النائب العام: معدل الجريمة في غزة غير مقلق مقارنة بالدول المحيطة

غزة-مصدر الإخبارية

قال النائب العام في غزة المستشار ضياء الدين المدهون اليوم الاثنين ان القطاع خالٍ من الجريمة المنظَّمة، مبينا ان معدل الجريمة غير مؤثر وغير مقلق ويقل عن المعدلات في الدول والمجتمعات المحيطة.

وأضاف  النائب العام إنَّ “الجرائم الواقعة في قطاع غزة دوافعها اجتماعية أو اقتصادية وهذا واقع في كل دول العالم، وفي المجتمعات جمعيها تقع الجريمة، فما دام الإنسانُ موجودًا فالجريمة موجودة”.

وأشار المدهون في حديث صحفي  إلى أن النيابة العامة منذ منتصف عام 2017 رسمت سياسة الباب المفتوح القائمة على تدقيق المظالم واستقبال المواطنين والمراجعين بانتظام ووفق إجراءات معلومة ومنظَّمة في سماع مظالمهم، مؤكدًا أنها جاءت من منطلق أن المواطن يجب أن يكون لديه مَرْجِعًا قضائيًّا يسعى للعدالة وإحقاق الحقوق.

وأوضح أنَّ هذه السياسة تطوَّرت عام 2018م وانتشرت من ديوان النائب العام إلى مكاتب رؤساء النيابات، وفي 2019م ضُبطت من خلال تنظيم الإجراءات والمواعيد التي تُقدَّم فيها المظالم والمواعيد التي يُرد فيها على المظالم، وضَبْط حالة الرد عليها، ويشمل مقابلة المواطنين ابتداءً من وكيل النيابة، ثم رئيسها، ثم النيابة الكلية، ثم مكتب النائب العام.

وأردف: “لذلك فتحنا الباب واسعًا لكل المواطنين فقيرهم قبل غنيهم وضعيفهم قبل قويهم، ليصل إلى حقه ويتابع إجراءاته أمام النيابة العامة براحة وسلاسة”، مشيرًا إلى تعزيز الهيكلية العامة داخل النيابة لتخدم هذه السياسة، بإنشاء أقسام الاستقبال والمتابعة في كل النيابات الجزئية لتستقبل الجمهور دوريًّا.

خدمات الكترونية للجمهور

وأضاف: “هيَّأنا البيئة والبنية التحتية لاستقبال الجمهور في العديد من النيابات، وأنشأنا مركز استقبال الجمهور في سرايا نيابة غزة مزودًا بالإمكانات الإلكترونية، لضبط المواعيد واستقبال المتعاملين بعدالة وراحة، فمن خلال الإجراءات يستطيع المواطن أن يتقدم بمظلمته ضمن إجراءات معلومة لديه ومعلن عنها”.

وتابع: “من خلال هذه السياسة نتابع كل قضايا المواطنين ونصوّبها، ولدينا في ديوان النائب العام وحدة المظالم واستقبال الجمهور المركزية التي تعمل على متابعة كل هذه الأقسام والمظالم عبر برنامج “العدالة الجنائية الإلكتروني”، والرد عليها وحصر النيابات التي ترد في الوقت المناسب، والتي لا ترد ويتم مراجعتها”.

وشدد المدهون على أنَّ هذه السياسة حققت هدفين: الأول أن يستشعر المواطن ثقته بنفسه وبمنظومة العدالة، وأنه قادر على الوصول إلى حقه بالطرق والإجراءات السليمة، والهدف الثاني تعزيز الرقابة الشعبية على أعمال النيابات، وأعمال مأموري الضبط القضائي، إذ أصبح المواطن الرقيب على أعمال النيابة ومراكز الشرطة ويستطيع تقديم مظلمته بكل درجاتها حتى تصل للنائب العام.

وبشأن سياسة الإسناد الاقتصادي، أكد النائب العام أن النيابة العامة تعمل ضمن سياسات “معيَّنة” مرسومة حسب منطلقاتها، وقد رسمت سياسة إسناد الاقتصاد الوطني، وأحد بنودها سياسة “الاستئخارات المدروسة لقضايا الشيكات المرجعة”.

وأوضح المدهون أن “هذه السياسة مبنيَّة على محددات معيَّنة، منها التمييز بين الإنسان الذي احترف مهنة النصب والإنسان الذي تأثر نتيجة الظروف الاقتصادية، وكذلك الموازنة بين حاجة الدائن إلى اقتضاء دينه، وقدرة المدين على السداد”.

وشدد على أن النيابة العامة تسعى من خلال هذه السياسة إلى عدم التأثير في الاقتصاد الوطني من جراء الإجراءات القانونية المتخذة، من خلال إعطاء استئخارات مدروسة بناء على القضايا الموجودة وقدرة المدين على السداد، وتضع مُهَلًا محدَّدة للمدين كفرصة لإثبات جِدِّيته، ولتسديد ما عليه من ديون نتيجة دعاوى الشيكات المرجعة.

وبيَّن أنَّه من خلال السياسة التي جرى رسمها نهاية 2017م، ويجرى تقييمها نهاية كل عام، زادت نسبة تسديد مديونيات الشيكات المراجعة عام 2018 قرابة 15%، في حين زادت قيمة تسديد الشيكات المرجعة عام 2019م بنسبة تفوق 20%، الأمر الذي أثبت أن “السياسة ناجحة”.

أوامر الحبس في “قضايا الذِّمة” لا يُمكن أخْذها لرقم مجرَّد

وعن أوامر الحبس الصادرة عن دوائر التنفيذ في القضاء، أوضح المدهون أن هناك فرقًا بين أوامر حبس الذمة الصادرة عن المحاكم وأوامر التوقيف الصادرة عن النيابة في القضايا الجنائية، مبيِّنًا أنَّ “أوامر الحبس في “قضايا الذِّمة” لا يُمكن أخْذها لرقم مجرَّد؛ لأنًّ كثيرًا منها لا تُنفَّذ، وذلك لمراجعة أصحابها وتسديد ما عليهم أو طلب استئخارات.

ونبَّه إلى أنَّ “هذه الأرقام لا يمكن ربْطها بتنفيذها، واعتبار أنَّ الشرطة حبست أشخاصًا يساوي عدد أوامر الحبس الصادرة بحقهم، على سبيل المثال: قد يصدر عن دوائر التنفيذ ألف أَمْر حبس، في حين أن مئة أَمْرٍ نُفِّذت على الأرض، لكون الباقي يمكن أن يكون قد استُردَّ للسداد أو استئخاره لإعطاء فرصة للتسديد”.

وفيما يتعلق بقضايا إطلاق النار في الهواء، أكد المدهون أن هذه قضية مؤرِّقة وظاهرة سلبية في المجتمع الفلسطيني، خاصةً أن نسبة الوفيات في بعض الأعوام نتيجة إطلاق النار في الهواء بلغت ما يزيد على 15 حالة، خلافًا لبعض الإصابات مجهولة المصدر.

وأوضح أن النيابة أخذت على عاتقها معالجة ظاهرة إطلاق النار في الهواء والقضاء عليها، بالتعاون مع كل الجهات المختصة، بدءًا من الشرطة ومأموري الضبط القضائي، ووزارة الأوقاف، وليس انتهاءً بفصائل المقاومة.

وأشار إلى أن النيابة نظَّمت لقاءات وأرسلت مخاطبات لكل الجهات من أجل ضبط الحالة، لكونها ظاهرة سلبية تؤثِّر على الاستقرار المجتمعي والطمأنينة العامة، ويذهب نتيجتها ضحايا من المواطنين، مبيِّنًا أنها تنتهز الفرصة التي يكثُر فيها إطلاق النار لتنفيذ حملات توعوية، وضبط وسيطرة على أرض الواقع.

وقال النائب العام: “نتائج امتحانات الثانوية “التوجيهي” كانت الظاهرة التي عادة ما يكون فيها إطلاق النار في الهواء، وخلال السنوات السابقة حدثت حالات وفاة، وبعض العائلات كانت تنتكس من فرحة النجاح إلى فتح بيوت عزاء”.

النيابة تضبط حالات إطلاق النار وإحالتها للنيابة

وأوضح المدهون أنَّ النيابة العامة نفَّذت حملات ضبط في الأعوام الماضية بالتعاون مع الشرطة والمباحث العامة من خلال النزول على أرض الميدان، وضبط حالات إطلاق النار وإحالتها للنيابة العامة، إضافة إلى وزارة الأوقاف بالتعميم على خطباء المساجد والدعاة لتنبيه المواطنين لخطر الظاهرة.

وذكر أن فصائل المقاومة تجاوبت من خلال التعميم على أفرادها بعدم استخدام السلاح واتخاذ إجراءات عقابية داخلية بحق كل من يستخدم السلاح في هذا السلوك السلبي غير المشروع، فضلًا عن معاقبتهم جنائيًّا، وأثمر عن هذا التعاون نتائج “مقدَّرة”.

وأشار إلى أن حالات إطلاق النار في قطاع غزة بلغت خلال العام الحالي 18 حالة، لم ينتج عنها أي إصابات، مبيِّنًا أنَّ الحالات المرصودة موزَّعة على محافظات رفح، والوسطى، وغزة، في حين لم تسجِّل أي حالات في محافظتي الشمال وخان يونس.

وذكر أنه ضُبط كل من أطلقوا النار، واتُخذت بحقهم الإجراءات القانونية، وصودرت قطع السلاح المستخدمة، مشيرًا إلى أنه في عام 2019، قلَّت الظاهرة ولم تُرصَد أي إصابات ووفيات.

وحول حادثة مقتل الطفلة “أ. ج” على يد والدها، أكد النائب العام أن النيابة العامة شرعت في التحقيق فور وقوع الجريمة، واتُخذت الإجراءات القانونية بحق المتهمين، مشددًا على أنَّ ما أُثير عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن الفتاة توجّهت لمركز الشرطة 6 مرات عارٍ عن الصحة، “وأنه لم يكن لدى الشرطة والمباحث أي علم بتصرفات الأب”.

وأوضح المدهون أن النيابة وجّهت اتهامًا لوالد الطفلة بارتكاب الجريمة ولزوجته بالتحريض أو لامتناعها عن حماية الطفلة، مشيرًا إلى أن الإشاعة التي انتشرت بأن والد الطفلة ألقى بشقيقها من علو، كذلك “غير صحيحة”، وأنه ثبت بالتحقيقات أنه كان خارج المنزل لحظة سقوط الطفل من علو.

تنبيه لـنشطاء مواقع التواصل الاجتماعي

وأوصى النائب العام كل نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بتحري الدقة والموضوعية، ومراعاة الظرف العام في قطاع غزة، والمحافظة على استقرار المجتمع وألَّا يقعوا في جرائم النشر من خلال نقل الإشاعة ونشر الأخبار الكاذبة.

وبشأن ترويج وتعاطي المخدرات، أكد المدهون أن هناك إجراءات حاسمة بحق كل من يتعاطى المادة أو يتاجر فيها، وأن أحكامًا رادعة صدرت بحقهم في الآونة الأخيرة، تصل إلى عشرات السنوات.

وشدد على تطبيق أقسى درجات العقوبة على كل من يستهتر بأرواح الناس بنشر آفة المخدرات، مشيرًا إلى أنَّ إدارة مكافحة المخدرات تتواصل مع النيابة العامة باستمرار وتحيل كل المجرمين المضبوطين.

معالجة قضية النزلاء في السجون

وعن تكدُّس السجون بالنزلاء، قال: “إننا من أجل معالجة هذه القضية فعّلنا قانون “الصلح الجزائي” وحققنا أربعة أهداف من خلاله؛ الهدف الأول كان تقليل التكدُّس في النظارات وتقليل أعداد الموقفين من خلال إنهاء ملفاتهم بانقضاء الدعوى الجزائية عبر قانون الصلح الجزائي والإفراج عنهم.

والهدف الثاني وفق المدهون: “حققنا الردع العام والخاص بإيقاع العقوبة بحق المتهمين فورًا بعد اتهامهم بارتكاب الفعل المجرم، وذلك بتغريمهم بدلًا من الانتظار لسنوات للمحاكمة، فيشكّل عقابهم الفوري بدفع الغرامة رادعًا لهم ولغيرهم”.

وأكَّد أن هذه السياسة حققت استقرارًا مجتمعيًّا بعد المصالحة، بخلاف استمرار القضية في المحاكم إذ “تبقى النفوس مشحونة”، وهو الهدف الثالث، مشيرًا إلى أن الهدف الرابع كان تقليل عدد القضايا المودَعة لدى المحاكم، في اتجاه أن تهتم المحاكم في القضايا الأكثر خطورة.