عمال النظافة بمستشفيات غزة.. أجور أدنى من مقومات الحياة

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

مقابل ساعات عمل طويلة، يتقاضى عمال النظافة في المستشفيات بقطاع غزة أجورًا دنيئة وغير منتظمة، لا تتناسب مع طبيعة وظروف العمل التي تحمل في بعض الأحيان نوعًا من الخطورة وافتقار لأدوات السلامة، وظروفهم المعيشية القاسية، وعدم تطبيق القانون الفلسطيني.

يقضي عامل النظافة عبد الله يونس يوميًا قرابة 9 ساعات عمل في قسم الطوارئ في المستشفى الأوروبي، مقابل راتبٍ غير زهيد وغير منتظم، فعدم تمكنه من إكمال تعليمه ضيّق فرص العمل أمامه، فوجد نفسه مضطرًا لأي فرصة، “الحاجة والوضع المعيشي جعلني مضطرًا للاستمرار في هذا العمل”، يقول لـ”شبكة المصدر الإخبارية“.

ويعمل الشاب الثلاثيني يونس في ظروف عمل خطرة من الجانب الصحي خاصة في قسم الطوارئ، خصوصًا أنه مريض ضغط، ولا يتجاوز راتبه الـ 770 شيكلًا ويعيل 10 أفراد من عائلته، بالإضافة إلى والدته مريضة القلب التي تحتاج إلى عمليات وعلاجات بشكل مستمر، وأيضًا أطفاله.

يقول: “رغم الكثير من العواقب التي نواجهها خلال عملنا في نظافة أقسام المستشفى إلا أن أكبر همومنا تتمثل في مواعيد صرف الرواتب لأننا منذ ثلاثة أشهر لم نتلقاها”.

ويضيف: “تراكمت علينا الديون ما سبب لي إحراج كبير مع أقاربي وصاحب السوبر ماركت، ولدي ستة أطفال في المدارس لم أستطع توفير لهم كسوة وقرطاسية للمدرسة”.

وبصوت مكلوم يصف يونس حاله بعدم تمكنه من توفير أدنى متطلبات الحياة أطفاله، معبرًا عن آماله بإعادة النظر في الأجور، والانتظام في مواعيد صرفها خاصة في الأوضاع المعيشية الصعبة والحصار على غزة.

وبحسب قانون العمل الفلسطيني رقم (7) لسنة 2000، في المادة (82)، نص على وجوب دفع الأجر للعامل بالنقد المتداول قانونًا شريطة أن يُدفع وفقًا لأيام العمل ومكانه، وفي نهاية كل شهر للعاملين بأجرٍ شهري، كما لا يجوز تأخير دفع أجر العامل أكثر من خمسةِ أيام من تاريخ الاستحقاق.

معاناة أخرى

“يعرض عليّ أهالي المرضى في المستشفى مبلغ مالي رمزي، مقابل اهتمامي بمريضهم ونظافته، فأقبل لأنني بحاجة إليهم، نظرًا لوضعي المعيشي في المنزل وانتظار عائلتي ليّ من أجل توفير القوت اليومي من وراء أهالي المرضى” هذا ما قالته عاملة النظافة في إحدى المستشفيات دعاء سالم.

منذ ثلاث سنوات تعمل العشرينية في هذه المهنة، فهذه الوظيفة المتكئ الوحيد لها في إعالة 6 أفراد من عائلتها، غير مكترثة لتعبها الجسدي والنفسي.

وتشتكي دعاء من عدم انتظار رواتبهم لأشهر، وأيضًا من عدد الساعات التي تصل مدة عملها إلى 9 ساعات يوميًا، مما سبب لها إرهاق كبير، وتعود إلى منزلها للارتياح وصعوبة الوقوف على قدميها.

لا حلول لرفع سقف رواتب عمال النظافة بمستشفيات غزة

من جانبه، يقول نبيل أبو عقلين الناطق باسم عمال شركات النظافة، إن ملف أجور عمال النظافة في المستشفيات شائك وكبير جدًا، ولم نتوصل مع الجهات المختصات وزارتي الصحة والمالية لأي حلول بشأن رفع سقف رواتبهم.

ويوضح أبو عقلين لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن راتب العمال يصل لـ700-770 شيكل ولن تعود بمنفعة كبيرة عليه، مشيرًا إلى أنّ غالبيتهم يعيلون أسرتين ويضطرون إلى الديون مما جعل بعضهم معرضون للحبس.

ويؤكد أنّ ليس هناك أذن صاغية لمطالبنا برفع رواتبهم وتطبيق القانون الفلسطيني كما طبقته الضفة الغربية، لافتًا إلى أن رواتب عمال النظافة دنيئة جدًا ويعملون في أخطر مهنة وكانت لهم تجربة الإضراب والجميع يعلم كيف كانت المستشفيات بدونهم.

ويطالب الجهات المعنية الوقوف بجانب فئة العمال، ومراعاة ظروفهم من استكمال واجبهم، مشيرًة إلى أنّ أيضًا هناك تأخير بصرف رواتبهم تصل لأكثر من ثلاثة أشهر.

لا مبررات

وفي السياق، يؤكد عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين د. سلامة أبو زعيتر، أن تطبيق القانون يوفر حماية لحقوق العمال ويحد من مساومتهم واستغلال ظروفهم وإهدار حقوقهم، وخاصة فيما يتعلق بشروط العمل ومقدرة الجهات التنفيذية على أعمال وتنفيذ قانون العمل والقرارات المرتبطة به كالحد الأدنى للأجور.

ويضيف لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أنه “عند الحديث عن واقع العاملين في شركات النظافة نجد انتهاك واضح للقانون وخاصة فيما يتعلق بشروط وظروف العمل والأجور، الأمر الذي يستدعي لتدخل قانوني وضبط لعلاقات العمل خاصة، أن بالإمكان وضع ضوابط لحماية العمال.

ويتابع: أن شركات النظافة تقدم عبر مناقصات لعطاء يخضع لمعايير للحصول على المناقصة الأمر الذي يمكن أن يتم وضع شرط لتطبيق قانون العمل على كل مشغل ضمن شروط المناقصة، وأن تراقب وزارة العمل مدى الالتزام حول أجور العمال هي أجور لا تلبي الحد الأدنى لمتطلبات الحياة وفيها ظلم وانتهاك للحقوق.

ويشير إلى، أنه يفترض أن لا تقل عن الحد الأدنى للأجور المقر رسميًا 1880 شيكلًا، وهو بالكاد يوفر للعامل وأسرته احتياجاتهم الأساسية في ظل الغلاء في الأسعار وأمام متطلبات الحياة.

ويلفت أبو زعيتر إلى أنّ عمال النظافة بمستشفيات غزة جزء من المجتمع لهم احتياجاتهم وحقوق يجب الحفاظ عليها وكن حقهم توفير متطلبات عائلاتهم وحق أبنائهم بالتعليم والرعاية الصحية.