لماذا يعتبر انخراط الجيش بأزمة الإصلاحات القضائية في إسرائيل أمراً خطيراً؟

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:
أثار الانخراط السريع لآلاف الضباط وجنود الاحتياط في قطاعات مختلفة من جيش الاحتلال الإسرائيلي في الاحتجاجات الرافضة للإصلاحات القضائية التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو ورفضهم تقديم الخدمة، جدلاً واسعاً حول مستقبل صورة دولة الاحتلال القائمة على قوة الجيش العسكرية وتماسكه أمام التحديات التي يواجهها في المنطقة، وإمكان تحوله إلى لاعب رئيسي في السياسة الداخلية.
وأعلن أكثر من 10 آلاف من قوات الاحتياط في جيش الاحتلال، معارضتهم تقديم الخدمة العسكرية، كان أبرزهم المئات من سلاح الجو الإسرائيلي، وأجهزة الاستخبارات والوحدات الخاصة.
وبلغت نسبة التحاق جنود الاحتياط بوحداتهم في الجيش خلال الشهرين الآخرين أقل من 7% مقابل 90% في الأوقات العادية، وفق وسائل اعلام عبرية.
وبحسب خبراء في الشأن الإسرائيلي، يزداد الخوف في إسرائيل، من اتساع دائرة الرفضين لتقديم الخدمة العسكرية إلى قطاعات الجيش النظامية، ما يضع دولة الاحتلال في وضع خطير لم تشهده منذ نشأتها.
وقال الخبير عصمت منصور، إن “وصول الاحتجاجات إلى مشاركة قطاعات من جيش الاحتلال يدل على أن الشرخ الداخلي في إسرائيل وصل إلى مستوى غير مسبوق، وأن إمكانية حدوث تبديل في هوية الدولة ومنهجيتها والركائز التي قامت عليها قائمة حالياً”.
وأضاف منصور في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن “انخراط الجيش في الاحتجاجات يشكل ورقة حساسة كونه الركيزة الأساسية لقيام دولة إسرائيل”.
وأشار إلى أن “رفض تقديم الخدمة سواء من قوات الاحتياط أو غيرها يشكل هزة في أهم منظومة في إسرائيل، وهي الجيش، وتسيسه، وانتقال الخلافات من أورقة الحكومة والشارع الإسرائيلي إلى المؤسسة العسكرية”.
وأكد على أن “انخراط الجيش في قضايا سياسية في دولة تدعي الديمقراطية يؤثر على وحدته وقدرته على مواجهة التحديات التي تواجهه، لاسيما في ظل دولة كإسرائيل محاطة بالكثير من الأعداء بالمنطقة”.
وشدد على أن “انخراط وحدات من الجيش ورقة الضغط الأخيرة على حكومة نتنياهو”. منوهاً إلى أن الحكومة رغم إصرارها على تمرير الإصلاحات لا يمكنها تجاهل أصوات الجيش والجمهور الإسرائيلي، وستصل في النهاية إلى صيغة توافقية لإنهاء الأزمة.
من جانبه، وصف الخبير باسم أبو عطايا دولة الاحتلال الإسرائيلي بأنها “جيش له دولة” وليس “دولة لها جيش”، بمعنى أن الجيش الأساس الذي تقوم عليه دولة إسرائيل.
وقال أبو عطايا في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إنه “كلما كان جيش الاحتلال قوياً ومتماسكاً كلما طال عمر دولة إسرائيل”.
وأضاف أن “المشكلة فيما يجري من إصلاحات قضائية، أنها تشكل خطوة أولى لما سيجري بعد ذلك من عموم الدولة من فرض سيطرة لليمين المتطرف على أركانها وتمرير سياسات لبقائه وحسم أي قرارات مستقبلية، من بينها الصراع مع الفلسطينيين”.
وأشار إلى أن “ما يجري من إصلاحات عبارة عن ما اتفق عليه قبل 17 عاماً بعد انسحاب إسرائيل من قطاع غزة عقب اجتماع لأحزاب اليمين المتطرف، وما نتج عنه من تشكيل لجنة لتغيير نظام الحكم في إسرائيل بحيث لا يسمح لأي أحد بتمرير قرارات مصيرية دون موافقته”.
وتابع أن “اللجنة تغلغلت تدريجاً في النظام السياسي في إسرائيل، وكان أول قراراتها التعديلات القضائية بهدف تقليص صلاحيات المحكمة العليا ومنعها من وقف أي قرار لرئيس وزراء حال أراد القيام بأي عمل يغير شكل وهيكلية الدولة”.
وأردف أن “نتنياهو ليس جزءاً من اللجنة، ولم يكن مؤيداً يوماً لتغيير الحكم في إسرائيل، لكن بحكم وصوله إلى سدة الحكم وتشكيل حكومة تضم أكبر عدد من الأحزاب اليمينية والمتطرفة، وأنه يعاني من قضايا فساد، وبحاجة لتحقيق مصالحه، كلف بتطبيق هذه الخطة”.
وبين أبو عطايا أن “انضمام الجيش جاء على خلفية أن من لم يقاتل لبناء الدولة “أحزاب اليمين المتطرف خاصة الحريديم” يريدون الان السيطرة على الدولة وتغير نظام الحكم”.
وأكد أن الجيش التمس خطوة الأحزاب الدينية المتطرفة بعدما أصبحت تقود الدولة، مقارنة بالسابق عندما كان ينظر إليها كأعشاب ضارة، ولا تشكل مخططاتها وتصريحاتها أي أهمية على مسار الحكم ودولة إسرائيل.
وشدد على أن “الأزمة الحالية ضربت الأفكار التي تروج لها دولة الاحتلال بأنها ديمقراطية، وتجمع بين جميع الأحزاب العلمانية واليمينية وغيرها”.
ووفق وسائل اعلام عبرية يدرس وزير الدفاع يوآف غالانت يدرس الامتناع عن المشاركة بأي تصويت يتعلق بالإصلاحات حال لم يجري التوصل إلى تسوية.
وحذر رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي القادة السياسيين بأن “ضررا حقيقيا سيصيب كفاءة الجيش خلال 48 ساعة حال تمرير خطة الإصلاحات”.
ونقلت القناة الـ 12 الإسرائيلية أن كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية حذروا من أن ما تقوم به حكومة نتنياهو شديد الخطورة على النسيج الاجتماعي في إسرائيل، ومن شأنه شق الجيش والشعب على نحو لا يمكن توقع تداعياته السلبية، وإتاحة المجال لاستبداد يميني عقائدي متطرف، على حد قولهم.
يشار إلى أن الخوف الرئيسي في إسرائيل، أن تتحول خطوة جنود الاحتياط، إلى إضرار الجيش للتصدي لرفض منظم من وحدات الجيش المنظمة ونظيرتها الاحتياطية في مسائل مدنية وسياسية جديدة، وبالتالي خلق شرخ دائم بين القادة السياسة والعسكرية.