الثانوية العامة ومؤشرات سوق العمل.. اختار صح

أقلام – مصدر الإخبارية

كتب: د. عبد الله جمال أبو الهنود آخر ما يطلبه سوق العمل في نصائح مقدمة لطلاب الثانوية العامة المقبلين على الجامعة، من أجل اختيار التخصصات اللازمة والمناسبة.

خلصت بعض الدراسات انه مع عام 2030 ستنتهي ما يقارب من 7 مليون وظيفة كما اكدت على ان هناك وظائف ذات طابع عالمي بغض النظر عن تطور الدول والنمو الاقتصادي.

بالرغم من صدق تلك الدراسات الا انني من هؤلاء الذين يعتقدوا ان سوق العمل والذي هو دائرة للتبادل الاقتصادي يبحث فيها الأفراد الراغبين في العمل عن الوظائف ويبحث فيها أصحاب الاعمال عن الأفراد المؤهلين الذين يمكنهم شـغل هذه الوظائف، أصبح يقاس بالوقت الراهن بالمستقبل من خلال اتجاه عام وهو مرتبط بالأساس بالنمو الاقتصادي للمجتمع وبالتالي تختلف الدول فيه.

فعلى صعيد الحالة الفلسطينية والتي ليست بمنعزل عن العالم على الرغم من خصوصية سوق العمل فيها وخصوصية الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من البطالة المزمنة المتقلبة على ارتفاع دائم “رغم فترات تاريخه سابقة من الانخفاض الي انها بقيت مرتفعة”.

نتيجة لعوامل عديدة لسنا بمقام ذكرها انكمشت قدرة سوق العمل في فلسطين على استيعاب العمالة الجدد ففي الوقت الذي كانت تستوعب ما يقارب ٨ الاف فرصة عمل سنوياً اصبحت تستوعب ما يقارب 3 آلاف فرصة عمل للأفراد الخريجين. هذا بالوقت الذي يبلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية ما يقارب 46,000 خريج وخريجة سنويا نصيب قطاع غزة منهم ما يقارب 20 ألف.

يتزامن ذلك مع بلوغ اجمالي عدد الطلبة المسجلين (على مقاعد الدراسة) بمؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة لوحدها ما يقارب من (88489) طالب وطالبة. موزعة على 23 مؤسسة في عام 2022.بالتزمن ذلك كله يصنف سوق العمل الفلسطيني انه من ضمن أسوء الاسواق اداء في العالم حيث بلغت نسبة العمالة الي السكان (مؤشر لرصد قوة الاقتصاد لتوليد الوظائف) 33.1% وهو ثاني ادني معدل على مستوي العالم.

كما يصنف سوق العمل في قطاع غزة لو تعاملنا مع بياناته بشكل منفصل عن فلسطين سنجد انه يصنف على انه الأسوأ عالميا ب 18% العمالة الي السكان. حيث يرتفع معدل البطالة بقطاع غزة لتتجاوز 54% وفق المفهوم الموسع للبطالة، ناهيك على ان الباحثين عن العمل (المفهوم الضيق للبطالة) فقد بلغ ما يقارب 320 ألف حسب الاعداد المسجلة في نظام معلومات سوق العمل الفلسطيني بقطاع غزة.

وعلي صعيد متصل نجد ان أكثر من 70% من الشباب في قطاع غزة في بطالة وهي النسبة الأعلى عالميا بالإضافة ان 78% من الشباب الذين هم في بطالة من حملة الشهادات دبلوم وأكثر فبلغ معدل البطالة للأفراد (20-29) الحاصلين على مؤهل علمي دبلوم متوسط أو بكالوريوس في بعض التخصصات علي سبيل المثال في تخصص إدارة الاعمال بلغ معدل البطالة ما يقارب 75%بينما في تخصص التعليم ما يقارب 74% ، في تخصص تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات ما يقارب 67%بينما بلغ معدل البطالة في تخصص الصحافة والاعلام ما يقارب 74%و في تخصص الفنون ما يقارب 78% بينما في تخصص القانون ما يقارب 76% …الخ .

يتزامن ذلك كله مع غياب الخطة الوطنية لتوسيع القدرة الاستيعابية لسوق العمل والخطة التنموية الفلسطينية التي تعتمد على توسيع القاعدة الانتاجية في ظل الانقسام الفلسطيني الذي ينتهك كل المؤشرات الإيجابية ويدمر أي فرص للتنمية المستدامة ولنمو الاقتصادي المستديم وبالتالي في اعتقادي انه ليس امام خريج الثانوية العامة سوي خيارين لا ثالث لهم.

الخيار الأول: ان يختار تخصص في دراسته يواكب الحداث العالمية والتطور الحادث في سوق العمل، ويمكنه ان يركز على بعض التخصصات الجامعية والتي تتمثل فيما يلي:

• الطاقة البديلة، هندسة الطاقة المتجددة، دراسات البيئة واعادة التدوير، هندسة تصميم الروبوتات، الذكاء الاصطناعي، الواقع الافتراضي، علوم البيانات الضخمة، طباعة ثلاثية الابعاد، امن الشبكات، الابتكار الجماعي.

وعليه عند اختيار أحد هذه التخصصات في المؤسسات التعليمية الفلسطينية يتأكد ان المؤسسة التعليمية لديها كادر أكاديمي مؤهل ويواكب التطور العلمي والمعرفي.

(على قناعة كاملة ان الجامعات في فلسطين بشكل عام وفي قطاع غزة يجب ان يتم إعادة هيكلتها وإعادة تأهيل وتدريب أساتذة الجامعات فيها وفق التغيرات العالمية في العلوم المختلفة بشكل عام وخلق كادر أكاديمي مؤهل لتخصصات جديدة تواكب الحداث العالمية والتطور الحادث في سوق العمل الدولي.). أو عليه أن يختار ما يحب من تخصصات اخري ولكن عليه خلال فترة هذه الدراسة ان يتعلم بالتوازي مهارة حرفة أي كانت تلك الحرفة ويعمل على إتقانها.

الخيار الثاني: الانعتاق الفردي والاعتماد على الذات والذي يتمثل في تطوير مهاراته الذاتية التي تعزز فرصة وجوده في الوظائف ذات الطابع العالمي فتلك الوظائف تعتمد على المهارات والخبرات أكثر من الشهادات والتخصصات بشكل عام فيجب ان يركز على تعزيز مهارة القدرة على تحليل المعلومات بشكل منهجي ونقدي، واستنتاج النتائج المنطقية واتخاذ القرارات المدروسة، والتدريب على تحليل المشكلات المعقدة واليات إيجاد حلول فعالة وابتكارية وتعزيز استراتيجية الإبداع والقدرة على التفكير خارج الصندوق.

بالإضافة الي تنمية مهارة القدرة على التواصل بفعالية وفهم احتياجات الآخرين وتبادل الأفكار والمعلومات بشكل واضح وفعال، وتنمية قدرة الاستماع الفعال والتحدث المنطقي والكتابة الموجزة.

كما يجب علي الطالب الجامعي او طالب الثانوية العامة في إطار بحثه عن التخصص المطلوب ليكون جزء من سوق العمل تطوير قدرته في فهم كيفية البحث عن معلومات موثوقة، وتقييم نقدي لمصداقيتها وأهميتها، واستخدامها بشكل معرفي منتج لدعم مكنزمات حل المشكلات.

بالإضافة إلى الكثير من المهارات والقدرات التي يجب ان يسعي الي تطوير ذاته فيها والحصول على تدريبات مختلفة بعيدا عن الدراسة الجامعية لتنميتها.

اقرأ أيضاً:جامعة الأزهر تعلن عن إعفاء بنسبة 50% للناجحين في الثانوية العامة