تشكيل القيادة الوطنية الموحدة.. فرصة ذهبية لتوحيد الصف وردع الاحتلال

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة جنين ومخيمها، تعالت الأصوات الفلسطينية المُنادية بضرورة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة.

وفي تفاصيل الدعوة الوطنية التي أطلقتها الجبهة الشعبية خلال الوقفات التضامنية مع مدينة جنين ومخيمها الصامد في قطاع غزة والتي أكدت خلالها على أهمية تشكيل وتفعيل دور القيادة الوطنية الموحدة.

وتأتي دعوة الجبهة الشعبية في ضوء استمرار العدوان الوحشي على مدينة جنين، مع تأكيد المستوى الإسرائيلي على تمدد العملية العسكرية للقضاء على المقاومة المسلحة.

الدعوة أعادت للأذهان انطلاق نواة القيادة الوطنية الموحدة والتي كان لها دور بارز في الانتفاضة الفلسطينية الأولى، والتي أطلقت حينها شعارات وبيانات وطنية شكّلت الخطوط العريضة للثورة الشعبية.

ووضعت القيادة الوطنية حينها خطوطًا عامة كان منها مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وضرورة فلاحة الأرض وتعزيز الانتماء في نفوس الأجيال وتعزيز قيم العلم والنضال ضد الاحتلال.

وتُؤكد “القيادة” باستمرار على أهمية توسيع المشاركة في المقاومة الشعبية لمواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، واستكمال لجان الدفاع والحراسة في كل الأراضي المستهدفة، وتجسيد روح الحفاظ على الوحدة الوطنية.

يقول الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان: إن “مفهوم القيادة الفلسطينية الوطنية الموحدة ظهر في بدايات الانتفاضة الشعبية الكبرى التي اندلعت أواخر عام 1987، حينها أدركت القوى السياسية المنتمية لمنظمة التحرير في ذلك الوقت أهمية وحدة الجهود والطاقات في مواجهة الاحتلال”.

ضرورة وطنية حقيقية

وأشار خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، إلى أن “القيادة الموحدة التي عُرفت باسم (قاوم) تشكّلت من القوى الرئيسية المنخرطة في المنظمة، والتي كان لها نفوذ وامتداد جماهيري، وكانت تضم حركة فتح والجبهتين الشعبية والديمقراطية والحزب الشيوعي الفلسطيني (حزب الشعب لاحقًا)ً.

وبيّن أن “القيادة وقتها تولت وضع جدول الأيام النضالية، كالإضرابات التجارية والمواجهات وأيام الغضب مع الاحتلال الإسرائيلي وتصعيد الفعل النضالي ضده بما يُحقق رفع كُلفته العسكرية وإبقائه في حالة استنزاف مستمرة”.

وأكد على وجود ضرورة وطنية حقيقية لإعادة تشكيلها ومنها رفض الاحتلال إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، والتنكر لحق شعبنا في تقرير مصيره كما أنها لا تُقر بحقوق شعبنا الفلسطيني التي نص عليها القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية”.

خيار المفاوضات انتهى

ولفت إلى وجود قناعة فلسطينية واسعة بضرورة مغادرة مربع اتفاق أوسلو رغم حالة الانقسام، وقد برز ذلك جلياً في قرارات المجلسين الوطني والمركزي وفي اجتماع الأمناء العامين المنعقد بين رام الله وبيروت بتاريخ 3/9/2020.

وأوضح أن ما نراه من عدوان إسرائيلي وحشي في جديد، يُعيد التأكيد على أن خَيار العودة إلى المفاوضات لم يعد قائمًا لدى الاحتلال، بل هو يسعى بصورة منهجية ومنظمة وسريعة، إلى حسم الصراع، وخصوصاً بما يتعلق بالقضايا الكبرى، كالقدس والحدود واللاجئين والمياه والاستيطان والأسرى.

وختم حديثه لمصدر الإخبارية قائلًا: “الفلسطينيون أصبحوا اليوم بحاجة ماسة لتشكيل القيادة الوطنية الموحدة بهدف إدارة دفّة الكفاح الوطني، دفاعاً عن حقوقهم الثابتة والمشروعة”.

مدخل لإنهاء الانقسام

وأردف: “قد يكون تشكيل القيادة اليوم مدخلًا لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وإنجاز الوحدة الوطنية على أسس كفاحية ضد الاحتلال، بما يُعزّز آليات الشراكة السياسية الضرورية في مرحلة التحرر الوطني التي يمر بها شعبنا في ظل تصاعد جرائم الاحتلال وقطعان المستوطنين”.

يُوافق الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي نظيره أبو رمضان بالتأكيد على أن تجربة القيادة الوطنية الموحدة أثبتت جدارتها بقوة خلال الانتفاضة الأولى، بحيث كان البيان الصادر عنها مُلزم للجميع ومُجمع عليه، وهو ما عزّز جميع القوى الوطنية داخل الضفة المحتلة وقطاع غزة.

توحيد الجهود ضمن رؤى وطنية جامعة

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “كان الاحتلال يعتقل رموز القيادة المُوحدة وما هي إلا ساعات قليلة ويتم تشكيل قيادة بديلة لضمان استمرار العمل النضالي ضد الاحتلال وهو ما يُعزّز ضرورة إعادة تشكيلها في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها شعبنا الفلسطيني”.

وعن أهمية تشكيل القيادة الوطنية الموحدة، لفت إلى أن “الأهمية تنبع من تنامي أعمال المقاومة الفردية والمتشعبة في الضفة المحتلة مما يتطلب توحيد جميع الجهود ضمن خُطط ورؤى وطنية واضحة تنم عن خبرة تُعزز العمل الكفاحي في الساحات والميادين”.

وأكد على أن “إعادة المطالبة بتشكيل القيادة هو أمر وطني ومُلِحْ للغاية، سيما وأن وجودها سيُنهي العديد من التناقضات الداخلية خاصة في ظل استمرار حالة الانقسام والتجاذبات السياسية وتراجع أداء الفصائل الفلسطينية على جميع المستويات ما يتطلب ضرورة تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود النضال في وقتنا الحالي”.

وأضاف: “ما يحدث اليوم هو إعادة تموضع الشعب الفلسطيني ومقاومته وما يحتاجه الكل اليوم هو قيادة مُوحدة تكون مهمتها احتواء واحتضان الجميع ودون تشكيلها ستبقى الجهود مشتتة وسيقود ذلك لمزيد من الضحايا وما يُقدم من تضحيات لن يُؤثر بالشكل بالمطلوب على الاحتلال”.

فرصة لتجاوز الانقسام وتعزيز المقاومة

وفيما يتعلق بمهام القيادة الوطنية الموحدة، لفت إلى أن مهامها عديدة ومتنوعة منها حشد جميع الطاقات المقاومة والمناضلة تحت إطارها، إضافة لتعديل الموقف الفلسطيني بما يضمن موقفًا أكثر جدية وحزم إزاء جرائم الاحتلال وأكثر وعيًا في مواجهة السياسية الإسرائيلية.

واعتبر أن تشكيل القيادة الموحدة سيسهم في تجاوز حقبة الانقسام والمكاسب الحزبية الضيقة، بما يُعزز احتواء جميع القوى والفصائل الفلسطينية والخبراء والمستقلين والمثقفين وغيرهم وتكون لها مظلة جامعة لهم بما يُعزز الموقف الفلسطيني في مواجهة الاحتلال”.

ونوه إلى أنه “حال تشكيل القيادة الوطنية الموحدة سينعكس ذلك على ما يحدث في مدينة جنين ومخيمها، بما يضمن وحدة جميع فئات الشعب وتنظيم العمل النضالي المقاوم ضد الاحتلال بما يُقلل من أعداد الشهداء والضحايا”.

وبيّن أن تشكيل القيادة الموحدة سيُسهم في ضمان عدم استفراد الاحتلال بمواقع ومناطق محددة بما يُعزز تخفيف الضغط الحاصل على مخيم جنين أو غيره من المخيمات الفلسطينية.