ماذا يعني تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:
أعلنت وكالة فيتش عن تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأمريكية من “”AAA مثالي إلى “AA +” في ضربة رمزية لواشنطن عقب أزمة الديون الأخيرة التي عصفت بها قبل شهرين.
ويعتبر القرار سلبياً على الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم رغم محدودية تداعياته، لاسيما وأن سندات الخزانة الامريكية لا تزال تشهد طلباً عالياً في الأسواق العالمية.
ويعد التصنيف “AAA” الذي كانت تستحوذ عليه الولايات المتحدة على مدار 20 عاماً الماضية، أعلى مستوى تمنحه كبرى وكالات التصنيف العالمية “ستاندرد آند بورزو وفيتش وموديز” لديون حكومات العالم، وبمثابة دليل ومؤشر للمستثمرين على قدرتها على السداد.
ويبلغ عدد البلدان التي تستحوذ على تصنيف ائتماني مثالي “AAA” ثمانية وهي أستراليا وسويسرا والنروج وألمانيا وهولندا وسنغافورة والدنمارك ولوكسمبورغ.
وبحسب الخبير المالي الفلسطيني محمد سلامة فإن وكالات التصنيف العالمية تُقيم الحكومات العالمية والشركات وفقاً لعدد من المعايير، أبرزها معدل نمو الاقتصاد ومستويات الدين، والانفاق والعائدات الضريبية والتوتر والاستقرار السياسي.
وقال سلامة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن “قرار فيتش جاء مرتبطاً بدرجة أولى بتكرار الخلافات الأمريكية بشأن سقف الدين، والتي يجرى الاتفاق عليها تحت ضغوط كبيرة تلقي بظلالها على العالم”.
وأضاف أن “الخلافات بشأن رفع سقف الدين بعد وصول حجم الديون إلى 31 تريليون دولار أمريكي قبل شهرين، ووصوله إلى 130% مقارنة بحجم الناتج المحلي السنوي، خلق خلافات واسعة في الولايات المتحدة، وأنتج اتفاقاً في اللحظات الأخيرة قبل حدوث عواقب اقتصادية سلبية، لكن ذلك أعطى مبرراً لفيتش لخفض التصنيف”.
وأشار إلى أن “وصول حجم الناتج المحلي للولايات المتحدة 24 تريليون دولار سنوياً مقارنة بحجم ديون وصلت إلى 31 تريليون دولار خلق صعوبة في رفع سقف الدين، والاستمرار في الاستدانة”.
وأكد أن “لجوء الفيدرالي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة في إطار مكافحة التضخم تسبب في تراجع مستوى الدخل الحكومي في ظل انكماش قطاع الأعمال”.
وشدد على أن “قرار الخفض لن يكون له أضرار كبيرة على الولايات المتحدة، خصوصاً وأن الدولار الأمريكي يعتبر العملة الاحتياطية الأكبر في العام، والأولى في التجارة الدولية، ما يعني أن الطلب على شراء السندات الأمريكي سيبقى كبيراً”.
ولفت إلى أن “التأثير سيكون حال جرى تخفيض تصنيف الولايات المتحدة إلى B على سبيل المثال، ما يعطي إشارة على عدم قدرتها على قيادة العالم اقتصادياً، ولم تعد البلد الأكثر أمناً للاستثمار”.
من جانبه، قال المختص المالي، أيمن جمعة، إن قرار فيتش بخفض تصنيف الولايات المتحدة الائتماني ينعكس سلباً على الاقتصاد الأمريكي”.
وأضاف جمعة في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “الأثر المباشر لقرار خفض التصنيف سيؤدي لارتفاع تكلفة الاستدانة، خاصة وأن الولايات المتحدة قائمة على الديون مقابل نسبة فوائد”.
وأشار إلى أنه “كلما كانت نسبة المخاطرة عالية، تكون شروط الدول الدائنة أعلى، وتضع نسب فائدة كبيرة”.
وكانت وكالة فيتش، بررت قرارها لتخفيض التصنيف “بالتهور المالي المتوقع للثلاث سنوات المقبلة، ومفاوضات الحد الأقصى للديون بشكل متكرر والتي من شأنها التأثير على قدرة الحكومة الأمريكية على سداد ديونها”.
وقالت الوكالة في بيان إن ” الولايات المتحدة شهدت تدهوراً مطرداً على مدار 20 عاماً الماضية، خاصة على صعيد المشاكل المالية والديون، رغم الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في شهر حزيران (يونيو) الماضي لتعليق حد الدين حتى العام 2025″.
وأضافت أن خفض التصنيف يعكس “التدهور المتوقع للظروف المالية في السنوات الثلاث المقبلة” و”عبء الدين الحكومي المرتفع والمتزايد”.
وأشارت إلى أن “تآكل الحوكمة” على مدى العقدين الماضيين “والذي انعكس في تكرار الأزمات حول سقف الديون التي لم يتم حلها إلا في اللحظة الأخيرة”.
وأكدت أن النمو الأمريكي سيتأثر سلبًا بالركود، والذي سيحدث وفقًا لتوقعاتها في الربع الرابع من عام 2023 والربع الأول من العام 2024.
يشار إلى أن وكالة فيتش تأسست في عام 1913 ومقرها الرئيسي في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وتختص في تصنيف وتقييم جودة الديون والأوراق المالية المصدرة من قبل الحكومات والشركات والهيئات المالية العالمية.
وتعتبر وكالة فيتش، إلى جانب وكالتي موديز (Moody’s) وستاندرد آند بورز (Standard & Poor’s)، من بين الوكالات الثلاث الكبرى التي تتولى تصنيف السندات والأوراق المالية والتحقق من مدى قدرة المُدين على سداد الديون المستحقة.
وتقوم الوكالة بتحليل البيانات المالية والاقتصادية والسياسية للمُدين وتصنيفه بدرجة ائتمانية تعكس قدرته على تسديد ديونه ومدى استقراره المالي.
وتعتبر تصنيفات فيتش والوكالات الائتمانية الأخرى مهمة جدًا للمستثمرين والمؤسسات المالية لتقييم مخاطر الاستثمار واتخاذ القرارات المالية السليمة.