فورين بوليسي: تحالف سعوي إسرائيلي جديد سيؤدي لعدوان إيراني كارثي بالمنطقة

واشنطن- مصدر الإخبارية:
قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن غياب الدور الفاعل للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وإمكانية التوصل إلى تحالف إسرائيلي سعودي جديد قد يثير عدوانياً إيرانياً كبيراً، وصراع كارثي وواسع في المنطقة.
وأضافت المجلة في مقال لكينيث إم بولاك من معهد “أمريكان إنتربرايز” حول الإستراتيجية الإيرانية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، أن أي تحالف إسرائيلي سعودي جديد في إطار مساعي التوصل لاتفاق تطبيع يتوجب النظر إليه كجزء من التزام الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، وليس بديلاً عنه.
وأضاف بولاك أن “تسخين إسرائيل حالياً الصراع يساعد إيران على وضع الدول العربية في معضلة أكثر حدة، وطرح خيار إما الانضمام إلينا والحصول على السلام والتجارة، أو الانضمام إلى إسرائيل والخوض في الحرب”.
وأشار إلى أن “إيران تخشى أكثر ما تخشاه حالياً حدوث مصالحة بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب، والمزيد من التقارب بينهم وإسرائيل”.
وأكد أن ” هذه الخشية تفسر جهود إدارة بايدن في دفع التطبيع بين السعودية وإسرائيل والوصول على التحالف النهائي، رسمياً أو بشكل غير رسمي، لأنه سيشكل خطراً على إيران، وربما يكون مفيداً جداً للولايات المتحدة”.
وشدد على أن “الجمع بين أقوى جيش إقليمي وأقوى اقتصاد عربي سيشكل عقبة رهيبة أمام المزيد من العدوان الإيراني، لهذا السبب يعمل الإيرانيون بجد لمغازلة السعوديين والدول العربية الأخرى، لإبعادهم عن الإسرائيليين والولايات المتحدة”.
وأوضح، أن “القيادة الإيرانية، ومنذ ثورة 1979، عملت بتصميم للهيمنة على الشرق الأوسط وطرد الولايات المتحدة وإسرائيل، من خلال الاعتماد على العصا لتخريب الدول العربية بالابتزاز، أو التمرد، بينما شنت حملة إرهابية لا هوادة فيها ضد واشنطن وتل أبيب”.
وتابع بولاك أن “أهداف طهران لطرد إسرائيل وأمريكا لم تتغير لكن الإيرانيين قد غيّروا إستراتيجيتهم الكبرى بطريقة أساسية مع العرف فقط من العصا إلى الجزرة”.
واستطرد أن “إيران اكتشفت أن الجزرة يمكن تكون جيدة في السياسة الخارجية وتقدم حالياً في كل مكان حوافز إيجابية للتعاون، وتقلّص، في الغالب، من تكتيكاتها القوية، لكن السؤال الذي يواجه الولايات المتحدة الآن هو كيفية تعديل سياستها في المقابل”.
واستدل على تحول إيران من سياسة العصا إلى الجزرة “بالتحول في السياسة الخارجية الإيرانية، كالوساطة الصينية بين إيران والسعودية، وهي الوساطة التي تمنح في ظاهرها الرياض أكثر مما تحصل عليه طهران، ونتيجة لذلك، استأنفت الدولتان العلاقات الدبلوماسية، بعد انقطاع دام عقداً من الزمن”.
وزاد بولاك أن ” الإيرانيين أعادوا العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، ويتطلعون إلى التعاون معها في قضايا النقل الجوي والبنية التحتية أيضاً، وصولاً إلى ذهاب أبو ظبي إلى حد الانسحاب من التحالف البحري الذي تقوده الولايات المتحدة في الخليج العربي، ووافقت على الانضمام إلى تحالف منافس مع إيران”.
ولفت إلى أن “إيران ذهبت أيضاً إلى عقد مناقشات هادئة مع البحرين، التي لم تغفر حكومتها لإيران محاولات مختلفة لتحريض شيعة البلاد على الثورة، ناهيك عن توقيع اتفاق تنمية جديداً مع عمان، وتطبيع العلاقات مع مصر”.
ولفت إلى أنه “بالمثل، استأنفت طهران المحادثات مع تركيا (وروسيا ونظام الأسد في سوريا) حول إيجاد حل لمشاكلهم المشتركة في العراق وسوريا، بالإضافة إلى ترتيب جديد لمقايضة النفط مقابل الغاز مع العراق، حيث يسيطر حلفاؤهم على الحكومة حتى أكثر من الماضي”.
وأكد على أن “الأكثر إثارة للدهشة هو أن إيران اقترحت منتدى إقليمي من دون الولايات المتحدة أو إسرائيل، والتي تحظى ببعض الزخم بطريقة لم تكن لتتخيلها قبل عقد من الزمن، خاصة مع إنهاء وزير الخارجية الإيراني لتوّه جولة في الخليج في أربع دول نالت الاستحسان للإيرانيين، كما لم يحصل من قبل”.
وشدد على أن “كل هذا لا يعني أن الأمور على ما يرام بين الإيرانيين والعرب، فلا يمكن لإيران تجنب الخلافات مع الكويت حول حقل غاز مشترك، ومع الإمارات حول الجزر الثلاث التي استولى عليها الشاه قبل سقوطه، ومع السعوديين بشأن استمرار تزويد الحوثيين بالأسلحة في اليمن، إلا أن التطورات الأخيرة على مسار الخارجية الإيرانية تعتبر هجوماً ساحراً وحقيقياً بالمعايير الإيرانية”.
ونبه أن ” لفتات السلام والمحبة للجيران العرب لم تمتد إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، فلا يزال الإيرانيون يواصلون معهما سياسة العصا، قدر ما يستطيعون”.
وبين بولاك أن” البحرية الإيرانية تواصل مضايقة السفن الأمريكية في الخليج، وقد هاجمت مؤخراً، أو احتجزت، ناقلات النفط المرتبطة بواشنطن وتل أبيب خمس مرات على الأقل، في الأشهر الستة الماضية”.
وقال إن “الإيرانيين كثفوا دعمهم لمختلف الجماعات الفلسطينية، في وقت زاد حلفاؤهم ووكلاؤهم من بين الميليشيات الشيعية في العراق من مضايقاتهم للقوات الأمريكية هناك، ونفس الشيء يفعلونه في سوريا”.
ورأى بولاك ” أن إطلاق صفقة الأسرى الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران تتعلق بحاجة طهران الماسة إلى المال، أكثر من أي مصلحة في انفراج حقيقي”.
وأكد على أن أن “فك ارتباط الولايات المتحدة المستمر التزاماتها بالشرق الأوسط، من باراك أوباما ودونالد ترامب، والآن من قبل جو بايدن، قد خلقَ فرصة لطهران، ما جعل حلفاء واشنطن في المنطقة مرعوبون، من أنها لن تسارع لحمايتهم بعد الآن من التخريب الإيراني، أو حتى العدوان المباشر”.
وعبر عن اعتقاده بأن “أداء بايدن كان أفضل في هذا المجال، لكن لم ينس أيٌّ منهم كيف سخرَ ترامب من فكرة الدفاع عن السعودية والإمارات من هجوم إيراني مباشر، في عام 2019، ما أدى إلى قلب 40 (أو حتى 75) عاماً من السياسة الأمريكية”.
واستنتج بولاك أن تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها في المنطقة خلق شعوراً لدى حلفاءها في الشرق الأوسط بالحاجة إلى تقليل اعتمادهم على واشنطن، والبحث عن أصدقاء جدد وداعمين محتملين أبرزهم الصين وروسيا والهند وبعض الدول الأوروبية”.
وشدد على ان “عدوانية طهران المستمرة تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل مكملة لإستراتيجيتها العربية”.
اقرأ أيضاً: نتنياهو المهمش واليائس يعود إلى التحذيرات المروعة بشأن إيران