التقارب الروسي الصيني.. هل ينجح بكسر الهيمنة الاقتصادية الأمريكية؟

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

تُشير سلسلة من القرارات والسياسات بقيادة روسيا والصين إلى تبلور خريطة تحالفات اقتصادية جديدة في العالم، في مسعى لكسر الهيمنة الاقتصادية الأمريكية.

وتطرح روسيا والصين نفسيهما، كقوة اقتصادية جديدة صاعدة في العالم، من خلال منظمة شنغهاي للتعاون التي تطرح نفسها كمنظمة منافسة للتحالفات الغربية بقيادة أمريكا، وتضم إلى جانب موسكو وبكين، الهند، وباكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان.

وتدلل خريطة التحالفات وفقاً لمختصين ومحللين اقتصاديين، على بدء كسر روسيا والصين بدرجة أولى هيمنة الولايات المتحدة المستمرة منذ سنوات طويلة على العالم اقتصادياً، والتخلي عن النظام العالمي ذات القطب الواحد.

ويرى المحلل الاقتصادي البروفسور سمير أبو مدللة أن “عدة مؤشرات دللت على بدء التحرر العالمي من الهيمنة الأمريكية الاقتصادية، من خلال اتجاه روسيا نحو توطيد علاقاتها التجارية في أفريقيا وأسيا، واشتراط التعامل بعملتها المحلية الروبل بعيداً عن الدولار الأمريكي”.

وقال أبو مدللة لشبكة مصدر الإخبارية إن “الصين تُشارك روسيا في خطواتها في التحرر من الهيمنة الأمريكية من خلال تعزيز نفوذ عملتها المحلية اليوان في المعاملات المالية الدولية”.

وأضاف أن “النظام العالمي شهد منذ انهيار الاتحاد السوفيتي استفراداً أمريكياً، حيث بقيت الولايات المتحدة تدير العالم اقتصادياً، والآن عادت روسيا لاستعادة مكانتها”.

وأشار إلى أن “الاستقطاب الروسي الصيني للعديد من البلدان الأفريقية والآسيوية يأتي في سياق تشكيل قطب اقتصادي جديد لمواجهة الاستفراد الأمريكي”.

وتابع “قرارات مجموعة أوبك بلس بقيادة السعودية وروسيا بتخفيض إنتاج النفط على عكس ما طالبت به الولايات المتحدة يأتي في إطار تغيير جديد في خريطة التحالفات بعيداً عن الرضوخ للمطالب والمصالح الأمريكية”.

ونوه إلى أن “الطلب الأمريكي برفع مستوى انتاج النفط هدفه السيطرة على جنون أسعار الخام، التي انعكست على مجل أسعار السلع والمنتجات الأخرى، وقادت لرفع مستويات التضخم حول العالم”.

ولفت إلى أن “أسعار النفط تلعب دوراً بارزاً في رسم خريطة معدلات التضخم في البلدان، كون منتجات الخام تدخل في مدخلات الإنتاج والتصنيع، وارتفاعها ينعكس سلباً على أسعار السلع، ما يشكل ضغطاً على القدرة الشرائية للسكان، وبالتالي تراجعها”.

وأكد أن “الضغوط على الأسعار زادت منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في شهر شباط (فبراير) 2022 ما دفع بالولايات المتحدة للاتجاه لمطالبة مجموعة أوبك بزيادة الإنتاج، لكن يبدوا أن البلدان المنطوية ضمن المجموعة حريصة على الحفاظ على مصالحها بدرجة أولى”.

من جانبه، قال الباحث في الاقتصاد السياسي د. أبو بكر الديب إن الخارطة الاقتصادية العالمية بدأت بالتغير مع انطلاق الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف الديب في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن الخريطة الاقتصادية لدول العالم مرتبطة بدرجة أولى بالتوترات الجيوسياسية، متوقعاً أن تواجه روسيا والصين صعوبات كبيرة في ظل التفوق الاقتصادي الأمريكي الكبير.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تضم شركات كبرى على سبيل المثال كجوجل ومايكروسوفت وأبل تعادل قيمتها المالية اقتصادية بلدان بأكملها.

ولفت إلى أنه “في الوقت نفسه تستطيع روسيا والصين تغير الخارطة العالمية من خلال نافذة منتجات الطاقة وآليات تصديرها لدول العالم، وتحول البلدين للاعتماد على عملتيهما المحلية في إطار الالتفاف على منظومة سويفت العالمية التي يتحكم فيها الغرب بقيادة الولايات المتحدة”.

وأكد على أن “رسم خريطة اقتصادية للعالم يحتاج إلى مزيد من الوقت والخطوات في روسيا والصين، خاصة على صعيد تقليل الاعتماد على الدولار، وزيادة تفوقهما التكنولوجي، ورفع مستويات النمو الاقتصادي”.

وشدد على أن “الرابح الأبرز من الوضع الاقتصادي الحالي في العالم، الصين، خاصة مع وصول منتجات الطاقة الروسية إليها بأسعار منخفضة، والتمدد في المساحة الجغرافية الروسية الواسعة ببناء مصالح ونشاطات اقتصادية”.