هل المناورات ستتحول إلى حرب إقليمية؟

أقلام – مصدر الإخبارية

هل المناورات ستتحول إلى حرب إقليمية؟ بقلم الكاتبة الفلسطينية تمارا حداد، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

يُجري كل من حزب الله ودولة الاحتلال مُناورات عسكرية ذات طابع هجومي استباقي وليس دفاعيا في ظل التهديدات المُستمرة من كلا الطرفين في سياق التصعيد بين (الكيان وايران) بالتحديد حول الملف النووي الذي هو نقطة الخلاف الأساسية بين الكيان وأميركا حيث هناك محاولات من قبل الولايات المتحدة الامريكية نحو بلورة الاتفاق النووي ولكن بشروط لدى الطرفين (الأمريكي _ الإيراني) لإتمامه، إلا أن الكيان لا يُريد هذا الاتفاق وهذا إحدى أسباب المُناورات الحالية لدى الطرفين(حزب الله – الكيان الصهيوني).

والاثنان يصرخان بوجه الإدارة الأمريكية حيث أن الكيان يبتزها ويُريد أن يرسل رسالة من تلك المناورات التي يقوم بها بانه سيقوم بإشعال فتيل الحرب في الشرق الأوسط وإما الهدوء مُقابل السماح الأمريكي بتمرير الإصلاحات القضائية واستمرار برنامج حسم الصراع (الاسرائيلي-الفلسطيني) الذي يقوده اليمين العجيب المتطرف.

فيما حزب الله الذراع الأساسي لإيران في المنطقة يصرخ بشكل غير مُباشر بوجه الإدارة الامريكية فإما الدفع نحو بلورة الاتفاق النووي بشروط إيرانية وإما الحرب، كلا الطرفين يعملان على ابتزاز الولايات المتحدة الامريكية لتحقيق أهداف وأن عدم تحقيقها فإن المُناورات ستتحول فعلياً إلى حرب إقليمية وبالتحديد اذا تم إعطاء ضوء أخضر أمريكي إذا شعر الأخير بتهديدات مُحدقة وجودياً بالتحديد في منطقة “دير الزور” في سوريا حيث أن هناك اتفاق (إيراني _روسي) نحو اخراج الولايات المتحدة الامريكية وبالتحديد انه حتى اللحظة عملية تثبيت التقسيم في سوريا غير مُتفق عليه والعراق أيضاً الأمر الذي سيُشعل فتيل الحرب مُقابل أن اليمن تم تقسيمه فعلياً(حضرموت للسعودية، عدن للإمارات، صنعاء لإيران) بقي الآن الخلاف على تثبيت التقسيم في العراق وسوريا والسودان أمام الخلافات القائمة بين دول الإقليم (السعودية والامارات) والخلافات بين الدول العظمى (روسيا وامريكا) سياسياً وامنياً في منطقة الشرق الأوسط.

أمام مُعضلة تثبيت التقسيم في المنطقة فإن حزب الله لديه رسائل من تلك المُناورات في جنوب لبنان وهي تثبيت قوة الردع التي رسخها منذ العام 2006 حيث ان حزب الله لم يعد فصيلاً سياسياً وعسكرياً في لبنان بل أصبح جيشاً يوازي جيش أي دولة لذا فإن رسالة المناورة جاءت تأكيداً على أنه حامي ليس فقط لمنطقة جنوب لبنان بل لدولة لبنان بأكملها بالتحديد أن مُناورات الكيان كانت تهدف لبنان بمجملها وليس فقط حزب الله وأن الحرب القادمة ان حدثت على لبنان سيكون نتاجها تقسيم لبنان إحدى أهداف الاحتلال الاستراتيجية لإضعافه جغرافياً وديمغرافياً وسياسياً وترسيخ تطبيع لإحدى الأجزاء المُقسمة في لبنان.

ورسالة حزب الله الأخرى وهي أن أي تهديد من قبل الكيان نحو ضرب الأهداف النووية الإيرانية فان حزب الله سيتصدى لذلك من خلال ضرب العمق الإسرائيلي براً كون أدوات المُناورة لها علاقة بالتدخل البري، ناهيك عن قُدرة حزب الله على التواصل مع الجهاد وحماس “القسام” والأذرع العسكرية الأخرى نحو التحرك لوحدة الجبهات رغم محاولات الاحتلال على تفكيك الجبهات من خلال الحروب بين الفينة والأُخرى على قطاع غزة واقتحامات الضفة لإضعاف المقاومة وتحييدهم لأي حرب إقليمية مُستقبلية.

فيما رسائل الكيان من المُناورات البرية والجوية والبحرية والمشتركة بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية تحت مسمى” شمس زرقاء” والتي أُجريت في بداية شهر آيار الحالي في قبرص وتضمنت محاكاة استهداف حزب الله ناهيك عن التدريب الكبير في كانون الثاني هذا العام الذي تضمن محاكاة استهداف مواقع نووية في ايران.

ناهيك ان الاحتلال معني بهذه المُناورات كرسائل داخلية لترسيخ وحدة المعارضة والائتلاف لإنهاء الازمة الداخلية في ظل تصميم نتنياهو نحو تمرير الانقلابات القضائية، فيما رسائل حزب الله لإسرائيل لتعزيز صورة أن الوضع الداخلي اللبناني متوحد خلف حزب الله رغم الوضع الاقتصادي الضعيف في لبنان الا ان لبنان تتوحد امام المخاطر المحدقة من قبل الاحتلال رغم انتقادات عالية من قبل المعارضة اللبنانية على حزب الله باحتوائه فصائل للمقاومة الفلسطينية.
ان قوة حزب الله سيفرض مستقبلاً إيجاد مرشحاً رئيساً للبنان قريباً لمحور المقاومة وهذا يعني ان المحور بات نحو الاكتمال ايران العراق سوريا لبنان اذا تم فرض رئيساً مقرباً لحزب الله بالتحديد بعد الاتفاق السعودي الإيراني حيث باتت السعودية اقرب الى الاهتمام بمصالحها الداخلية التنموية ولديها ملفات إقليمية اعمق من لبنان وبالتحديد العراق والسودان.

المُناورات من قبل الطرفين حتى هذه اللحظة لم تتحول لبادرة حرب إقليمية كون آثارها السلبية على الطرفين بالتحديد الأكثر الطرف الإسرائيلي، حيث يحاول الأخير تجنب مواجهة موسعة مع حزب الله والبقاء على ضربات واهداف محدودة على قطاع غزة “الحلقة الأضعف” بالنسبة للاحتلال.

ويسعى كلا الطرفين الحفاظ على قواعد الاشتباك التي تم رسمها بعد 2006 بين (اسرائيل-حزب الله) حيث أن أي تغير في قاعدة الاشتباك يعني احد الطرفين سيخسر ملامح هذه المعادلة ولا يوجد أي تجهز من قبل الطرفين لأي استعداد لخسارة القاعدة التي تم رسمها.

صحيح ان مؤشرات التصعيد هي الأعلى بين حزب الله والكيان ولكن التوجه لحرب شاملة قد يكون بعيداً الا اذا أراد الاثنان حسم نقاط الخلاف عن طريق الحرب وليس الاتفاق، لكن الأمور مُتجهة نحو استمرار الاحتلال نحو ضرب المواقع القريبة في سوريا وضرب قطاع غزة بين الفينة والأخرى واستمرار القضاء على المقاومة في الضفة الغربية وتنفيذ عمليات محدودة هنا وهناك والاستمرار في سياسة الاغتيالات، والاستمرار في استعراض قوة كلا الطرفين(حزب الله-الكيان) لإرسال رسالة داخلية وإقليمية ودولية يستفيد منهما كلا الطرفين مع استمرار جاهزية كليهما للمواجهة الكبرى وان تحول المناورات لحرب شاملة سيكون بسبب خلل في حسابات من أي منهما.

فيما يخص الحالة الفلسطينية فالغالب هو الاستمرار في برنامج الحسم (الفلسطيني – الإسرائيلي) والذي يحتاج خمس سنوات بالنسبة لمُخطط الاحتلال بعد اضعاف السلطة نهائياً والبدء نحو إعادة الضفة الى الإدارة المدنية بسبب ضعف الحالة الفلسطينية ولا يوجد أي افق سياسي بين الأطراف الفلسطينية لحل نقاط الخلاف (الانتخابات الشاملة – موظفين – معابر – الأمن – أراضي) صحيح قد يكون حل لنقاط إدارية معيشية بين اطراف المعادلة الفلسطينية وبتنسيق من دول عربية حول نقاط (غاز غزة – معابر كهرباء) ولكنها ضمن سياق مؤقت لكسب الوقت لدى الاحتلال وتعزيز الانفصال الكلي.

أقرأ أيضًا: معضلة النظام الدولي وإنهاء القطب الواحد.. بقلم تمارا حداد