استراتيجية إيران الجديدة.. احتواء لأعداء الأمس لصب الجهود نحو إسرائيل وأمريكا

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

بعد خلافات واسعة امتدت بين إيران ودول جوارها في مقدمتهم المملكة العربية السعودية لعدة سنوات، اتجهت طهران في الآونة الأخيرة نحو استراتيجية جديدة قائمة على استخدام القوة الناعمة، وتحويل الجهود نحو عداءها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وبحسب تقارير غربية، فإن إيران ابتعت استراتيجية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، في ظل غياب الدول الفاعل للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتحول تركيزها نحو الصراع مع روسيا في أوكرانيا، والصين، وكوريا الشمالية.

ووفقاً لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، فإن القيادة الإيرانية عملت منذ العام 1979 للهيمنة على الشرق الأوسط، وطرد الولايات المتحدة وإسرائيل، عبر الاعتماد على العصا لتخريب الدول العربية.

وقالت المجلة إن “أهداف إيران منذ التاريخ المذكور أعلاه، لم تتغير، لكن الاستراتيجية مع العرب تغيرت من العصا إلى الجزرة”.

وأضافت أن “إعادة العلاقات ما بين إيران والسعودية بوساطة صينية جزء من التحول في السياسة الإيرانية”.

وأشارت إلى أن “جهود إيران الأخيرة لم تقتصر على السعودية، وشملت إعادة العلاقات مع الامارات، وعقد مناقشات هادئة مع البحرين، وتوقيع اتفاق تنمية مع عمان، ناهيك عن تطبيع العلاقات مع مصر”.

ويرى محللين سياسيين، أن التحول في الاستراتيجية الإيرانية في علاقتها مع دول العالم، يأتي في إطار التحولات الدولية، ورغبة طهران في تركيز جهودها نحو عدواها الأساسيين، إسرائيل، والولايات المتحدة.

ويقول هؤلاء المحللين، إن إيران تحاول سحب البساط من تحت أقدام إسرائيل التي شرعت خلال الفترة الأخيرة إلى تطبيع واسع مع الدول العربية، وتسعى لاستغلال ضعف الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، وصولاً لتحقيق أهدافها الأساسية، بإنهاء الهيمنة الأمريكية بالمنطقة.

وبين المحلل طلال عوكل، أن الدبلوماسية الإيرانية الجديدة تصب تركيز طهران الأساسي على عداءها مع واشنطن وتل أبيب.

ويوضح عوكل في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “تراجع الدور الأمريكي في المنطقة جعل العرب أيضاً يفكرون جيداً في كيفية إعادة ترتيب العلاقة مع إيران”.

ويتابع أن “إيران أيقنت من أنه لا فائدة ولا زريعة لاستخدام التهديد والقوة مع دول الجوار في ظل عداءها مع إسرائيل، ومساعي لتوسيع نفوذها عبر وكلاءها في المنطقة”.

ويشير إلى أن “طهران ركزت في سياساتها الجديدة على تحجيم عدد الأعداء، والحد من أي تحالفات أمنية وعسكرية مع إسرائيل والولايات المتحدة قد تكون ذات عواقب سلبية عليها”.

ويؤكد عوكل أن “السياسة الإيرانية الجديدة جاءت رغم علم طهران بأن العرب لا يمكنهم الخروج بشكل كامل من عباءة الولايات المتحدة بشكل نهائي”.

ويشدد على أن “تركيز إيران حالياً ينصب على العمل بشكل متوازي مع سياساتها الخارجية الجديدة، على تطوير برامجها العسكرية في ظل التحولات العالمية بعد الحرب الروسية الأوكرانية”.

وينوه إلى أن “طهران لن تغامر حالياً بتطوير قنبلة نووية تقود نحو تحرك أمريكي عسكري ضدها، ما يفسر الاتصالات الأخيرة التي قادت نحو صفقة تبادل أسرى بين أمريكا وإيران”.

من جانبه، قال المحلل رياض العيلة، إن الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة مؤخراً في الشرق الأوسط خلال العاميين الأخيرين، خلق شعوراً لدى حلفاءها العرب، بضرورة تعزيز تحالفاتهم مع دول أخرى، وفي مقدمتهم الصين وروسيا.

وأضاف العيلة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “واشنطن صبت تركيزها نحو الصراع مع روسيا في إطار النفوذ في أوروبا، ومع كوريا الشمالية على صعيد القوى النووية”.

وأشار العيلة إلى أن “هناك مصلحة إيرانية في إعادة العلاقات مع جيرانها العرب بعيداً عن التوترات والاستعداء في مسعى منها لإعادة ترتيب أوراقها مع خصومها الأساسيين، واشنطن وتل أبيب”.

وأشار إلى أن “طهران تعمل على تثبيت ركائز تمددها في المنطقة عبر حلفاءها، لاسيما في مناطق التوتر وفي مقدمتها في اليمن”.

وأكد العيلة أن “طهران تعلم جيداً أن عدوها الرئيسي بالمنطقة إسرائيل، لذلك تعمل على تحجيم دورها في الشرق الأوسط”. مشدداً أن “تل أبيب تعاملت مع اتفاقات التطبيع الأخيرة مع العرب كإنجاز تاريخي، فيما تعتبر أي تقارب إيراني مع دول المنطقة بالكارثة في ظل مساعيها مؤخراً للوصول إلى تحالف عسكري إقليمي بالمنطقة ضد إيران”.

ولفت إلى أن “إسرائيل تستغل مسألة الملف النووي الإيراني لإرهاب المنطقة وتخويف العرب والضغط على الولايات المتحدة لتحقيق مصالحها الخاصة، لاسيما على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي”.

ونوه إلى أن “إيران في المقابل تبقي حالياً على تركيزها على الصراع مع إسرائيل وأمريكا، من خلال تقوية محور المقاومة في المنطقة لإشغال تل أبيب، ومضايقة المصالح الأمريكية عبر تهديد السفن في الخليج، وتصعيد الهجمات ضدها عبر وكلاءها في سوريا والعراق”.

ونبه إلى أن “واشنطن عملت بجهد كبير مؤخراً من أجل الوصول إلى تطبيع بين السعودية وإسرائيل، في محاولة للإشارة إلى أن دورها المؤثر لازال في المنطقة، وأنها لا تدخر جهداً في تحقيق مصالح حلفاءها، خاصة تل أبيب”.

وشدد على ” توثيق العلاقات مع العرب والإبقاء على الصراع مع تل أبيب وواشنطن، جزء من مسار عمل إيراني واستراتيجية إيرانية لا ينفكان عن بعضهما”.