كتب نصار إبراهيم: وداعاً أحمد جابر المثقف والمفكر الذي لم يهدأ

أقلام- مصدر الإخبارية
كتب نصار إبراهيم: كتب يا أحمد جابر الحتاوي! لن أرثيك، لأني أعلم كم كنت تكره الرثاء، كما أن ما أكتبه ليس مدحاً تمليه لحظة رحيل رجل جميل وشجاع، بل شهادة وفاء واعتراف تليق بك.
شهادة اعتراف تليق بمناضل ومفكر شق طريقه على دروب المنافي يركض مع أسرة تلاحق فكرة، من هنا من الخليل إلى الأردن وسورية و مصر وأخيراً، حيث سيغفو في تركيا.
ما كان بيننا ممتد وشاسع، منذ لقاءاتنا الأولى وأنت طالب في جامعة دمشق في كلية علم النفس التربوي! إلى أن دفعت لتكون محرراً في مجلة الهدف، وأنت الشاب اليافع المتوقد الحاد، عاشق النقاش ومراقصة الفكرة والأسئلة والنقد والبحث والتقصي. المثقف العصامي المشاكس، والمثقف الثوري الذي لا يهادن ولا يستسيغ المراوغة في القضايا والمواقف.
منذ لقاءتنا الأولى أدركت أن في أعماقك تلك الومضة والسمات الشخصية التي تبشر بمفكر ومثقف من نوع خاص. فكنت. وهكذا على مدار أكثر من عشرين عاماً وأنت تلازم مجلة الهدف إلى أن أصبحت سكرتير التحرير ثمّ المحرّر والمنفّذ حتى لحظة الرحيل.
أحمد جابر المناضل، المفكر والاستراتيجي، الباحث والروائي والصحفي، تعلم أن لا يهادن أو يساوم على المبادئ، وفوق كل هذا كان مقاتلاً شجاعاً، والأهم أنه أدرك قيمة وعي العدو الذي يجابه الشعب الفلسطيني، فراح يقرأ ويتعمق ويفكك بنية الاحتلال وخطابه ومؤسساته بكل علمية دون أن يسقط في السذاجة والسطحية؛ فأبدع مئات المقالات والدراسات والأبحاث.
لقد كانت كتابات أحمد بالنسبة لي مرجعاً بحثياً علمياً يحظى بكل الاحترام. كان صارماً في مقارباته متمكناً من أدواته ومنهجه البحثي، بعيداً عن الغرور والتباهي.
يا أحمد إني أشهد أني أحببتك ولا زلت، وأشهد أني كنت أثق بك حد الأعالي. فقد كنت بمثابة فرد من الأسرة، فأئتمنك على كل شئ. فكنت وبقيت رفيقاً وفياً.
مؤلم ومحزن رحيلك ومفاجئ يا أحمد. فلك المجد، ولزوجتك وأبنائك وأهلك ورفاقك الصبر والذكريات الجميلة. أما إبداعاتك؛ فستبقى وقوداً للأجيال الآتية.
اقرأ/ي أيضًا: أحمد مصطفى جابر.. عذراً مروان عبد العال