في ذكرى اغتيالها الأولى.. زملاء المهنة يبكون رحيل أيقونة الصحافة شيرين أبو عاقلة

يفتقدون الصديقة و المعلمة

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

على مدى ثلاثةِ عقود، نقلت شيرين أبو عاقلة رسالة فلسطين إلى العالم، وكانت سطورها الأخيرة للزملاء في قناة الجزيرة، صباح يوم الأربعاء الحادي عشر من أيار (مايو) 2022، حيثُ أخبرتهم أنّ “جيش الاحتلال اقتحم مدينةَ جنين، ويحاصر منزلًا فيها، وأنها ستوافيهِم بالخبر فور اتضاح الصورة”، فكانت هي الخبر.

لم تترك شيرين قرية أو مدينة أو مخيمًا فلسطينيًا إلا وأعدت عنه تقريرًا أو قصة صحفية، كانت في كلِ بيتٍ فلسطيني، ترصد آلام الناس وشجونهم وأحلامهم، فهي ابنة الأرض، ورفيقة كل ثائر هي صوت حر يصدح بالحق في وجه كلِ جائر.

ووصف أصدقاء وزملاء شيرين بأنها أستاذة في الصحافة الفلسطينية من الدرجة الأولى، إذ كانت تتمتع بالمهنية وتواضعها في العمل الميداني.

وتستمر مطالبات زملاءها بتحقيق عدالتها من خلال التحقيق في جريمة اغتيالها، من أجل راحة نفسها بالإضافة إلى حماية الصحفيين الفلسطينيين، وردع ومحاسبة القاتل.

شيرين أبو عاقلة أستاذة الصحافة

مراسلة الجزيرة نجوان سمري تحدثت لـ”شبكة مصدر الإخبارية“، عن بداية لقائها مع شيرين أبو عائلة، قائلًة إنها تعرفت عليها قبل 20 عامًا، ورافقتها في إطار عملها كمنتجة أخبار في قناة الجزيرة.

وتضيف سمري أنها تعلمت من شيرين أسس الصحافة، مشيرًة إلى أنها أستاذة كبيرة في المهنة ومرجعية لأجيال كبيرة قادمة بالصحافة والإعلام.

وتتابع أن أبو عاقلة كانت صحفية من الدرجة الأولى تتمتع بمهنية عالية وتتميز بإخفاء انفعالاتها وتكون صحفية منضبطة على الهواء مباشرة، وتتحقق من المعلومات من مصادرها الرسمية.

وتؤكد أننا سنبقى نتعلم من شيرين حتى في رحيلها، مضيفًة أنها كانت أول مراسلة في الجزيرة ومتواضعة جدًا في الميدان ومع الناس الزملاء والأصدقاء.

تعود بذاكرتها مرة أخرى، لتروي نجوان سمري حكايتها عن شيرين: “كانت مختلفة في الواقع عن الشاشة، تحب المرح بطريقة طريفة تساعد وتحتوي كتير من الناس ولا ترفض أي طلب وإنسانية بدرجة عالية”.

وتردف أن شخصية شيرين تتميز بالحكمة في أراءها الصائبة، وتنجح في التخفيف من حدة الأمور وتبحث عن نقاط إيجابية في كل شيء حتى في أصعب الأحوال.

وتشير سمري إلى أن التحقيقات مستمرة في قضية اغتيال شيرين ومطالبتنا مستمرة في تحقيق عدالتها مستمرة، موضحًة أنه كان هناك أكثر من ١٠ تحقيقات لمؤسسات حقوقية وصحفية عالمية غير منحازة لأي طرف تحديدًا فلسطين، وأكدت بأن شيرين تم اغتيال واستهدافها من قبل جنود الاحتلال.

وتضيف هناك في تحقيقات مستمرة ومطالبات للمحكمة الجنائية الدولية بالتحقيق في قضية شيرين وفتح ملف جنائي من أجل محاسبة قتلتها ومحاسبتهم من أجل راحة نفسها وحماية الصحفيين.

وتؤكد نجوان سمري أن عدم ردع ومحاسبة جريمة الاغتيال فإنه سيواصل جرائمه بقتل صحفيين آخرين، دون أخذ اعتبار للقوانين والمواثيق الدولية.

شيرين الصوت المُحايد

الصحفي محمد دراغمة تعرف على شيرين أبو عاقلة عن قرب خلال عمله معها داخل فلسطين وخارجها، ولا زالت هذه المواقف ملتصقة في ذاكرته

ويقول دراغمة لـ”شبكة مصدر الإخبارية” إن “لا يمكن أن شيرين تؤذي أحدًا، وتبحث دائمًا عن الصفات الإيجابية عن الغائبين”.

ويوضح أن شيرين أبو عاقلة لديها مشاعر إنسانية عند تغطيتها للقصص الصحفية وتترك أثر عند الأطفال والناس وتشعر بمعاناتهم، ولديها محبة عالية لهم.

أما على الصعيد المهني، يشير إلى أنها كانت صحفية متمرسة وأستاذة في العمل التلفزيوني بدقة شديدة، وتعلم جيدًا كيف صناعة التقرير بأشكاله كافة، وصوتها محايد ولن تحرض على أحد.

“لا نثق في وصول مجريات التحقيق إلى مكانة تكشف حقيقة من هو القاتل وسيتم دفنه في الأدراج”، مؤكدًا أن العالم بأسره شاهد من قتل شيرين وطريقة قمع جنازتها، ويدعون بأنها قتلت عن طريق الخطأ.

ولا تزال قضية اغتيال الصحفية أبو عاقلة مرفوعة أمام المحاكم الدولية، دون محاسبة للاحتلال الذي ارتكب جريمة قتلها بدم بارد، أمام مرأى ومسمع من العالم.

من هي شيرين أبو عاقلة؟

شيرين نصري أبو عاقلة وُلدت في القدس عام 1971 وهي مراسلة صحفية فلسطينية تعمل مع شبكة الجزيرة الإعلامية، وتنحدر من عائلة مسيحية مشهورة في مدينة بيت لحم.

ودرست في البداية الهندسة المعمارية بجامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن.

وعادت الشهيدة شيرين بعد التخرج إلى فلسطين وعملت في مواقع عدة مثل وكالة “أونروا”، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة “مونت كارلو”، وفي العام 1997 انتقلت للعمل مع قناة الجزيرة الفضائية.

واستشهدت، صباح الأربعاء الموافق 2022/05/11 برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء تغطيتهما اقتحام مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، جراء إصابتها برصاص حي في الرأس، فيما أصيب الصحافي علي سمودي منتج قناة الجزيرة ومراسل صحيفة “القدس” برصاصة حية في الظهر.