جيل جديد يقاوم الاحتلال في مخيم جنين

ترجمات-حمزة البحيصي

بعد الهجوم الإسرائيلي الواسع النطاق على جنين الشهر الماضي، شعرت أن الرد الفلسطيني هذه المرة كان مختلفاً عن المعتاد.

وعلى الرغم من الدمار الشامل في مخيم اللاجئين والشوارع والمباني، بدا أن إسرائيل لم تحقق سوى القليل جداً من حيث القضاء على الجماعات المسلحة الأساسية.

عند وصولي إلى فلسطين بعد الهجوم، استغرق الأمر عدة أيام لترتيب زيارة المخيم، في غضون ذلك، قابلت أقارب وأصدقاء، واكتشفت شيئًا مذهلاً: بناتهم وأبناؤهم يعرفون تفاصيل “شهداء” نابلس وجنين، الشبان الذين قُتلوا في المواجهات الأخيرة مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. الجيل الجديد لديه مجموعة جديدة من الأبطال.

في منتصف يوليو (تموز)، اصطحبني أحد الأصدقاء إلى مخيم جنين، وفي الطريق رتبنا للقاء ناشط محلي بارز كان ينتظرنا عند الوصول. قدم لنا مضيفنا مجموعة من الأشخاص الذين يقفون بالقرب من مركز شباب المجتمع، وقد أدهشتني الابتسامات المنتصرة على وجوههم.

كنت حريصاً على أن أطرح معهم فكرة “قواعد الاشتباك” الجديدة في الصراع المستمر مع إسرائيل.

كان عدد ضحايا هجوم جنين الأخير ضئيلاً نسبياً، حيث قُتل 12 شخصاً، من بينهم العديد من المراهقين. قال والد شاب أصيب إن ابنه جاء إلى جنين لمساعدة الناس، وأظهرت لقطات فيديو أن الشاب البالغ من العمر 22 عاماً كان أعزل عندما أصيب بنيران إسرائيلية.

في غضون ذلك، يقول مقاتلو المقاومة الشباب في المخيم إن الجيل الأكبر، بمن فيهم الرجال الذين قاتلوا خلال الانتفاضة الثانية، نقلوا دروساً: “لا يجب أن تجعل من نفسك هدفًا سهلاً. نحن نحتاجك حياً.

شرح بعض الرجال الذين تحدثت معهم كيف تحولوا إلى “إعادة انتشار تكتيكي” – وهي استراتيجية تتضمن التمسك بمبادئ الحرب غير المتكافئة، باستخدام مجموعات صغيرة ومواجهات سريعة، بدلاً من المعارك العسكرية واسعة النطاق.

اقرأ/ي أيضا: بقيمة مليون دولار.. الحكومة اليابانية تُقدم دعمًا طارئًا لإعادة إعمار مخيم جنين

لكن في رأيي، لم يجيب هذا على السؤال: لماذا نحمل السلاح في منطقة مكتظة بالسكان؟ أجاب شاب بآثار إصابات حول عينيه بصراحة: “إذا حققنا مكاسب سياسية، فسوف نلقي بنادقنا”.

وأضاف: “ليس لدينا عملية سياسية. يهاجمنا المستوطنون في كل مكان وعلينا حماية أنفسنا”.

وقال مقاتلو المقاومة الشباب إنهم لا ينوون مواجهة غير قوات الاحتلال الإسرائيلي. كان هدفهم هو تجنب مواجهة السلطة الفلسطينية، لكن إذا لم تستطع السلطة الفلسطينية وقف الهجمات الإسرائيلية، فحينئذٍ كان على أحد ما أن يصعد.

يقول السكان إن مخيم جنين يقع في موقع معرض للخطر بشكل خاص، أسفل تل مرتفع حيث يمكن للقناصة الإسرائيليين استهدافهم بسهولة.

تضيف هذه الهشاشة بعداً آخر للبراغماتية الناشئة داخل المخيم، مع عدم وجود رؤية لحركة تحرر وطني أوسع. يبذل الناس ما في وسعهم للدفاع عن أنفسهم والمقاومة.

وسط هذه الخلفية، تتمثل إحدى السمات الرئيسية للمخيم في الوحدة التي تطورت، سواء بين الفصائل السياسية أو بين الأجيال.

الشباب في العشرينات والثلاثينات من العمر هم الجيل الجديد من المقاومة. ويقدر السكان أنه لا يوجد سوى بضع مئات من المقاتلين المسلحين من بين أكثر من 15 ألف شخص في المخيم، بينما يعمل شبان آخرون على بناء هياكل للدفاع المدني وتحصينات المخيم.

وسلط هؤلاء الشباب الضوء على أهمية المقاومة الشاملة، مشيرين إلى أن “الكلمات قد تكون أهم عامل في الصراع”. يرحبون بالمناقشات النقدية، ويشرحون كيف أن الموسيقى والفن جزءان أساسيان من معركتهم. في الليل، يجتمع الناس في المخيم ويغنون معاً ويتبادلون النصائح.

بعد مغادرتي المخيم، فهمت أن مصطلح “استسلام” لم يكن موجوداً في القاموس هناك. للمضي قدماً، فإن الافتقار إلى عملية السلام، إلى جانب اليأس المتفشي وتعميق الاحتلال، سيستمر في إثارة أنواع جديدة من المقاومة.

المصدر: ميدل إيست آي