كيف يظلم قانون العمل حقوق النساء العاملات في غزة؟

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

تزوجت الصحافية خنساء (اسم مستعار) بعدما قضت سنوات في العمل الصحافي بقطاع غزة، وعندما قررت إنجاب طفلتها الأول فوجئت بأنّ إجازة الأمومة لها هي فصلها من العمل، فيما اعتبرته أنّ المؤسسات لم تحترم قانون العمل للنساء العاملات.

تقول خنساء لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إنها كانت تعمل في إحدى المؤسسات الإعلامية قبل حملها، بعقد سنوي ويتم تجديده في حال تم تقييمها بشكل جيد في العمل.

وتشير إلى أنّها مرّت خلال فترة الحمل بمشكلات صحية صعبة، اضطرت خلالها طلب الدوام من منزلها وقبلت المؤسسة بالأمر، لكنها تفاجأت خلال الدوام المنزلي أنهم أخبروها بأنّ عقدها أصبح 6 أشهر فقط، وليس كما هو متفق عليه سابقًا بأنه سنوي.

وتبين خنساء عند اقتراب موعد ولادتها علمت المؤسسة وقرروا حينها الاستغناء عنها، ورفضت الأخيرة طلب الموظفة باستئناف عملها وتوقيف قرار الفصل التعسفي، لكنهم وضعوا مبرر أن الراتب مدفوع الأجر لإجازة الأمومة.

وتقول أن في قانون العمل يحق لها أخذ إجازة الأمومة لمدة 10 أسابيع ومدفوعة الأجر، إلا أنهم استغنوا عنها بالرغم من اجتهادها في المؤسسة.

وتردف أنّها وقبل مرحلة الولادة تحدثت مع مساعدة مديرة المؤسسة للاستفسار عن الولادة وإجازة الأمومة، بدورها طمئنتها المساعدة بالقول: “احنا لو في موظفة ولدت بنعطيها 3 شهور إجازة مدفوعة الراتب”، ولكن الحال اختلف عند خنساء وفصلت من العمل، مما فاقم من أوضاعها النفسية التي أثرت بشكل كبير على صحة الأم حديثة الولادة، والتي كانت تعلق آمالاً كبيرًا على عملها في إعادة أسرتها، في ظل الأوضاع الاقتصادية الضيقة السائدة بالقطاع.

اضطرار النساء العاملات على ترك العمل

في معاناة أخرى، أرغمت سمة جميل (اسم مستعار) على ترك العمل رغم النفقات التي أُضيفت على كاهل أسرتها بقدوم طفلها الثالث، ففي قانون عمل مؤسستها فإن إجازة الأمومة غير مدفوعة الراتب، ومع كون زوجها عاطل عن العمل أيضًا ازدادت الحياة صعوبة بشكل أكبر.

وتقول بسمة لـ”شبكة مصدر الإخبارية” وضعت أمام خيارين أحلاهم علقمًا ما بين ترك طفلي بعد أسبوعين في مكان لن يكن أكثر آمانًا من حضن والدته وعودتي للعمل رغم عدم تشافي جروح ما بعد الولادة، أم تقديم استقالتي، فغلبت أمومتي كل الظروف وتركت العمل.

وتشير إلى أن العمل في القطاع الخاص لم يحترم أبسط حقوقهن التي كفلها القانون الفلسطيني، وهو الحصول على إجازة الأمومة مدفوعة الأجر.

وتضيف أن القطاع الخاص أصبح يفضل توظيف النساء “الأرامل أو منفصلات وغير متزوجات”، حتى لا يدخلوا في دوامة الإجازات لهن، مقدمًة مثالًا عن مديرها الذي قال إنه يفضل توظيف الرجال وغير متزوجات.

مدة إجازة الأمومة غير مُرضية

ولأن الظروف اختلفت هنا فكانت أكثر قسوة قررت آية وائل الاستمرار في عملها رغم حصولها على ثلاثة أسابيع إجازة أمومة، تاركًة خلفها طفلتها حديثة الولادة، وفي وضع صحي غير مستقر، وذلك لعدم وجود أحد يأخذ مكانها لفترة أكبر.

بصوت مقهور على الواقع التي تعيشه آية، وهي تقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن الوضع المعيشي في قطاع غزة أرغمهن على العمل وهن غير راضيات على ذلك الأمر، وأنّه لا يوجد مصدر دخل آخر لها يؤمن حياة طفلها.

وتأمل خلال حديثها أنه القطاع الخاص ينظر بعين العطف لأحوال الأمهات واحترام النساء خاصة بعد ولادتهن والاهتمام براحتهن، لأخذ الطفل كمية كبيرة من الرعاية والاطمئنان عليه ومن ثم العودة إلى العمل، لأن كل ما تمر به الأم وأسرتها ينعكس على الأداء والعمل.

وتعتبر آية أن رفض إعطاء المرأة العاملة حقها بالقانون إهانة للنساء، خاصة في مرحلة إجازة الأمومة، مشيرًة إلى أنه شكل عوامل نفسية خاصة بعد ولادتهن.

وحافظ القانون الفلسطيني على حقوق المرأة الفلسطينية العاملة، في المادة (102) الذي نص أن المرأة العاملة التي أمضت في العمل قبل كل ولادة مدة مائة وثمانين يومًا الحق في إجازة وضع لمدة عشرة أسابيع مدفوعة الأجر منها ستة أسابيع على الأقل بعد الولادة.

ويشدد القانون على أنه لا يجوز فصل المرأة العاملة بسبب الإجازة المذكورة في الفقرة (1) أعلاه إلا إذا ثبت أنها اشتغلت بعمل آخر خلالها.

وينص القانون في المادة (104) أنه يحق للمرأة المرضعة بفترة أو فترات رضاعة أثناء العمل لا تقل في مجموعها عن ساعة يوميًا لمدة سنة من تاريخ الوضع، وتحتسب من ساعات العمل اليومية.

إجازة الأمومة حق مكفول للنساء العاملات بالقانون

منى رستم منسقة مركز الديمقراطية وحقوق العاملين في غزة، تُؤكد أن إجازة الأمومة حق مكفول للنساء العاملات في القانون الفلسطيني، وأنّ قانون العمل نص على أن بعد 180 يومًا أو أكثر لا يجوز لصاحب العمل حرمان المرأة منها.

وتشدد رستم لـ”شبكة مصدر الإخبارية” على أن الإجازة بدون راتب مخالفة صاحب العمل للقانون، معبرًة عن أسفها من غالبية المؤسسات وأماكن العمل التي لا تمنح النساء إجازة الأمومة مدفوعة الأجر.

وتلفت إلى أن إجازة الأمومة عشرة أسابيع في القانون وهي ملزمة لأصحاب العمل، منوهًة إلى أن الـ10 أسابيع غير كافية وخاصة أنه تم تعديلها بقانون الخدمة المدنية 14 أسبوع أو 90 يومًا.

وتستذكر رستم أنهم طالبوا في مركز الديمقراطية بتعديل القانون لتصبح الإجازة في قانون العمل مماثلة لها في القوانين الأخرى.

وتردف أنه لا يوجد رقابة ولا تطبيق للقانون من قبل وزارة العمل بغزة، بالإضافة إلى عدم التزام أصحاب العمل بتطبيق القانون الفلسطيني.

خروقات المؤسسات قانون العمل للنساء العاملات

منسقة مركز حياة لحماية وتمكين النساء تهاني قاسم تؤكد أن إجازة الأمومة للنساء العاملات هو حق مكفول بالقانون، المؤسسات التي لم تقوم بإعطائهن الإجازة هي مخالفة للقانون.

وتقول قاسم لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن عدم وجود رقابة على المؤسسات في القطاع الخاص، شجعها على انتهاكات حقوق النساء العاملات.

وتشدد على أن إجازة الأمومة مهمة جدًا للنساء والطفل خاصة في الأشهر الأولى، وأن حرمانها من الإجازة هو من أشد أنواع العنف التي تتعرض له المرأة.

وتردف نحن نرى في القطاع الخاص في المصانع والشركات بكثرة عدم احترام حقوق النساء العاملات، وأن لولا حاجة النساء للعمل بالأجر لما خرجت للعمل.

وعن التأثير النفسي، توضح أن عودة المرأة إلى العمل سيكون تأثيره الصحي سيئ جدًا لأنها لم تستعيد صحتها بشكل كامل ومن الممكن أن يعرضها لانتكاسات شديدة.

أما عن الجانب الصحي، تبيّن قاسم أن المردود سيكون ضعيف ليس كما مشهود لها في السابق ويساهم في خلق مشكلات كبيرة، مؤكدًة أنه يجب يكون للمؤسسات سياسات واضحات واحترام القانون، بالإضافة إلى احترام الدور الإنجابي للنساء العاملات.