احتواء في الشمال وتفاقم الأزمة الداخلية

شؤون إسرائيلية – مصدر الإخبارية
احتواء في الشمال وتفاقم الأزمة الداخلية، تحليل مركز أطلس للدراسات، وفيما يلي التحليل كاملًا:
شهدت دولة وحكومة الاحتلال أسبوعًا طويلًا من حيث زخم الأحداث الداخلية والخارجية، فمن العدوان على جنين إلى أجواء التصعيد في الشمال إلى الصدامات الداخلية على خلفية التشريعات القضائية وسن قانون المعقولية بالقراءة التمهيدية وعودة الاحتجاجات، فضلًا عن إشارات غير متحفظة من قِبل أمريكا عن مستوى تأزم علاقة بايدن – نتنياهو.
كل تلك التحديات التي واجهتها حكومة نتنياهو، الأسبوع الماضي، هي بالأحرى عناوين لأزمة وتحديات مستمرة، بعضها مستجد له علاقة بطبيعة حكومة نتنياهو وأجندتها الداخلية، وهي جميعها مرشحة لمزيد التفاقم، لاسيما أزمتها الداخلية التي تحتل أهم العناوين في الإعلام الإسرائيلي وتحظى بتغطية واسعة، خصوصًا بعد رسائل جنود وضباط الاحتياط في وحدة النخبة (سييرت متكال)، وتهديدات طياري الاحتياط، وقبل ذلك جنود احتياط الوحدة 8200، الذين هددوا بأنهم سيتوقفون عن التطوع للتدريب والخدمة الاحتياطية في حال لم تتراجع الحكومة عن خطة تشريعاتها القضائية.
تعتبر الأزمة الداخلية التي تعيشها حكومة نتنياهو هي التحدي الأكثر خطورة على دولة الاحتلال من وجهة نظر المتابعين والمحللين، لما لها من تأثير كبير على الشعور بالأمن والوحدة والتماسك الداخلي، وإثارة مشاعر الخوف من الآخر، خوف الصهيوني من الصهيوني الآخر، وعدم الاطمئنان على مستقبل الحياة والاستقرار، الأمر الذي ترجمته استطلاعات الرأي الأخيرة، حيث أجاب 67% من الجمهور الإسرائيلي بأن لديهم مخاوف من حرب أهلية، وهي نسبة كبيرة جدًا واستثنائية، واعتبرت بمثابة قنبلة تحذير كبيرة.
مخاطر تداعيات الأزمة الداخلية لدولة الاحتلال لم تقتصر على الداخل؛ بل امتدت إلى الخارج، ففجرت أزمة علاقة بين بايدن ونتنياهو، وهي مستمرة منذ أشهر، بل وتزداد تفاقمًا بحسب الكثير من الإشارات والتسريبات، فمنذ أن شكّل نتنياهو الحكومة لم يحظَ بدعوة لزيارة البيت الأبيض، رغم إلحاحه في الطلب، واشترط بايدن دعوته علنًا بالتخلي التام عن أجندة نتنياهو القضائية، وفي رسالة شديدة الوضوح تم توجيه الدعوة لهرتسوغ، رئيس الدولة، لزيارة البيت الأبيض، التي من المُخطط لها أن تتم الأسبوع القادم. وفي إسرائيل، يرصدون بقلق كبير تفاقم الأزمة، ويعتبرون أن نتنياهو يغامر بالأمن القومي لإسرائيل في سبيل أجندته الخاصة، حيث إن تمتين العلاقة مع أمريكا من مُكونات الأمن القومي الإسرائيلي، وتزداد أهميتها في ظل زيادة حدة التوتر والصراع مع إيران، ومدى هشاشة التطبيع والإدانات الدولية للاستيطان. وقد حذر الكاتب توماس فريدمان، في مقال نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، من أن أمريكا قد تصل إلى إعادة تقييم علاقتها بإسرائيل، في حال تعارضت مصالح وقيم الدولتيْن.
الأزمة الداخلية في دورتها الأولى أدت إلى تراجع كبير لتأييد “الليكود” بحسب استطلاعات الرأي، وقد تقدم غانتس كثيرًا على نتنياهو، لكن نتنياهو نجح مؤخرًا في استعادة بعض الجمهور، لاسيما بعد عدوانه على قطاع غزة وعلى مخيم جنين، ولهجة دبلوماسية ومناورة أكثر في موضوع الإصلاحات القضائية، فعاد ليتقدم على جميع منافسيه، لكن لا زالت الاستطلاعات ترجح كفة كتلة المعارضة على الائتلاف الحكومي.
ومن الواضح أن نتنياهو لا زال في مرحلة المناورة من حيث التشريعات القضائية، فلا يريد أن يمنح المعارضة انتصارًا، ولا يريد أن يُغضب قاعدته الانتخابية والقيادات المتنفذة في “الليكود”، فضلًا عن شركائه في الائتلاف الحكومي؛ الأمر الذي يعني استمرار الأزمة وزيادة ترجمات الغضب الشعبي، لاسيما بعد أن صرح قائلًا – ردًا على رسائل الطيارين – أن الدولة يُمكن لها أن تستغني عن بعض أسراب الطائرات، لكنها لا تستطيع أن تستغني عن حكومة فاعلة.
أما على جبهة الشمال، فالحكومة وجيشها تتبنى المسار الدبلوماسي برغم التهديدات والتحذيرات التي تصدر عن مسؤولين أمنيين وسياسيين، والتوجه هو استيعاب ما يُوصف إسرائيليًا باستفزازات حزب الله طالما بقيت لا تشكّل تهديدًا على أمن المستوطنين، فسياسة الاحتواء عادة ما تتبناها حكومة الاحتلال في حال مواجهة عدو قوي أو تخشى مواجهته، وهي منذ سنوات تتبنى الاحتواء تجاه حزب الله، نظرًا لخطورة انفجار الوضع مع حزب الله، لما يمتلكه الحزب من قوة وإرادة.
أقرأ أيضًا: جيش الاحتلال يجري أعمالاً هندسية قرب الحدود اللبنانية