حرب متعددة الجبهات.. ما فرص اندلاعها بين إسرائيل ومحور المقاومة؟

 صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:

يتصاعد الحديث الإسرائيلي عن حرب متعددة الجبهات قد يخوضها جيش الاحتلال ضد “محور المقاومة” إيران ولبنان وسوريا وقطاع غزة في آن واحد، ما يثير كثير من التساؤلات حول إمكانية نشوبها، في ظل النتائج الكارثية المتوقعة حال اندلعت فعلاً، خاصة على إسرائيل.

وأطلق جيش الاحتلال الأسبوع الماضي مناورات عسكرية شاملة “القبضة الساحقة” تحاكي حرباً متعددة الجبهات، تشمل جبهة لبنان وسوريا وغزة.

ويستبعد محللون سياسيون وعسكريون، اقدام جيش الاحتلال على خوض حرب على عدة جبهات، فيما يرى أخرون أنه قد يجازف لضمان تفوقه العسكري.

وعلل المحللون المستبعدين للحرب متعددة الجبهات بأن السياسة الإسرائيلية قائمة منذ سنوات طويلة على تفكيك الجبهات لضمان عدم خروج أي مواجهة عن السيطرة، وإلحاق هزيمة استراتيجية بها من خلال عدم قدرتها على التحكم بمدة الحرب ومساراتها، ومستوى تصعيد العمليات العسكرية.

خارج حسابات الاحتلال

ويقول المحلل شفيق التلولي، إن الحديث الإسرائيلي عن حرب متعددة الجبهات يندرج ضمن سياسة تعتمد على العدوانية المطلقة بدرجة أولى في ظل الأزمة القائمة في النظام السياسي الإسرائيلي، والتي أفرزت حكومة إسرائيلية أكثر تطرفاً وقائمة على سقف عالي من الأهداف.

ويضيف التلولي في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن “حكومة نتنياهو كشفت عن الوجه الحقيقي لإسرائيل، وطبيعة الوجه الحقيقي للمعركة، بأنها عبارة عن صراع وجودي بين الاحتلال وأعداءه”.

ويشير إلى أن “التقديرات تشير إلى أن الاحتلال لا يستطيع فتح عدة جبهات في آن واحد، ويركز على سياسة تفكيك الجبهات، وما حدث بالعدوان الأخير على قطاع غزة كان دليلاً على الأمر من خلال محاولته التفرد بحركة الجهاد الإسلامي”.

ويتابع التلولي “أعتقد بأن حرب متعددة الجبهات خارج حسابات الاحتلال لأن الأمر متعلق بالرؤية الاستراتيجية الإسرائيلية القائمة على عدم الإخلال بالأمن الخاص بالإسرائيليين”.

وينوه إلى أن “ما يجري من مناورات تحاكي الحرب المتعددة يأتي في إطار الترويج لاستعادة الردع في ظل تهاوي في كل حرب يخوضها الاحتلال سواء على المستوى السياسي الداخلي الإسرائيلي أو الخارجي الاستراتيجي”.

ويؤكد أن “قضية القدس ستكون المفجر الأساسي لأي حرب متعددة الجبهات تتجاوز حدود الأراضي الفلسطينية مستقبلاً خاصة وأن الاحتلال يهدف لحسم الصراع في المدينة”.

ويشدد على أن “الاحتلال لن يجرؤ على حرب إقليمية شاملة كون الأمر ليس بيده وحده بل مرتبط بقرار من المنظومة الدولية خاصة الولايات المتحدة”.

ويرى أن “ما يستطيع الاحتلال فعله ضربات محسوبة في غزة أو لبنان أو سوريا بعيداً عن حرب شاملة”. لافتاً إلى أن الصراع لم ينضج بعد لمستوى اندلاع حرب إقليمية.

مرتبطة بضمان التفوق العسكري

بدوره، يقول المحلل اللبناني، محمد المصري، إن الحديث عن الحرب المتعددة الجبهات متعلق بفهم الطبيعة القائم عليها الاحتلال الإسرائيلي، بأن أحد أقوى عوامل استقراره بأن يكون متفوقاً عسكرياً مقارنة بأعدائه.

ويقول المصري في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن “الاحتلال يركز على التفوق العسكري على دول الطوق بدرجة أولى، ثم منع الأعداء البعيدين من امتلاك أسلحة استراتيجية تُشكل تهديداً وجودياً له”.

ويضيف أن “ما حدث مؤخراً من إطلاق للصواريخ من جبهات غزة ولبنان وسوريا في آن واحد، وإفشال محاولات الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي، حمل رسائل واضحة بأن الجبهات موحدة وغير قابلة للتجزئة”.

ويشير المصري إلى أن “وحدة الجبهات تكسر التفوق العسكري الإسرائيلي وتشكل اخلالاً في الاستراتيجية القائمة على منع أي تهديد وجودي لدولة الاحتلال”.

وينوه إلى أن “تركيز الأوساط الأمنية الإسرائيلية وقادة الاحتلال ينصب حالياً حول كيفية إعادة التوازن والتعامل مع الواقع الجديد القائم على وحدة الجبهات”.

ويلفت إلى أن “الاحتلال يرى بأن مفتاح الاستقرار حالياً في المنطقة من خلال كسر وحدة الجبهات ومنع أي تفوق عسكري يقابله”.

ويؤكد المصري أن “إمكانية الحرب قائمة حالياً في الأوساط الإسرائيلي، في ظل تفكير قادة الاحتلال ليل نهار، بكيفية إعادة قوة الردع وتوازن القوة مقابل إيران وحلفاءها”.

ويشدد على أن “أي حرب شاملة ستكون تكاليفها عالية جداً على إسرائيل”. منبهاً أن “أي عمليات أمنية قائمة على الاغتيالات وضرب مخازن الأسلحة الاستراتيجية، وغرف عمليات محور المقاومة لن يكون سهلاً لكن تكلفته تكون أقل على الاحتلال”.

ويتابع أن “عين إسرائيل الأولى حالياً على إيران، كونها ترى بها الرأس الذي حال ضرب سيزول الجميع، لكنها تخشى من تفجر الجبهات جميعها حال أقدمت على الأمر، وتعلم بأنها تحتاج لإستراتيجية خاصة وتنسيق مع حليفتها الولايات المتحدة خاصة وأن توجيه ضربة استراتيجية لطهران يحتاج لأنواع معينة من الأسلحة التي لا تملكها سوى واشطن، ما يدفعها حالياً للاتجاه نحو الجبهات الأخرى، لكن السؤال الأبرز، هل تكون الوجهة ذراع المحور القوية بالمنطقة المتمثلة بحزب الله وتوجيه ضرب خاطفة له؟

وعبر عن اعتقاده بأن أي عملية عسكرية ضد حزب الله سيكون ثمنها باهضاً وسيقالها رد متوازن وفقاً لحجمها.

عمل عسكري كبير يلوح بالأفق

من جانبه، يقول المحلل أحمد عبد الرحمن إن دولة الاحتلال مضطرة للبقاء بحالة جاهزية عالية في ظل الحديث عن وحدة محور المقاومة حشية تعرضها لضربة مفاجئة تهدد استقرارها، لاسيما وأنها لا تمتلك عمق استراتيجي يحميها من خطر تعرضها لهجوم واسع النطاق.

ويضيف عبد الرحمن في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، أن الاحتلال سعى من خلال مناوراته العسكرية الأخيرة أولاً إلى إرساء وتثبيت حالة من الردع مع أعداء إسرائيل، من دون الحاجة إلى الدخول في معركة عسكرية، وثانياً وهو الأهم والأقرب الاستعداد لعمل عسكري كبير قد يصل إلى حرب واسعة.

ويشير إلى أن المناورات الإسرائيلي بجمها الحالي الكبير تدلل على مغامرة واسعة كون العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية لا تتطلب مناورات بهذا الحجم.

ويبين أنه “على رأس الأولويات الإسرائيلية الملف الإيراني، يليه خطر حوب الله ثم التحدي الفلسطيني في غزة والضفة والقدس، وكلها تشكل معضلة لابد من التخلص منها”.

ويؤكد أن التركيز الإسرائيلي ينصب بدرجة أولى نحو الابتعاد عن خوض حرب شاملة لأسباب تتعلق عديدة، لكن قد تتجه نحو الجبهة الإيرانية أو اللبنانية، كونها تنظر إلى الجبهات الأخرى بأقل خطورة على أمنها.

ويشدد على أن الاحتلال رغم خشيته من الحرب الشاملة، يعتبرها من أسوأ السيناريوهات المستقبلة، فمن غير المستبعد شنه هجوم واسع على أكثر من جبه في نفس الوقت، خاصة الجبهتين اللبنانية والإيرانية، مع فرضية استخدام أسلحة نوعية وغير تقليدية حال لجأ للأمر، تفادياً للرد الكبير الذي قد يطاله، حال لم يدمر البنية العسكرية الاستراتيجية للجبهتين.