المولدات الكهربائية.. فاتورة مضاعفة تُرهق جيوب الغزيين

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

“قيمة فاتورتك بلغت 300 شيقل” بذهول وبعينين واسعتين تجثم الصدمة عليهن قرأ الخمسيني أبو رامي مقداد رسالة وصلته بقيمة استهلاكه من المولدات الكهربائية البديلة، وكانت بمثابة قيمة مضاعفة عن متوسط الفواتير الشهرية التي اعتاد عليها منذ اشتراكه بخط مولد بديل ولم تزد عن 100 شيكل.

ضاعفت الأجواء الحارة في فصل الصيف مقداد وغيره من المواطنين استهلاك الطاقة الكهربائية من المولدات البديلة، التي يحتسب سعر كيلو الاستهلاك الواحد بقيمة 4 شواكل، وفق ما أقره بعض أصحاب المولدات.

يقول مقداد: “لا أستطيع البقاء بلا اشتراك خط بديل أمام انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، فموجات الحر المتتالية لا يمكن تحملها”، مشيرًا إلى أنه يحتاج التيار الكهربائي في كل مجالات حياته وأنه لا يعقل أن تتوقف الحياة في انتظاره.

وأقر بنبرة غضب لـ”شبكة مصدر الإخبارية” بأن “المولدات الكهربائية أصبحت عبئًا جديدًا، وباتت تستهلك مبالغ إضافية لم تكن في حسبانه لكنه يتحامل على نفسه، رافضًا العودة لأفكار أقل تكلفة وكانت أن تودي بحياة عائلته حينما نشب حريق قبل سنوات بسبب إيقاده للشموع داخل منزله”.

ويلجأ الغزيون إلى الاشتراك بمولدات الكهرباء شهريًا، وذلك في ظل انقطاع الكهربائي المستمرة لمدة ثماني ساعات تضاعفت ساعات القطع في فصل الصيف لتصل لـ12 ساعة يوميًا، بحيث يتم توصيل خط كهرباء لكل مشترك.

واشتكى مواطنون مشتركون من ارتفاع قيمة فاتورة المولدات، وهذا ما أرجع أصحاب المولدات سببه إلى تضاعف الاستهلاك بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وارتفاع درجات الحرارة.

ويعاني قطاع غزة منذ منتصف عام 2006 من أزمة الكهرباء حين قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلية محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع في 28 حزيران (يونيو) 2006 مما أدى إلى توقفها عن العمل بشكل كامل، ومنذ ذلك الحين تعاني المحطة من عجز كبير في الطاقة الكهربائية.

ويستخدم أهالي القطاع طرقًا عديدة للتغلب على انقطاع التيار الكهربائي، منها الطاقة البديلة (ليدات) وهي توفر الإنارة فقط وتنتشر بشكل واسع في منازل الفقراء الذين يحرمون من تشغيل المراوح أثناء انقطاع التيار، ونظام المولدات الكهربائية بتكلفة 4 شواكل على الكيلو الواحد وغالبية المشتركين هم من فئة الموظفين، أقر العديد منهم لنا أنها “أرهقت جيوبهم”.

معاناة جديدة

معاناة جديدة تطرق باب أبو علاء، الذي اضطر للاشتراك بالمولدات الكهربائية لأن طفله يعش على الأوكسجين داخل المنزل ومطلوب عدم انقطاع التيار الكهربائي.

“عائلتي مكونة من 7 أفراد وأحصل على يوميتي 20 شيكلًا فقط من صاحب العمل، بالإضافة إلى تكاليف العلاجات والحاجات اليومية التي لا أستطيع توفيرها كاملًة لعائلتي، والمولدات زادت الطين بلة لأن طفلي يعيش على الأوكسجين” هكذا لخص أبو علاء حياته وأزماته.

كحال سابقه وصلته رسالة نصية بأن قيمة فاتورة استهلاكه من المولدات ارتفعت من 80 لـ160 شيكلًا، متهما “أصحاب المولدات باستغلال أزمة الكهرباء لصالحهم”.

أما أم فؤاد فاشتكت من قيمة بيع الكيلو، فيقوم أصحاب المولدات من شراء الوقود من الشركة وبيعه للمواطن بـ4 شواكل على الكيلو، مطالبة باحتسابه بسعر 3.5 شيقل كما كان سابقًا.

وترى أم فؤاد أنّ فرض تسعيرة 4 شيكل على الكيلو استغلالًا وربحًا أضعاف مضاعفة وابتزاز للأسر الغزية، متسائلًة: “لماذا لا يوجد رقابة على أصحاب المولدات وفرض تسعيرة تخدم المواطن وليس ضده”.

وتتابع “نحن مرغمين على الاشتراك في المولدات الكهربائية للإنارة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وأن الليدات غير كافية نظرًا لاحتياجهم إلى الكهرباء في شحن أجهزتهم واضطرارهم لاستخدام بعض الأمور المتعلقة بالمنزل”.

وتردف أنّ المطلوب من الجهات الحكومية في قطاع غزة، تطبيق قرار بتحديد سعر جديد وتنظيم وضبط عمل المولدات الكهرباء والنظر بعين الاعتبار لأوضاعهم الاقتصادية.

موجة الحر

رئيس قسم العلاقات العامة بشركة المجدلاوي للمولدات الكهربائية محمد أبو علفة يوضح أن سبب ارتفاع فاتورة الشهر الماضي ناتج عن قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

ويشير أبو علفة لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة انعكس سلبًا على المشتركين زاد من ارتفاع استخدام المراوح والتكييفات.

وفيما يتعلق بتسعيرة الكيلو بـ4 شواكل، بيّن أن فرض هذه التسعيرة بسبب ارتفاع أسعار السولار بشكل تدريجي واليوم سعر لتر السولار 6.2، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار.

ما الحلول لأزمة المولدات الكهربائية؟

ارتفاع قيمة فاتورة المولدات الكهربائية تعبيرًا عن أزمة استمرار انقطاع التيار الكهربائي بغزة وتفاقمت أكتر بسبب موجة الحر الأخيرة لذلك ارتفعت القيمة الفاتورة، وفق قول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” صلاح عبد العاطي.

ويشير عبد العاطي إلى أن أزمة المولدات الكهربائية باتت حل ولكن باهظ الثمن، حاولت الحكومة من خلال تشكيلها لجنة مع رابطة أصحاب المولدات تقليل تسعيرة الكيلو بـ2.5 شيكل، لكن الرابطة أوضحت أن التكلفة تصل لـ3.5، وتم إقرارها إلى 3.5، ولكن عادت إلى 4 شواكل من أجل ربح أصحاب المولدات.

ويقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إنّ الإشكالية الحقيقية هي حالة الفقر والبطالة وعجز المواطنين من تأمين حاجاتهم اليومية بما فيها فاتورة الكهرباء “العادية”، والآن ظهرت العدادات الذكية.

ويتابع أن “حل الإشكالية مرتبطة بالحصار والانقسام والجباية والعقوبات المفروضة على غزة”، مؤكدًا أنّ المولدات ستبقى موجودة ما لم نجد حل ينهي أزمة الكهرباء.

ويردف عبد العاطي أنّ ذلك يتطلب تنازلًا من جميع الجهات بحيث وضع بدائل للكهرباء منها توفير الطاقة الشمسية للمواطنين وخاصة الفقراء وتخفيض الضرائب على الوقود.