التأثير السلبي للخطاب السياسي الحالم

أقلام – مصدر الإخبارية

التأثير السلبي للخطاب السياسي الحالم، بقلم الكاتب الفلسطيني ديمتري دلياني، وفيما يلي نص المقال كاملًا كما وصل موقعنا:

إنّ الخطاب السياسي الحالم هو خطابٌ يوهم المجتمع بأمورٍ غير واقعية ويعدّ ممارسةً سياسيةً مُدمّرةً، إذ يؤدي إلى ايهام الناس بوعودٍ كاذبةٍ، لشغلهم عن القضايا الواقعية الهامة، وإعفاء السياسيين من مسؤولياتهم وعُذرهم لعدم القيام بأعمالٍ حقيقيةٍ توفي بمسؤوليات مناصبهم. كما يُعدّ امتهان بيع الأحلام مِن جانب السياسيين ممارسةً سلبيةً، حيث يتم الاستغلال الواعي لرغبات وآمال وأحلام الناس لتحقيق مكاسب سياسيةٍ وشخصيةٍ، ويؤثر سلبًا على المجتمع بأكمله.
يتم تحقيق النجاحات والإنجازات الحقيقية في العالم السياسي بعدة وسائل منها الحوار والتفاهم والتعاون، ولكن التمادي في الخطاب الحالم وامتهان بيع الأحلام يؤدي إلى تعزيز الانقسامات وتأجيج الصراعات وإفساد صورة العمل الوطني بشكلٍ عام.
ويمكن رؤية تأثيرات الخطاب الحالم وامتهان بيع الأحلام في العديد من الأمثلة، ففي السياسة الأمريكية، يمكن رؤية كيف استخدم العديد من السياسيين الخطاب الحالم وامتهنوا بيع الأحلام لكسب التأييد الشعبي والفوز بالانتخابات، دون القيام بأي عملٍ حقيقيٍ لتحقيق الوعود التي قطعوها على المنصات الانتخابية. ومن أوضح هذه الأمثلة وعود الرئيس الأسبق دونالد ترامب ببناء جدار حدودي مع المكسيك واجبار جارته الجنوبية على دفع تكاليفه، فبالرغم من التغطية الإعلامية التي حظي بها هذا الموضوع والشعبية التي كسبها ترامب وكانت أحد الأسباب الرئيسية لنجاحه في انتخابات ٢٠١٦، الا أن الجدار لم يُبنى والمكسيك لم تدفع أي شيء.

كذلك، في العديد من دول المنطقة، تمارس بعض المجموعات السياسية الخطاب الحالم وامتهان بيع الأحلام من أجل الحفاظ على السلطة وتحقيق مكاسب سياسية، دون تحمل المسؤولية عن تلبية احتياجات ومطالب الشعب. وتتجلى هذه الممارسة في الخطابات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ويبرز في هذا الدور تاريخياً الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، الذي حافظ على خط خِطابي مُتشدد تجاه القضية الفلسطينية بينما كان يقصف مخيماتنا في لبنان، ويحارب قيادتنا الشرعية المتمثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، وفي نفس الوقت كانت حدوده مع دولة الاحتلال تشهد هدوءً وامناً مثاليين وأوضاع شعبه تزداد فقراً وسوءاً.

التأثير السلبي للخطاب السياسي الحالم
وبيع الأوهام السياسية غير مقتصر على السياسيين، بل أصبح نهج مَن لا دور او قيمة وطنية له، ولكل من يبحث عن مكان في فضاء الحوار الوطني بدون دفع ثمن وطنيته الزائفة، وكثيراً ما يخترع هؤلاء أكاذيب وإيماءات عن أدوار وطنية ناتجة عن خيالهم، والأخطر من ذلك، ان هؤلاء الافراد، وفي كثير من الأحيان يكونوا مُجرد أداة في ايدي جهات مختلفة بما في ذلك، وليس حصرياً على، أجهزة استخبارات دولة الاحتلال.

و يؤدي التمادي في الخطاب الحالم وامتهان بيع الأحلام إلى تفاقم المشاكل والصعوبات التي يعاني منها المجتمع، فالأمور لا تتحقق بسهولة ولا بدون جهد وعمل حقيقي وتنوّع فكري يصعب تنميته في أجواء “سوق مزايدات” بيع الاوهام والاحلام، وينتج عن هذا الخطاب ايضاً تفكك المجتمع وانحرافه عن الهدف الحقيقي الذي يسعى إليه.
إن استخدام الخطاب الحالم وامتهان بيع الأحلام ليس السبيل الصحيح لتحقيق الأهداف الوطنية بل هو اقصر السبل لتحقيق عكس ذلك.

أقرأ أيضًا: تأثيرات الاحتجاجات في دولة الاحتلال على المشهد السياسي.. ديمتري دلياني