عيد الأضحى.. فرص عمل موقتة للشباب وتفاؤل رغم التحديات

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

يعتبر عيد الأضحى المبارك فرصة ذهبية لاستحداث فرص عمل موقتة للشباب في قطاع غزة، بعدما أنهكتهم ظروف الحياة وقسوتها في ظل انعدام الوظائف نتيجة سياسات الاحتلال والانقسام المستمر منذ العام 2006.

فمع انتهاء صلاة العيد، يقف الشاب محمد الشافعي ذو الـ33 عامًا أمام الذبيحة يسن سكينه استعدادًا للنحر، وحوله عدد من المواطنين يساعدوه في إحكام ربط “الأضحية” تمهيدًا لعملية الذبح ومن ثم “السلخ” وأخرها التقطيع والتوزيع.

يقول محمد لشبكة مصدر الإخبارية: “في كل عام يقوم أصحاب مزارع المواشي والأبقار بالتواصل معي لتهيئة أدواتي الخاصة بالذبح في جميع محافظات قطاع غزة مقابل أجر زهيد، وهي مهنةٌ موسمية تزداد خلال عيد الأضحى”.

وأضاف: “لدي عددٌ من الأبناء أسعى لتوفير المأكل والمشرب لهم، ورغم غيابي عن المنزل طِيلة أيام العيد إلا أنني أحرص على مشاركتهم الأجواء السعيدة في أخر يوم من العيد من خلال اصطحابهم إلى أماكن الترفيه أو المطاعم”.

وحول مخاطر مهنته وتعامله معها، أشار إلى أنه “منذ بدأ العمل في هذه المهنة قبل ما يزيد عن عشر سنوات تعرض للعديد من الإصابات خلال تعامله مع العجول والمواشي وبعضها كاد يؤدي بحياته نتيجة شراسة الأضحية”.

وتابع: “أحرص على سَن أدواتي بعيدًا عن الأضحية وأُحسن التعامل معها قبل الذبح لضمان سلامتي أولًا، وثم الخروج بلحم ذات قيمة غذائية عالية، وفي الوقت ذاته أُخلي مسؤولية أصحاب الأضحية حال تعرضي لمكروه”.

صورة تعبيرية

وعند سؤالنا عن مهنته خلال أيام العام الباقية يُجيب: “خلال الأشهر الباقية أعمل في محل لبيع الدواجن في أحد أسواق مدينة غزة، وهي مهنتي الوحيدة منذ عدة سنوات نتيجة عدم توفر الوظائف وارتفاع نسبة البطالة والفقر”.

وختم الشافعي حديثه لمصدر قائلًا: “إذا لم تسعَ لكسب رزقك من عرق جبينك فلن يحنو عليك أحد، فاسعى لكسب رزقك والله لا يُضيع أجر من أحسن عملًا”.

أما القصة الثانية فبطلُها محمود العايدي أو “عمو كركز” كما يُحب أن يُناديه صغار مخيم المغازي وسط قطاع غزة، بعدما يرتدي ملابس “المهرجين” وينطلق إلى ساحات ألعاب الأطفال ليرسم البسمة على وجوههم خلال العيد.

يقول العايدي 29 عامًا: “على مدار العام نُحيي الحفلات والمناسبات المختلفة، إلا أن لعيد الأضحى بهجةً مختلفة، حيث ننزل إلى الساحات والمفترقات يتجمع الصغار حولنا وتبدأ الأغاني وأناشيد الأطفال وسط فرحة الجميع”.

وأضاف خلال تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية: “يتخلل عملنا فقرات الرسم على الوجوه، وتوزيع الألعاب على الأطفال لإدخال البهجة والسرور على قلوبهم ورسم البسمة على وجوههم رغم حالة الحزن التي يعيشها شعبُنا”.

وتابع: “لا نتلقَ أجرًا ماديًا عادةً، وما نقوم به هو عملٌ تطوعي نابع من انسانيتنا وحبنا للأطفال لأننا نُؤمن أنهم جيل المستقبل، ورسالتنا الأخلاقية هي التخفيف عنهم في ظل عدم مقدرة آلاف أرباب العائلات من إعطائهم “العيدية”.

وأردف: “في الأيام الأخرى أعمل على عربة لبيع المشروبات الساخنة يملكها صديق لي وأتقاسم معه ما يكتبه الله لنا من رزق ضمن اتفاق مسبق بيننا، كونه ليس لدي أي مصدر دخل آخر وأنا في انتظار قدوم مولودي بعد أيام”.

ويختم: “كما تعرف أن الحياة في غزة باتت قاسية، والمطلوب من الجميع هو السعي لكسب لقمة العيش المغمسة بالمشقة والتعب، معربًا عن أمله بأن بتحسن الأوضاع إلى أفضل خلال الأيام القادمة”.

أما قصتنا الثالثة فكانت مع الشاب يوسف الغمري الذي يقف خلال أرجوحة صنعها مع شقيقه الأكبر محمود ليعتاشا منها خلال أيام عيد الأضحى المبارك.

يقف يوسف خلف الأرجوحة تعلوه بسمة صافية مرتديًا نظارته الشمسية منشدًا “طيري وهدي يا وزة، على بلاد غزة، خليكِ حزينة على فرع التينة، الله الجبار، حديد ونار، هيلا يا هيلا”، ويُردد الأطفال من حوله.

ابتساماتٌ ونظرات طفولة تُعيد كل مشاهدٍ لها إلى سنوات خلت، غيّبتها ظروف الحياة القاسية ولقمة العيش الذي ينتزعها الشبان في غزة من بين أنياب الظروف والحصار والصعوبات والمتاعب.

يقول يوسف: “قبل نحو خمس سنوات فكرت وشقيقي محمود بصناعة أرجوحة صغيرة نسترزق منها خلال أيام عيد الأضحى المبارك وتكون مصدر دخل لنا طيلة أيام العيد الأربعة، وبعدها نعود إلى أعمالنا المعتادة في النقل وغيرها”.

وأضاف خلال تصريحات لـمصدر الإخبارية، “نستقبل طِيلة أيام العيد مئات الأطفال الصغار، خاصة وأن أسعار اللعب رمزية وهي في متناول الجميع تتراوح ما بين نصف – شيكل واحد فقط نُدخل فيها السرور على قلوب الأطفال”.

وأشار إلى أنهم يحرصون على سلامة الصغار عبر اتخاذ إجراءات السلامة والتناوب على تشغيل اللعبة نظرًا للزيارات العائلية خلال أيام العيد الأربعة تحقيقًا لصلة الأرحام والتكافل العائلي والمجتمعي.

ويُعرب عن أمله في إيجاد فرصة عمل في مجال تخصصه وهو “التجارة” إلا أن ظروف قطاع غزة تحول دون حصوله على الفرصة التي يحلم بها نتيجة تفشي البطالة بين صفوف الخريجين في كل عام”.

وختم: “بلا شك عاش جيل التسعينات صعوبات معيشية إلا أنه يُصِر على الحياة الكريمة رغم الضغوطات والمخاطر والتحديات المُحدقة فهو جيلٌ قادر على صنع المستحيل وكل ما يحتاجه هو الفرصة المناسبة فقط”.

أقرأ أيضًا: عيد الأضحى فرصة للاستفادة من القيمة الغذائية في اللحوم