هل ستُشكل الاعتقالات السياسية صاعق التفجير لاجتماع الأمناء العامين المرتقب؟

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
تعتبر الاعتقالات السياسية شكلًا من أشكال التعدي على القانون الفلسطيني، كونها تُمثّل احتجازًا تعسفيًا يسهم في حرمان الأشخاص من حريتهم الشخصية ويُقيّد نشاطهم ويُعكّر صفو حياتهم.
وتلجأ الحكومات الديكتاتورية إلى ممارسة الاعتقال السياسي بحق النشطاء الفاعلين والمؤثرين داخل مجتمعاتهم بهدف تغييب الصوت الحُر وإخراس المُعارضين وإرغامهم على مغادرة البلاد والهجرة.
ويبقى السؤال المطروح على الطاولة، هل سيُشكّل استمرار الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية صاعق التفجير لاجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في القاهرة المقرر خلال الأيام المقبلة؟
محللان فلسطينيان أكدوا خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن السلطة تُخالف نفسها فيما تقول فتارةً تدعو لتهيئة الأجواء لاستعادة الوحدة الوطنية لمواجهة المخاطر الإسرائيلية المُحدقة وتارةً تنقلب على ذاتها بشرعنة الاعتقالات السياسية.
في السياق وجّهت فصائل فلسطينية دعوات صارمة للسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بضرورة وقف الاعتقالات السياسية وإطلاق سراح المعتقلين كبادرةِ حُسن نية لاجتماع الأمناء العامين المقرر في القاهرة.
سلوكًا شاذًا يخدم الاحتلال
يقول الكاتب والمحلل السياسي ناجي الظاظا، إن “السلطة تُمارس سلوكًا شاذًا باستمرار تقديم خدمات أمنية لصالح الاحتلال الإسرائيلي من خلال اعتقال الأسرى المحررين والمقاومين وهو أمرٌ لا يخدم الحالة الوطنية”.
وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “كان لزامًا على السلطة وأجهزتها الأمنية أن يكونا مسخرتان لخدمة أبناء شعبنا الفلسطيني ويُوفرا غطاءً حقيقيًا للمقاومين بدلًا من اعتقالهم وزجهم في غياهب السجون”.
وأشار إلى أن “الاعتقالات مرتبطة بعناوين سياسية واضحة رغم صدور أوامر قضائية بالإفراج عن عدد كبيرٍ من المعتقلين وفي مقدمتهم مصعب اشتية الذي أصبح رمزًا مقاومًا لم يُغيّر أو يُبدّل رغم كل ما تعرض له في سجون السلطة”.
وأكد على أن “اجتماع الأمناء العامين لا يُمكن نجاحه دون ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني لمواجهة الاحتلال بجميع الوسائل وبكافة السُبل، مستذكرًا ما حدث خلال زيارة رئيس الحكومة محمد اشتية لترمسعيا حينما تحدث إليه أحد المواطنين بعنفوان الفلسطيني الحُر قائلًا: “يا بتحمونا.. يا بتسلحونا”.
وأردف: “سيجتمع الأمناء العامون في القاهرة وجلّهم فصائل عمل وطني يتبنون خَيار الكِفاح المسلح ولديهم تاريخي نضالي طويل في مقارعة الاحتلال، وسيكون الاجتماع للتوافق على موقف وطني حقيقي لمواجهة عدوان الاحتلال ومستوطنيه بالضفة والقدس والداخل المحتل وغزة”.
من جانبه يقول الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا: إن “ملف الاعتقالات السياسية تصاعد خلال الفترة الأخيرة وتحديدًا عقب أحداث جنين الأخيرة”.
عامل مُفجر للقاءات الفلسطينية
وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “استمرار الاعتقالات السياسية قد تُؤثر سلبًا على اجتماع العامين من حيث المبدأ أو من حيث محرجاته في ظل الأجواء غير الإيجابية التي تفرضها سلوك السلطة وأجهزتها الأمنية”.
وأشار إلى أن “الاعتقال السياسي قد يُمثّل عامل مُفجّر للقاءات التي عُقدت خلال مراحل وسنوات ماضية، ومن المتوقع في حالة استمراره وتصاعده بهذه المرحلة أن يجر مزيدًا من التوتر بين الجانبين”.
وتابع: “سيكون التأثير على الاجتماع من حيث المبدأ متمثل في تأجيله أو إلغائه خاصةً في أعقاب البيان المشترك الصادر عن ثمانية فصائل فلسطينية والتي طالبت خلاله بضرورة وقف الاعتقال السياسي الذي يستهدف الأسرى المحررين خاصةً في مدينتي جنين ونابلس”.
من ناحيته دعا محمد البريم “أبو مجاهد” مسؤول المكتب الإعلامي للجان المقاومة الشعبية السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين تمهيدًا لعقد اجتماع أمناء عامين على المستوى المطلوب.
تعزيز شراكة حقيقية
وقال البريم خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، إن “ما يمر شعبنا الفلسطيني من تحديات واعتداءات وانتهاكات إسرائيلية يتطلب ضرورة تعزيز الشراكة الحقيقية المَبنية على الهَم الوطني في ظل المُعضِلاتْ الكبيرة التي تمر بها قضيتنا”.
وأضاف: “السلطة اليوم أصبحت أمام اختبار حقيقي مُتمثل في الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومنهم المقاومين الذين اعتقلهم الأجهزة الأمنية قبل أيام مما يُهيئ الأجواء والظروف أمام نجاح اجتماع الأمناء العامون”.
وأكد على أن “الجميع مُطالب اليوم بتوفير أجواء إيجابية لإنجاح لقاء الأمناء المرتقب في ظل الوضع الفلسطيني المأزوم على جميع المستويات للرد على إجرام الحكومة اليمينة المتطرفة بحق شعبنا”.
وطالب البريم بضرورة دعوة جميع الفصائل الفلسطينية للمشاركة في اجتماع الأمناء العامين بعيدًا عن الانتقائية والمزاجية بما يُحقّق شراكة حقيقية، كون الجميع مُوحد أمام الاحتلال وعدوانه بحق شعبنا وقضيتنا الوطنية.
وشدد على ضرورة تجريم التنسيق الأمني مع الاحتلال وإطلاق يد المقاومة في الضفة الغربية للرد على الجرائم الإسرائيلية المُرتكبة بحق أبناء شعبنا بغطاءٍ أمريكي وتواطؤ بعض الأنظمة العربية الرسمية من خلال تطبيعها مع الاحتلال.
411 انتهاكًا في الضفة الغربية
بحسب مركز المعلومات الفلسطيني “معطى” فقد نفذت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية 411 انتهاكاً في الضفة الغربية، خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي.
وتزامنت تلك الانتهاكات مع تسارع وتيرة انتهاكاتها بحق المواطنين وخاصة الأسرى المحررين والمعتقلين السياسيين السابقين في سجون الأجهزة الأمنية.
وأشار “معطى” إلى أن الانتهاكات وحملات الاعتقال والمقع تركزت ضد الطلبة الجامعيين، ونشطاء الكتلة الإسلامية في جامعات الضفة المختلفة بشكلٍ خاص.
ووفقًا لشهادات المُفرج عنهم، فإن المعتقلين السياسيين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الوحشي والتنكيل في انتهاكٍ صارخ للقانون والدستور.
وأوضح “المركز” أن انتهاكات السلطة توزعت ما بين 120 حالة اعتقال و35 حالة استدعاء و20 حالة تعذيب وشبح و10 حالات اعتداء وضرب و26 عملية دهم لمنازل وأماكن عمل.
كما شملت 85 حالة قمع حريات، و10 حالات اختطاف، و60 حالة محاكمات تعسفية و27 حالة تدهور وضعها الصحي، فضلاً عن 18 حالة ملاحقة وقمع مظاهرات وانتهاكات أخرى.
فيما كثّفت السلطة ضغوطها على مقاتلي “كتيبة بلاطة” في نابلس شمال الضفة الغربية، لتسليم أنفسهم، وهددتهم باجتياح قوات الاحتلال للمخيم والقضاء عليهم. وفق معطى
انتهاكًا خطيرًا للقانون
ودعت فصائل فلسطينية، السلطة الوطنية، إلى الاستجابة للأصوات المُنادية بضرورة وقف سياسة الاعتقالات السياسية، لما تسببه من تداعيات خطيرة على التلاحم الوطني والسلم الأهلي والمجتمعي.
وعبّرت الفصائل الفلسطينية عن رفضها للاعتقالات السياسية بشكل عام وخاصة التي تستهدف قادةً، وكوادر، وأسرى محررين في الضفة الغربية.
واعتبرت الاعتقالات السياسية بأنها تُشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون، وسلوكاً خارجاً عن الإجماع الوطني، مطالبةً قيادة السلطة والأجهزة الأمنية بالتوقف الفوري عن ممارسة هذه السياسة المرفوضة شعبيًا ووطنيًا.
وطالبت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالضفة الغربية إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين.
وشددت على أن استمرار الاعتقالات والانتهاكات من قبل أجهزة أمن السلطة لا يساهم في تهيئة الأجواء والمناخات الإيجابية أمام الدعوة التي وُجهت لعقد اجتماع الأمناء العامين لتحقيق الوحدة الوطنية في مواجهة مشروع ضم الضفة وتهويد القدس.
ولفتت إلى أن الاعتقالات السياسية تشيع أجواءً سلبيةً ستؤثر على الجهود الوطنية الرامية لاستعادة الوحدة في مواجهة الاحتلال وحكومة المستوطنين الفاشية.
وأكدت الفصائل الفلسطينية على ضرورة انحياز السلطة إلى الشعب وقواه الحية الثورية ومقاومته الشعبية قبل فوات الأوان، من خلال التخلي عن هذا المسار المدمر والتوقف عن التعلق بالأوهام الأمريكية.