شواء اللحوم.. فرصة موسمية لانعاش الشباب في غزة

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
تنشط الجمعيات الخيرية والمؤسسات المجتمعية في قطاع غزة بتوزيع لحوم الأضاحي التي تجد ضالتها بالشواء والتناول برفقة العائلة ضمن أجواء السعادة والفرح.
ففي خضم الزيارات العائلية التي تنشط خلال الأعياد، يَجذبك دخان أبيض كثيف ملتف حوله مجموعةٌ من المواطنين وما إن تصل لمكان انبعاث الدخان حتى تجد “أسياخ” الكباب وهي متراصةٌ بإتقان شديد وحِرفية عالية.
بسطات الشواء ينشط عملها خلال عيد الأضحى المبارك، نظرًا لعدم تمكن جميع المواطنين من شراء اللحوم باستمرار في قطاع غزة نتيجة الظروف القاهرة التي يعيشها معظم المواطنين اليوم.
شبابٌ في عُمر الزهور يتسابقون لفتح بسطات الشواء التي يكثر الاقبال عليها خلال عيد الأضحى، لتوفير مصدر دخل كريم لهم ولعائلاتهم، وأيضًا لتلبية رغبات المواطنين بشواء اللحوم نظرًا لانقطاع التيار الكهربائي لساعات متواصلة.
عبد الله وشاح ذو 28 عامًا يعمل على بسطته الصغيرة منذ عدة سنوات، مستفيدًا من الخبرة التي اكتسبها خلال عمله في أحد محلات “الجزارة” الشهيرة في قطاع غزة قبل اعتماده على نفسه وفتح مشروعه الخاص للشواء.
يقول وشاح لمصدر الإخبارية: إن “شواء اللحوم يشهد اقبالًا واسعًا خلال عيد الأضحى، ويُعتبر أمرًا موسميًا في ظل عدم مقدرة شريحة كبيرة من المواطنين على شراء اللحوم خلال أيام العام الاعتيادية”.
الجميع سواسية
يُضيف: “اللافت أن خلال عيد الأضحى المبارك يجتمع على البسطة الخاصة به شرائح مختلفة من المواطنين منهم المُقتدر ومنهم المَيسور والفَقير، بحيث أنهم اجتمعوا لذات الطلب ذاته وهو شواء اللحوم لتناولها على موائد الطعام”.
ويُتابع: “درست الوسائط المتعددة في احدى جامعات قطاع غزة، ورغم أن التخصص له أهمية كبيرة في سوق العمل، إلا أنني وحتى اليوم لم أجد وظيفة حقيقية تُلبي طموحاتي وأستطيع من خلال بناء مستقبلي”.
ويُردف: “رغم دخان الشواء الذي يكاد يسد أنفاسي أحيانًا، إلا أنني فخورٌ بنفسي كوني لم أمد يدي لأحد وسعيت لكسب لقمة عيشي من عرق جبيني وهذا يُرضيني أمام نفسي ويُشعرني بقيمة كبيرة وهي “الكرامة”.
وحول أسعار شواء كيلو “الكباب” للمواطنين يُجيب: “نقوم بشواء الكيلو بعشرة شواكل كحد أقصى، ومن المواطنين لا يستطيعون دفعها كاملة وأنا أتفهم ذلك تقديرًا لأن هناك أناس كثيرة فقيرة وضاقت بهم الظروف المعيشية والاقتصادية”.
وأردف: “بعض مَن يأتون إليّ يصعب عليهم تناول اللحوم بصورةٍ مستمرة كونهم يعتاشون على المساعدات الإنسانية ومستحقات الشؤون الاجتماعية، لكنني أحرص على عدم صد أحد محاولًا إسعاد الجميع بما أستطيع فعله”.
الشواء خشية فسادها نتيجة انقطاع الكهرباء
وعند سؤال أحد المواطنين عن سبب شواء الأضاحي فور استلامها يقول: إن “شواء اللحوم أولًا بأول يعود للاستفادة منها وإطعام العائلة خوفًا من خرابها أو فسادها نتيجة الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي والذي بدوره ينعكس على اللحوم”.
ويضيف: “شواء اللحوم أمر متعارف عليه خلال عيد الأضحى المبارك، حيث يتجمع أفراد العائلة بأكملهم، وتكون فرصة للمعايدة وتلطيف الأجواء لإدخال البهجة والسرور على قلوبهم”.
ويُتابع: “بين أطفالي من يحب تناول اللحوم بعد طحنها وإضافة البهارات لها “كباب” وهناك من يحب تناولها “شقف”.. الخ، وأنا أحاول تلبية جميع رغبات أبنائي في هذه المناسبة السعيدة التي تأتي مرة أو مرتين طِيلة العام”.
وبينما الجميع واقف ينتظر الانتهاء من شواء اللحمة الخاصة به، يلفت انتباهك شابٌ أنيق يرتدي ملابس فارهة وهو ينظر بين الحِين والآخر إلى ساعته الكلاسيكية في إشارة لمعرفة ما إذا كان تأخر عن موعده أو لا.
اقتربنا منه واستقبلنا بابتسامةٍ سألناه هل تأخرت على موعدك فيجيب ضاحكًا: “لحتى الآن أمورنا تمام واحنا في السليم، لكن ما بدي أتاخر على أصحابي لأنه عاملين طشة في شاليه وحابين نتغدا مع بعض”.
لمة الأصحاب لها رونق خاص
ويضيف لمصدر الإخبارية: “قبل العيد بأيام جلسنا في أحد المقاهي واتفقنا على احضار كل واحد بيننا كيلو لحم لتجهيزه “كباب” وتناوله خلال رحلة تضم عدد من الأصدقاء وقُوبل العرض بموافقة الجميع”.
وتابع: “تناول الكباب مع الأصدقاء له مذاقٌ خاص دون شك، سيما وسط الاحتفال بأجواء عيد الأضحى المبارك، حيث يفرح الجميع ويسعى للاستمتاع بوقته ابتهاجًا بهذه المناسبة المباركة التي تحل على المواطنين وسط ظروف استثنائية”.
وختم قائلًا: “الناس في قطاع غزة تواقة للفرح والسعادة، خاصةً وأنها ملت الحروب والاعتداءات المستمرة ومن حقنا العيش بأمان وسلامة أُسوة بباقي شعوب العالم، متمنيًا أن تكون السنوات القادمة أفضل من ذي قبل، بحيث تشهد انفراجة لجميع المواطنين”.