما يتعلق بإمكان منع إحراق نسخة من المصحف خلال التظاهرات، أكد أنّ الشرطة السويدية لا تستطيع إيقاف أي طلب لتظاهرة أو تجمع فهو حق من الحقوق الأساسية لأي مواطن أو مقيم في السويد التعبير عن رأيه حتى لو كان معارض للقيم السويدية والديمقراطية السويدية، أي شخص يستطيع فعل ذلك.

ولفت العجلة إلى أنّ الشرطة لم تمنح تصريح وطلب لحرق القرآن سابقًا، ولكن توجه من قدم الطلب للمحكمة السويدية والتي أصدرت قرارها بعدم قانونية منع التجمع أو أي حرق لأي كتاب.

وأوضح أن في السويد القانون هو الحاكم ويطبق على الجميع، لذلك من الصعب أن تضع الشرطة نفسها فوق القانون وهذا أهمية فصل السلطات عن بعضها البعض لكي يكون هناك إجراءات بعدم تخطي السلطة التنفيذية أي أنّ (الشرطة هي جزء من السلطة التنفيذية ولكنها سلطة مستقلة أيضًا، ووزير الداخلية أو رئيس الوزراء لا يستطيع التأثير على قراراتهم)”.

وعن خطوات الخارجية السويدية، ذكر أن وزارة الخارجية السويدية تُحاول منذ فترة عقد لقاءات مع سفراء العالمين العربي والإسلامي والتخفيف من تأثير ذلك على صورة السويد ومحاولة توضيح ماهية الأمر بشكل واضح وأن ذلك لا يعبر عن موقف الحكومة السويدية ولا يعبر كذلك عن موقف الأغلبية السويدية.

رفض الأحزاب

وشدد العجلة على أنّ غالبية الأحزاب السويدية ضد حرق القرآن ولكن ضد أيضًا استخدام حرقه كذريعة لتغيير القانون بشكل يسمح بإساءة استخدامه لاحقًا من قبل المتطرفين اليمينيين كما الإسلاميين.

ولفت إلى أنّ الخارجية السويدية تتواصل بشكل مباشر مع سفراءها والسفراء مع قيادات محلية في الدول الإسلامية والعربية؛ لتوضيح موقف السويد وتخفيف من حدة ردات الفعل.

وعن سؤاله هل الدول العربية والدولية ستتخذ خطوات جريئة ضد السويد، قال العجلة: “لا أعتقد ذلك لأن هناك قنوات تواصل متعددة تحاول من التخفيف من حدة الأمر وتعهد سويدي بمراجعة القانون مما سيسمح بمنع حرق القران الكريم أو الكتب السماوية بشكل عام”.

ونوه إلى أنّ هناك استغلال سياسي خارجي وداخلي لحرق القرآن الكريم، داخل السويد من قبل اليمين المتطرف وكذلك من قبل المتطرفين الإسلاميين في الخارج لصالح تجاذبات محلية.

وفيما يتعلق بالإجراءات الأمنية بسفارات السويد ودراسة السماح للشرطة بمنع حرق المصحف، أردف “لا نعرف ذلك ان كان سيتم منعه ولكن تم تشكيل لجنة لمراجعة قانون النظام العام والبحث في إمكان ذلك”.

وأوضح أنّ هذا جزء من العمل المؤسساتي السويدي يأخذ وقتًا بشكل عام عند تطبيقه، مستدركًا: “لكن هناك توجه جاد في السويد على كافة المستويات لأجل إيجاد حل لوقف استخدام حرية الرأي والتعبير من قبل البعض لاستفزاز مشاعر الأخرين مما يؤدي للضرر بمصالح السويد في الخارج وتهديد أمنها”.