تطبيع السعودية وإسرائيل.. تخوفات من هدية مجانية للاحتلال على حساب الفلسطينيين

صلاح أبو حنيدق- يوسف إبراهيم- خاص مصدر الإخبارية:
أثار تصاعد الحديث عن اتفاق تطبيع مرتقب بين السعودية وإسرائيل، تساؤلات عدة في الشارع الفلسطيني حول ما قد يحمله أي اتفاق بين الجانبين، من إيجابيات وسلبيات للقضية الفلسطينية، خاصة وأن للرياض وزناً عربياً وإقلمياً وتأثيراً كبيراً في الشرق الأوسط.
وتشترط الرياض لتوقيع اتفاق تطبيع مع تل أبيب، الحصول على ضمانات أمنية أمريكية، ومساعدة في تطوير برنامج نووي مدني، والبدء في عملية سلام مع الفلسطينيين تقوم على مبدأ حل الدولتين.
وتباينت أراء محللين سياسيين، حول إيجابيات وسلبيات توصل السعودية لاتفاق تطبيع مع إسرائيل بالنسبة للقضية الفلسطينية.
وقال المحلل السياسي حسام الدجني، إن تطبيع السعودية مع إسرائيل سيعني هرولة دول العالم الإسلامي والعربي نحو عقد اتفاقات مماثلة مع تل أبيب، على اعتبار أن الرياض تشكل قائداً للعالم الإسلامي، وتحديداً الإسلام الوسطي السني”.
وأضاف الدجني في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “هرولة عدد من الدول بعد الرياض نحو التطبيع سيشكل مساساً بالحقوق الوطنية الفلسطينية انطلاقاً من أن مبادئ الأمم المتحدة تنص على أن الأرض مقابل السلام، في حين حولها قطار التطبيع إلى سلام مقابل سلام”.
وأشار إلى أن “تطبيع الدول، وفق قطار التطبيع القائم على السلام مقابل السلام، يُشكل هديةً مجانيةً لإسرائيل، وانقلاباً على مبادرة السلام العربية التي تنص على أنه لا تطبيع مع الاحتلال دون سلام مع الفلسطينيين، ما يشكل سلبيةً ذات بعد استراتيجي”.
ورأى الدجني أن “أي تطبيع دون دفع أثمان يُعتبر مكافأة لإسرائيل”، مشدداً على أن “الإيجابية الأكبر للسعودية ستكون في إطار البرنامج النووي السلمي الذي تطمح من خلاله أن تكون رائدة في الشرق الأوسط من خلال ابتزاز الولايات المتحدة ومساومتها”.
وشدد على أن “تعيين السعودية سفير للملكة لدى فلسطين في الأردن، إشارة إلى أنها قد لا تنسى القضية الفلسطينية”.
ولفت إلى أنه “ليس من المنطق القول بأن السعودية ستذهب للتطبيع بعيداً عن القضية الفلسطينية، كون أي خطوة في هذا الإطار ستفقد الرياض الكثير من هيبتها ومكانها، لاسيما قيادتها العالم الإسلامي، في ظل وجود تنافسية”.
ونوه الدجني إلى أن “مكانة المملكة ودعمها القضية الفلسطينية أكبر بكثير من امتلاكها برنامج نووي مدني أو غيره”.
من جانبه، قال المحلل السياسي هاني العقاد إن “التطبيع سيترك أثراً سلبياً على الفلسطينيين في حال اكتفت السعودية بالقبول بوعود وضمانات تتعلق بالقضية الفلسطينية وحل الصراع ووقف الاستيطان في الضفة الغربية والقدس، بعيداً عن اتفاق ملزم وحقيقي لإسرائيل”.
وأضاف العقاد في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “أي ضمانات ووعود، حتى لو كانت من الولايات المتحدة، لا يمكن الوثوق فيها، وتُعد تسويفاً للأمر وتهرباً منه”.
وأشار العقاد إلى أن “واشنطن تضغط الآن لإحراز تقدم كبير في التطبيع بين الرياض وتل ابيب قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام المقبل، في إطار رغبة الرئيس الأمريكي جو بايدن في حشد أكبر قدر من أصوات الناخبين”.
ورأى العقاد أن “إحداث اختراق في الملف يتعلق، حالياً، بقبول الولايات المتحدة وإسرائيل شروط السعودية المعلنة مسبقاً المتعلقة بالملف النووي المدني، والحصول على ضمانات أمنية من واشنطن، وتقديم تنازلات للفلسطينيين وحل الصراع”.
ورجح أن الاجتماع بين الرؤساء، الفلسطيني محمود عباس والمصري عبد الفتاح السيسي، والأردني الملك عبد الله الثاني المنعقد اليوم الأحد 13 آب (أغسطس) 2023 في مدينة العلمين الجديدة المصرية “يأتي في إطار توجيه رسالة موحدة وداعمة لمطالب الرياض، خاصة في الملف الفلسطيني، وإنهاء الصراع من خلال مبادرة السلام العربية”، التي أقرتها القمة العربية في العاصمة اللبنانية بيروت في 29 آذار (مارس) 2002.
وتوقع العقاد أن “ينعكس التطبيع بين تل أبيب والرياض إيجابياً على الفلسطينيين، في حال نجحت السعودية في تحقيق شروطها الخاصة بوقف الاستيطان وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة لها”.
ولفت إلى أنه “في حال حدث التطبيع وفقاً لما جرى مع الدول العربية الأخرى في وقت سابق (اتفاقات إبراهيم)، فإنه سيكون كارثياً، وعبارة عن هدية مجانية للاحتلال”.
وكان مسؤولون أميركيون كبار قالوا إن “فرصة التوصل إلى اتفاق يشمل التطبيع بين السعودية وإسرائيل، بمشاركة الولايات المتحدة، لا تزال منخفضة.
وأضاف المسؤولون لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن “نسبة التوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية تتراوح بين 30 و35 في المئة”.
وأشار المسؤولون إلى أن “طريق المفاوضات في شأن التطبيع معقدة جداً وطويلة، وستكون القضية الفلسطينية الأخيرة على سلمها”.
وتابع المسؤولون أن “هناك قضايا رئيسة قبل القضية الفلسطينية، أبرزها الاتفاق النووي والدفاعي، بعدها سيكون الفلسطينيون على جدول المباحثات لمنحهم شيئاً ما”.
وأضافوا أن “المباحثات حول مذكرة التفاهم غير المكتوبة في شأن ملف إيران مع الولايات المتحدة لا تزال مستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام، وتتركز، حالياً، حول اطلاق السجناء الأمريكيين”.
وأكدوا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يخشى أن تكون صفقة الأسرى التي أعلن عنها أخيراً بداية تفاهم أو اتفاق حول الملف النووي”.
وشددوا على أن صفقة الأسرى لا تعني العودة للاتفاق النووي، وتأتي فقط في إطار الترويج لقضايا أخرى مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2024″.