جرس التحذير الاستراتيجي
الكاتب: عومر دنك طيار سابق في سلاح الجو الاسرائيلي
ترجمة مصطفى ابراهيم:
حجتي الرئيسية هي أن نصرالله قرر أن يمر بمرحلة ليخلق احتكاكًا مستمرًا مع دولة إسرائيل، من أجل الحد من حريتها في العمل على المستوى العملي (في لبنان والمعركة بين الحروب والشرق الأوسط). ومن أجل إضعاف صورة قوتها قدر الإمكان.
لنبدأ بالهدوء – لا أعتقد أن حزب الله مهتم بالحرب إلا في حالة هجوم إسرائيلي على إيران. ستكون الحرب في الشمال لأن إسرائيل هي من بدأتها، أو لأن القتال خرج عن السيطرة. نصرالله لا يعتقد أنه يستطيع غزو إسرائيل أو احتلال الأراضي والاحتفاظ بها، وأفترض أنه عقلاني لغرض التحليل، كما كان في الثلاثين عامًا التي قضاها على راس الحزب.
التغيير الاستراتيجي بدأ بالفعل بانتصار الأسد في الحرب الأهلية. في إسرائيل يتبنون حقيقة أن سنوات الهدوء الطويلة هي نتيجة الردع الذي تحقق في حرب لبنان الثانية، لكنني أعتقد أن سنوات الهدوء الطويلة كانت نتيجة لسببين رئيسيين (بالطبع هذه ليست الأسباب الوحيدة و الواقع هو أكثر تعقيدا):
الاستعدادات لمنع هجوم إسرائيلي على إيران في 2010-2 ، تعزز خلاله حزب الله بعشرات الآلاف من الصواريخ.
الحرب الأهلية في سوريا التي كانت تشكل تهديدًا وجوديًا لحزب الله، وبالتالي تجند للأسد وفقد المئات من المقاتلين. وقلب التدخل الروسي المعركة، واعتبارًا من عام 2018 كان انتصار الأسد واضحًا.
كما كانت إسرائيل في منتصف المعركة بين الحروب، وهاجمت شحنات السلاح إلى لبنان مما أجبر المحور على إجراء تعديلات وتغيير الخطط وإبطاء وتيرة القوة. التدخل الإسرائيلي والتغيير في الوضع في سوريا سمح لنصرالله بالسعي لتغيير الوضع (لتجنب الشك، هذه قصة إستراتيجية أستنتجها وليس لدي أخبار أو معلومات عن مثل هذا القرار).
التحرك لتغيير الواقع الاستراتيجي بدأ في اغسطس/ آب 2019 بعد حادثة الطائرة المسيرة في بيروت، انتظر نصرالله الفرصة ولم ينسحب من وسطه. بالتزامن مع هذا الحدث، تم إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على الحدود حيث كان الجيش الإسرائيلي يقوم بإخلاء الجرحى من صاروخ أطلقه حزب الله. هذان التحركان من قبل نصر الله حدثا في نفس الوقت.
من هذا المنطلق يمكن رؤية توجه يقوم فيه حزب الله بتقليص حرية إسرائيل في العمل، رداً على الإضرار بمقاتليه في سوريا، بينما تمتنع إسرائيل عن العمل. أضر حزب الله بحرية إسرائيل في العمل الجوي، لكن أكبر تغيير استراتيجي تمكن حزب الله من تحقيقه كان اكتساب الحصانة من الهجوم في لبنان.
بدلاً من الاعتماد فقط على شحنات الاسلحة عبر سوريا، الأمر الذي يتطلب لوجستياً وعرضة لهجوم إسرائيلي، تحول حزب الله إلى الإنتاج الذاتي. العواقب بعيدة المدى.
يصادف صيف 2019 انعطافة في أهداف حزب الله الاستراتيجية، وصيف 2022 يمثل تغييراً في أساليب عمل حزب الله. تهديد منصة القرش وإطلاق كاتيوشا من لبنان والهجوم على مفترق مجيدو وحادث الخيمة والمزيد. لقد نشط حزب الله، وبدأ الاحتكاك في أراضي دولة إسرائيل.
مشكلة إسرائيل هي عدم القدرة على إجراء حوار مع حزب الله غير “الذهاب للحرب” أو “أيام القتال”، وهو ما لا يتناسب مع الحديث الذي يجريه نصرالله. هذا تفكير يشل قدرتنا على الفعل، لأنه لا يسمح بالسيطرة على تطور التصعيد.
لا تجري الحكومة (حتى السابقة) مناقشة حول أهمية أن تكون إسرائيل سلبية وكيف يمكن توسيع حرية العمل. أولئك الذين لا يدافعون عن الحوار سينتهي بهم الأمر إلى الصمت. وبدلاً من مناقشة المشكلة، تكرر إسرائيل التصريحات بأن «حزب الله سيرتكب خطأً كبيراً». حان الوقت للتغيير حان الوقت للتغير حان الوقت للتقدم.
لا أصدق فكرة أن أحداث العام الماضي يمكن تفسيرها بزيادة المتمردين في لبنان، وكون حزب الله يسمح بالمزيد منهم. وهي لا تتناسب استراتيجياً مع هجوم مجيدو ولا مع منصة القرش. هذا تغيير حقيقي في حزب الله.
المشكلة في مسار العمل الإسرائيلي الحالي هي أنه إذا لم يتم الحديث عن المشاكل وتبييضها، فإنها تنفجر بضجة كبيرة. ليس الخوف من الذهاب للحرب، ولكن من أن إسرائيل تخزن الغضب والضغط بداخلها حتى تنفجر دون أن يكون لنا أي سيطرة عليها. التحدي للحكومة الإسرائيلية والجهاز الأمني هو تطوير لغة جديدة.