محللون: إقالة محافظي السلطة استمرار بالتفرد وخطوة للبحث عن بدائل أكثر ولاء

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

لا يزال صدى قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس المتعلق بإقالة اثني عشر من محافظي السلطة تدوي أصداؤه في الشارع الفلسطيني رغم مروره أسبوع على القرار الصادر دون سابق إنذار.

قرارٌ نزل كالصاعقة على رؤوس كلٍ من: محافظ شمال غزة صلاح أبو وردة، ومحافظ غزة أحمد أبو النجا، ومحافظ خان يونس أحمد الشيبي، ومحافظ رفح أحمد نصر.

وفي المحافظات الشمالية أُقيل كلٍ مِن محافظ جنين اللواء أكرم الرجوب، ومحافظ نابلس إبراهيم رمضان، ومحافظ قلقيلية رافع رواجبة، ومحافظ طولكرم عصام أبو بكر، ومحافظ بيت لحم كامل حميد، ومحافظ الخليل جبرين البكري، ومحافظ طوباس يونس العاصي، ومحافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل.

طريقة مُذلة

بدوره قال المحلل السياسي حسام الدجني: إن “الرئيس عباس اتبع طريقة مُذلةً في التعامل مع شخصيات اعتبارية كالمحافظين عندما علموا بقرار إقالتهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام”.

وأضاف خلال حديث لمصدر الإخبارية، “بعد مُضي اسبوع على قرار إقالة المحافظين نستذكر أن المرسوم الرئاسي رقم (22) لسنة 2003م حدّد اختصاصات المحافظين والتي أهم ما جاء بها أن المحافظ هو ممثل رئيس السلطة الفلسطينية، ورئيس الإدارة العامة، وأعلى سلطة في محافظته”.

وتابع: “كما يُشرف المحافظ على تنفيذ السياسة العامة للسلطة، وعلى مرافق الخدمات والإنتاج في نطاق محافظته، وللمحافظة شخصيتها الاعتبارية وموازنتها الخاصة، ويحصل المحافظ على رتبة وزير، وينطبق عليه في قانون التقاعد ما ينطبق على الوزير وعضو البرلمان”.

وأشار إلى أن أهم اختصاصات وصلاحيات المحافظ تتمثل في الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب العامة والصحة العامة، وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين.

كما يتطلب من المحافظ العمل على حماية الأملاك العامة والخاصة، وتحقيق الأمن في محافظته، يعاونه في ذلك قادة الشرطة والأمن العام في المحافظة، وأن يكون هناك اجتماعات دورية ودائمة بينهم.

وتُسند للمحافظ مهمة العمل على الرقي الاقتصادي والعمراني والاجتماعي في المحافظة، وتحقيق المساواة والعدالة، وضمان سيادة القانون واتخاذ جميع التدابير والإجراءات اللازمة لمواجهة الكوارث الطبيعية والحوادث ذات الأهمية.

استقالات حملت دلائل واضحة

ونوّه إلى أن “قرار الإحالة للتقاعد بهذه الطريقة لا يندرج ضمن الإصلاحات الإدارية، ولو كان كذلك لربما ذهب رئيس السلطة للبحث عن طريقة لائقة لإحالة تلك الشخصيات، وهي من نخب وكوادر وقادة حركة فتح”.

وبيّن أن مجزرة إقالة المحافظين حملت في طياتها عدة سيناريوهات يُمكن تسليط الضوء عليها والتي يُمكن تلخيصها في النقاط الآتية:

أولها هو سيناريو تهيئة المناخ لتعيين شخصيات تؤدي الولاء لشخصية يتم تحضيرها لتكون وريثة رئيس السلطة محمود عباس، ولكن حتى تتمكن تلك الشخصية من أداء دورها تحتاج إلى أدوات تدين بالولاء لها.

وتابع: “وأن تكون الشخصية قادرة على تنفيذ سياساته في مرحلة ينظر لها المجتمع الدولي والاحتلال بأنها مرحلة قد تكون الأخطر فيما يتعلق بخليفة الرئيس عباس، في ظل الحديث عن صراع خفي داخل أروقة السلطة الفلسطينية حول هوية الرئيس المقبل”.

وثانيها هو السيناريو الإصلاحي حيث لا يمكن إغفاله رغم أن الطريقة التي تم بها هذا المرسوم تضعفه، إلا أن أداء المحافظين لا يرقى من حيث الإنجاز إلى تطلعات رئيس السلطة والمانحين، وعليه يريد “الأول” ضخ دماء جديدة تُحدّث توازنًا داخل أروقة السلطة الفلسطينية، وحركة فتح.

وأوضح أن ثالثها هي السيناريو المرتبط بالمطالب الخارجية، وهو متعلقٌ بتوجيهات خارجية تفرضها مؤتمرات العقبة وشرم الشيخ، واتصالات خارجية بعباس وبقيادة المنظومة الأمنية.

وتهدف الاتصالات إلى تعزيز بسط السلطة سيطرتها بشكل كامل على محافظات الضفة والقطاع، مما يتطلب تعيين قادة جدد قادرين على مواجهة التحديات التي تعصف بالسلطة توجهاتها السياسية، وهذا قد يطول الحكومة أيضًا والأيام المقبلة ستكون حُبلى بالمفاجآت.

وأما السيناريو الرابع فهو مرتبط بتداعيات مؤتمر العلمين الذي استضافته مصر، والذي يعتبر أضعف السيناريوهات، حيث لم تُشكّل اللجنة لمتابعة مخرجات مؤتمر العلمين، لافتًا إلى أن “فرضية أن يكون المرسوم مرتبطًا بالمصالحة والشراكة بين فتح وحماس في إدارة الحكم هو من أضعف السيناريوهات ويكاد يكون معدومًا”.

خطوة ستُعزز الفوضى

وشدّد أن “تفرد الرئيس عباس بالقرارات لن يُحدّث استقرارًا، و”الأخير” لن يجلبه سوى العودة إلى الشعب عبر انتخابات شاملة، يختار شعبُنا قيادته بنفسه ويكون المحافظ كامل الصلاحيات، وأن يكون منسجمًا مع توجهات وبرامج ورؤى شعبه، والتحديات التي تعصف بالمشروع الوطني الفلسطيني”.

من جانبه يرى الكاتب والمحلل السياسي عزات جمال، أن “إقالة المحافظين تُعد رسالةً واضحة لمفاصل السلطة مفادها عدم رضا رئيس السلطة محمود عباس عما يبذله المحافظون من جهود متعلقة بتطبيق مخرجات قمتي شرم الشيخ والعقبة الأمنيتين في الضفة والرامية لإنهاء حالة المقاومة والتشكيلات العسكرية”.

وأضاف خلال حديثٍ لمصدر الإخبارية، أن “إقالة المحافظين تحمل رسالة للأطراف الدولية والإقليمية مفادها بأن السلطة تُبدي نشاطًا في عملها والرئيس مهتمٌ بالإصلاحات وتجديد شرعية المؤسسات من خلال ضخ دماء جديدة”.

وتابع: “يأتي ذلك عقب التراجع الواضح لشعبية السلطة في الشارع الفلسطيني وتزايد مظاهر الغضب الشعبي من تصرفاتها وسلوكها في مصادرة الحريات وعلى رأسها حرية اختيار ممثلين منتخبين عن المؤسسات المختلفة، سواء مؤسسات منظمة التحرير أو هيئات ودوائر السلطة الفلسطينية”.

خطوةٌ نحو مزيد من التفرد

وتوقع الكاتب والمحلل السياسي عزات جمال، ذهاب عباس نحو مزيدٍ من التفرد خاصة بعد فشل قمة العلمين في إحداث اختراق في أي من الملفات العالقة في ظل تمسك السلطة بالاعتقال السياسي، ورفضها للإفراج عن المعتقلين في سجونها رغم دعوات القوى الوطنية والمؤسسات الحقوقية.

ولفت إلى أن “الرئيس عباس ماضٍ نحو اختيار محافظين أكثر ولاءً لنهج الرئيس الخاص، على أن يضع أمامهم هدف وحيد وهو القضاء على التشكيلات العسكرية المقاوِمَة وقمع المعارضين لنهج السلطة”.

ونوّه إلى أن “التغييرات القادمة ستُكرّس سياسة التفرد وذلك استناداً لشكل وطريقة إقالة المحافظين، فلو كان رئيس السلطة لديه النية لإشراك الكل الوطني وجعل هذه الخطوة نقطة التقاء؛ لأعلن عنها في لقاء العلمين كمبادرة إيجابية أو على أقل تقدير لكان اتخذ قرار الإقالة بتشاور مع بعض القوى والفصائل الفلسطينية”.

قفزة في الهواء

ورأى أن “إقالة المحافظين ستُتبع بخطوات أخرى تشمل تغييرات في مناصب ومفاصل إدارية قد تصل لتغيير جوهري في حكومة رئيس الوزراء الحالي محمد اشتية، بهدف تعزيز فرص وصول الرسالة الموجهة للقوى الدولية والمجتمع الغربي بأن السلطة الفلسطينية جادة في الإصلاحات الداخلية في محاولة لاستعادة زمام المبادرة وذلك قبيل توجه عباس لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

وأكد على أن “أي إصلاح سياسي لا يستند لتوافق وطني أو يراعي مصالح الشعب الفلسطيني ويحترم إرادته، لا يعدو قفزة في الهواء ولن يكتب له النجاح”.

ضرورة التواصل والتنسيق

ودعا إلى ضرورة تفعيل التواصل والتنسيق بين جميع القوى السياسية والفصائل الوطنية والسلطة للخروج برؤية وطنية شاملة للإصلاح والتغيير وفق جدول زمني، لمواجهة الحكومة الفاشية التي ترى في شعبنا الفلسطيني عائقًا يجب إزالته لتنفيذ المشروع الاحتلالي الاستعماري، والذي باتوا ينفذونه بقوة السلاح غير مهتمين بالمواقف الدولية أو الإدانات الأممية”.