بعد انقلاب النيجر فرنسا تخشى من نفوذ روسيا وتأثيرها على شمال إفريقيا

ترجمة- مصدر الإخبارية

يهدد الانقلاب العسكري المستمر في النيجر الجهود الفرنسية والأمريكية لمحاربة الجهادية الناشئة في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.

وأصبحت النيجر دولة إقليمية رئيسية لفرنسا في أعقاب الانقلاب العسكري في مالي عام 2021 وما تلاه من قرار باماكو بقطع العلاقات الأمنية مع باريس. بعد أن دافعت عن المعركة ضد الجماعات الإسلامية المتطرفة في جميع أنحاء مالي لعدة سنوات، نشرت فرنسا حوالي 4500 جندي في شمال البلاد في إطار عملية برخان. واضطرت الوحدة لمغادرة مالي بعد قطع العلاقات الأمنية.

وتبلور مشهد مألوف على نطاق أصغر في فبراير الماضي في بوركينا فاسو عندما أعلن جيش بوركينا فاسو انتهاء التعاون مع القوات الفرنسية الموجودة في البلاد في إطار عملية صابر. وقررت الحكومة الانتقالية التي تشكلت في واغادوغو بعد الانقلاب العسكري في سبتمبر 2022 التخلي عن اتفاقيات الدفاع التي تربط البلدين.

بعد طردها من مالي وبوركينا فاسو، قررت باريس الاعتماد على النيجر (إلى جانب تعاونها الطويل مع جيبوتي) في جهودها لمحاربة الجماعات الجهادية الموجودة بشكل متزايد في منطقة الساحل وشمال إفريقيا وحتى في وسط وجنوب إفريقيا، بما في ذلك الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة وفروع الدولة الإسلامية الأفريقية وبوكو حرام.

بعد أن تعلمت باريس من خروجها القسري من مالي، اختارت نموذجاً جديداً: الدعم العسكري لجيش النيجر. كان هذا التحول يعني التدريب العسكري والمعدات والاستخبارات والموارد الجوية الفرنسية بدلاً من أن تشن فرنسا حرباً بمفردها. ومن المرجح أن يؤدي استيلاء الجيش على النيجر إلى إعاقة الجهود الفرنسية لتجديد التعاون الأمني في إفريقيا.

وتعتبر باريس وواشنطن وبروكسل الرئيس الموالي لغرب النيجر محمد بازوم أحد أهم حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة. إن إسقاط بازوم، إذا استمر، سيعني إسقاط التعاون النيجيري الفرنسي، مع تداعيات إقليمية كبيرة.

وجدد بيان صادر عن وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، الجمعة، الموقف الفرنسي الرافض للانقلاب، وأكد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “يواصل اتصالاته مع الرئيس محمد بازوم، رئيس النيجر المنتخب ديمقراطيا”.

وكان طرد فرنسا من مالي وبوركينا فاسو مدفوعاً جزئياً بحملة دعاية روسية وجهود كبيرة من قبل موسكو لكسب النفوذ في المنطقة. وتضمنت هذه الجهود وصول قوات فاجنر إلى جمهورية إفريقيا الوسطى في عام 2017 وإلى مالي في عام 2019. وعلى غرار حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى، عقد المجلس العسكري في مالي تحالفاً مع موسكو. كانت الصفقة تتمثل في أن تقدم شركة فاغنر خدمات أمنية لقيادة الدولة مقابل النفوذ السياسي وعقود إدارة المناجم والموارد الطبيعية المحلية الأخرى.

الانقلاب العسكري في النيجر يغير خريطة النفوذ الجيوسياسي لأفريقيا. بينما لا توجد مؤشرات في الوقت الحالي على أن موسكو لعبت دوراً نشطاً في الانقلاب، قال دبلوماسيون في باريس وبروكسل للمونيتور إن لديهم القليل من الأوهام حول ما ينتظر تحالفات النيجر. ووقع الانقلاب بالتزامن مع استضافة الرئيس الروسي بوتين للقمة الروسية الأفريقية في سانت بطرسبرغ وإعلانه عن شحنات قمح مجانية إلى ست دول أفريقية من بينها مالي وبوركينا فاسو. ويوم الجمعة، قال بوتين للزعماء الأفارقة في القمة إنه يدرس اقتراحهم بشأن اتفاق سلام مع أوكرانيا منذ شهرين.

من المرجح أن يؤثر السقوط المحتمل للنيجر تحت النفوذ الروسي على الوضع المتقلب في ليبيا المجاورة وكذلك علاقات دول شمال إفريقيا الأخرى مع فرنسا وبقية أوروبا. على سبيل المثال، دعمت حكومة بازوم جهود الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق المهاجرين الأفارقة عبر البحر الأبيض المتوسط، ووافقت على استعادة مئات المهاجرين المحتجزين في مراكز الاحتجاز في ليبيا.

وحذر رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد دبيبة بعد الانقلاب العسكري من أن زعزعة الاستقرار في النيجر سيتم الشعور به خارج المنطقة وحتى القارة.