نعم تكتب بغضب …

بقلم-
ماذا يعني أن يذهب إنسان إلى عقد حبل المشنقة ببطء، ثم يترك الجسد ليتدلى في الفراغ؟ …
بكل تأكيد، لم يكن خلال ذلك الوقت الثقيل المضطرب، يستمع إلى نوتات موسيقية أو عِظات مكررة حول ضرورة الصبر، وبكل تأكيد لم يكن يستمع إلى أي خطاب سياسي باهت ومكرر …
بل كان يرى حياته تتسرب رويداً رويداً من الحاضر، نحو ضباب نَهِم، يلُفها عاماً بعد عام بعد عام …
ليصبح بعدها الجسد مجرد تفصيل ثانوي في رحلة ألم طويلة وقاسية، مشبعة بالانكسارات …
هل كان يبحث عن خلاص فردي من شراسة الضجيج في رأسه المتعبة، فلجأ إلى خيار تعطيل الحواس كلها، حين فشلت الحواس أن تمنح الجسد بعضاً من طمأنينة، يواجه بها عنف الضجيج؟
هل كان يصنع رمزية جديدة للألم اليومي، والاختناق الخفي بين دقات الساعة؟ ولحجم الانتكاسات التي أصابت الروح منذ أطلت الحياة – الأفعى من جحر منسي في متاهات الوقت، لتبدأ في عصر الأجساد – الفرائس بمتعة سادية؟ …
إنها ليست الحالة الأولى التي تواجهنا فيها الحياة – الأفعى بأساليبها المميتة على امتداد الجغرافيا المطوقة بالضباب؟
الكثير من الأصدقاء الذين لم تحتمل هشاشتهم الانسانية أنياب الضغط اليومي المميت، فانفجرت أدمغتهم في بئر اليأس، بحثاً عن خلاص ما …
لنصبح نحن الذين نحيا حول حيواتهم القصيرة، فرائس جديدة للحزن القاسي، الحزن المميت …
أكتب عن يوسف النوري، الصديق الذي أطل من ثنايا الفيسبوك ليقول إن الحياة ممكنة، غير أنه لم يحتمل بشاعة الوقت المسموم، فرحل بصمت غير متكرث بصورة النهايات …
يوسف – بعيداً عن وجع تحول الجسد إلى خيار الرحيل الفردي بصمت – هو نتيجة التراكم القاتل والخبيث والمتعمد في “سياسات” التجاهل العامة لحجم الوجع اليومي في جغرافيا البلاد المنهكة بالخطابات والبيانات و”لجان المتابعة” على هامش لقاءات المصالحة، المكررة، المكررة، المكررة، المكررة، ال م ك ر رر ة بلا طائل …
حد الموووت …
لهذا كله نقول: رحم الله يوسف النوري …