هل تتحول مسيرة الأعلام إلى سبب مباشر لاشتعال الأحداث مع غزة؟
على غرار سيف القدس

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
حالة من التأهب القصوى والترقب تشهدها مدينة القدس المحتلة، استعدادًا لمسيرة الأعلام الإسرائيلية احتفالًا بما يسمى بيوم “توحيد القدس”، وهي ذكرى احتلال شرقي القدس بعد نكسة حزيران (يونيو) 1967.
وتنظم سنويًا مسيرة الأعلام، وتنطلق من شوارع القدس الغربية وصولًا إلى ساحة البراق، مرورًا بشوارع المدينة والبلدة القديمة، وخلالها ترفع الأعلام الإسرائيلية وتنظم الرقصات وتدق الطبول وتنفذ الاعتداءات على المقدسيين وممتلكاتهم على مدار ساعات متواصلة، وسط فرض القيود على حركة الفلسطينيين.
وأكد موظفون رفيعو المستوى في حكومة الاحتلال الإسرائيلي أن “مسيرة الأعلام”، ستمر من باب العامود وأنه “لا توجد أي نية لتغيير مسارها الاعتيادي، حتى بثمن حدوث تصعيد”.
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قرر تغيير مسار مسيرة الأعلام الاستفزازية، في أيار (مايو) العام 2021، بحيث تمرّ من باب الخليل وليس من باب العامود في طريقها إلى باحة حائط البراق.
بينما العام الماضي، سمحت حكومة نفتالي بينيت ويائير لابيد بتنظيم المسيرة الاستفزازية ومرورها في باب العامود، وتجاهل احتمال التصعيد، الذي لم يحدث لكن المستوطنين ارتكبوا اعتداءات واسعة على المقدسيين.
ما هي مسيرة الأعلام وكيف بدأت؟
أطلق الحاخام اليهودي “تسفي يهودا كوك” وتلامذة المدرسة الدينيّة المتطرفة “مركاز هراب” فكرة مسيرة الأعلام، والتي تكونت فيها النواة الصلبة للمنظمات الاستيطانية المتطرّفة.
وفي عام 1968، نظم الاحتلال المسيرة الأولى احتفاءً بالذكرى السنوية الأولى لاحتلال مدينة القدس، بمشاركة عشرات المستوطنين فقط، ومن ثم تطورت لمئات المشاركين، حتى وصلت قبل عدة سنوات إلى نحو 30 ألف مشارك.
ويصر الاحتلال على مرور المسيرة من باب العامود الحيوي نظرًا لأهميته عند المقدسيين والذي يحدد جزءًا من هويتهم المقدسية، في محاولة لتفريغ الإنجازات والانتصارات التي حققها أهل القدس في تلك المنطقة الاستراتيجية، ولإثبات أنهم “أصحاب السيادة”.
وكانت مسيرة الأعلام في بداياتها تنظم على شكل استعراضات عسكرية، وتقتصر على مشاركة عشرات المستوطنين فقط، أما اليوم فيشارك فيها آلاف المتطرفين الذين يتوافدون على مدينة القدس من أنحاء فلسطين المحتلة كافة.
مسيرة الأعلام قائمة على الكراهية
المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور قال لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن مسيرة الأعلام قائمة على الكراهية وتعبر استمرار عمليات التطهير العرقي وتهويد الأماكن المقدسة.
وأوضح منصور أن التصدي للمسيرة يحتاج إلى سياسات يومية ونضالية ومواجهة في الميدان، وليس فقط إطلاق الصواريخ من قطاع غزة فقط لأنها ليست الحل للحالة التي تعيشها المدينة المقدسة.
واعتقد أنه المدينة ستشهد حالة من الاحتكاك والمواجهة، مشيرًا إلى أن هناك 200 ألف مستوطن ودعوات للحشد من أجل تمرير مسيرة الأعلام، وإذا تطور الاحتكاك وتحول إلى صدام ومواجهات وإصابات أو شهداء فإنه سيجرنا إلى المواجهة.
الاحتلال غير معني بإفشال المسيرة
المحلل السياسي عدنان الصباح أكد لـ”شبكة مصدر الإخبارية” أن الاحتلال الإسرائيلي غير معني بإفشال مسيرة الأعلام، لذلك عزز قوات كبيرة من أجل تمريرها.
وأضاف الصباح أن بتسلإيل سموتريش وإيتمار بن غفير معنيين للمواجهة لأقصى درجة من المواجهة لأنهم لا يدركون خطورة ما يريدون وما هو ذاهبون إليه؛ لقلة خبرتهم ومعرفتهم بحجم وقوة شعبنا والمقاومة بما يخص بالقضية الفلسطينية.
وأكد أنه لا يمكن لأحد اليوم أن يكرر تجربة النكبة، وأن يغطي الشمس بالغربان، ولا أحد يمكنه أن يثبت ما هو لا يمكن اثباته بأن القدس غير عربية.
وفيما يخص بتصعيد المواجهة، بيّن الصباح أن كل ذلك مرهون بأي محاولة استفزاز خطيرة من قبل المستوطنين، لافتًا إلى أن الوسطاء تواصلوا مع المقاومة وقدموا لهم تطمينات بأن المسيرة لن تتجاوز حدودها.
الأقصى يدنس منذ 55 عامًا
الباحث المقدسي د. جمال عمرو قال لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إنه “لا يوجد إرادة رسمية على المستوى العربي والفلسطيني من أجل التصدي مسيرة الأعلام الإسرائيلية”.
وأكد عمرو أن الشعب الفلسطيني يخذل الآن على نحو غير مسبوق وأن المسيرة ليست استفزازية إنما “اجتياح عسكري”، مضيفًا أن مسيرة الأعلام تزداد تطرفًا وتفشيًا وعنصريًة، وتعتبر قهر لكل فلسطيني حر.
وتابع أن التصدي للمسيرة لا تحتاج إلى اجتهاد ليست فقط من قطاع غزة دائمًا على حساب دماء الأطفال والنساء والشيوخ والذي يعيش حصار إسرائيلي من 16 عامًا، وأن الأقصى ليس فقط للفلسطينيين وإنما للشعوب العربية ويدنس الأقصى منذ 55 عامًا علنًا وجهارًا ونهارًا.