الكُره لا الحب في فالنتاين

أقلام – مصدر الإخبارية
بقلم سعاد صائب سكيك
تخيلت لو شاهدت كوكب الأرض في 14 شباط (فبراير) من مكان مرتفع في السماء، أتوقع أنه سيكون مصبوغاً بالأحمر! إنه الفالنتاين.
عيد الحب، وهل للحب عيد؟ وحالات الطلاق تزداد، والكره زاد البشرية بقعاً سوداء، وشَوهت الممارسات السيئة مظهر الحب بين العشاق، فكيف يكون هناك متسعٌ للحب.
ربما أصبح معظمنا يعرف قصة القديس فالنتاين راعي العُشاق، الذي صبغ لون دمه الأحمر الأرض، تضحية في سبيل الحب، حينما قُتل قبل أكثر من 1500 سنة، بعدما تمرد في العشق.
وتقول كتب التاريخ أنه قُتل في 14 شباط (فبراير) عام 269 بعد الميلاد، وفي اليوم ذاته أُعلن عيد العُشاق.
وبالعودة إلى الوراء، تحديداً في القرن الثالث منع الإمبراطور كلوديوس الثاني الشباب من الزواج، لرغبته في تكوين جيش من الجنود غير المتزوجين حسب رؤيته، وكان فالنتاين حينها في خدمته.
ولما علم بالقرار، تزوج سراً من عشيقاته، وعندما علم الإمبراطور بذلك أمر بقتله.
وفي رواية أخرى، أخبر الفلكلور الشعبي الروماني أن القديس ساعد مسيحيين أبرياء في الهروب من سجون روما لينقذهم من التعذيب والضرب، فأمر الإمبراطور بسجنه، وخلال تواجده في السجن وقع في غرام فتاة صغيرة اتضح أنها ابنة السجّان.
وتوطدت العلاقة إلى أن كُشفت وأُمر بقتله، وحينها أرسل رسالة إلى حب حياته ووقعها بـ”من عيد الحب الخاص بك”، ومن هنا جاء عيد الحب.
ربما تكون الروايات كثيرة لأصل يوم الحب، إنما هي متعلقة بحب فالنتاين، وبصريح العبارة ليست بشخصه إنما بفعله الذي كتب الحب.
ومن قبل فالنتاين كان هناك عنترة بن شداد أسطورة العاشقين، وقيس حبيب ليلى، مروراً بالثنائي روميو وجولييت، وقصصٌ أخرى لم يعرفها العالم بسبب دفنها في محلها كون الحب محرم لدى بعض الأقوام.
وبغض النظر عن التاريخ، فأنا لم آتِ لأفتح لكم كتباً تاريخية، لكن لأتكلم عن ما وصلت إليه البشرية من حال بعيد عما يسمى الحب.
نشر موقع “جزيرة نت” تقريراً يتحدث عن حالات الطلاق، نقله عن تقرير نشرته مجلة (إيكونومست) البريطانية، نسبة صادمة تقول إن “أكثر من ثلث الزيجات في العالم العربي تنتهي بالطلاق”، وفي الكويت وحدها تصل إلى النصف.
ربما هناك أسباب عدة للطلاق، إلا أن أحدها بالتأكيد فقدان الحب، والأمان، والقلب عند أحدهما توقف بالنبض للآخر، وقصص كثيرة لا تزال في العناية المركزة مع روح تبحث عن الحب.
ما أعنيه هنا أن نظرة الحب والعشق اختلفت اليوم، فلم يعد للعاشقين جنون يبصر بعين الشريك، إنما ما نراه أخلاق عفنة تترصد الأخطاء، وعلاقات مسممة تغطيها المصالح، فماذا يعني أن يكون اثنان بينهما علاقة متينة وأسرار دفينة تتعدى الحدود، ولمّا يحدث الانفصال، تتفكك كل الراوبط، ويفضح كل طرف الآخر بطريقة سيئة جدا، هنا تتوقف وتقول: ماذا حدث للبشرية؟.
في شهر الحب، انتشرت الفضائح عبر مواقع السوشيال ميديا بين زوجين عاشا قصة حب، واختلفا، ثم انفصلا، ولم يكن الانفصال مؤدباً، فقد تجاوز كل خطوط الأخلاق، وببشاعة أخذ كل منهما يفضح الآخر في شخصه وبيته، وانشرخت تلك العلاقة المتينة ونُشرت الفضائح على الملأ، وتحول الحب إلى كره وحقد.
قالوا في الأمثال “ما محبة إلا بعد عداوة”، والواقع عكس ذلك تماماً “ما عداوة إلا بعد حب كبير”، فأنت حينما تحب شخصاً بقوة وبلا حد ثم تُفاجئ به، تكرهه بعد مدة، وكلما أحببته أكثر كلما كان الكره أكبر، وكلما صبرت وتحملت أذاه أكثر، أو عدم اهتمامه، كرهته أكثر.
وما يدل على أن الحب أصبح مفقوداً في عالمنا، قصص الفنانين والمشاهير في كل بقاع الأرض، الذين يتغنون بعشقهم في حكايات كالخيال، وسرعان ما يتحول إلى كارثة يتهم كل واحد الآخر ويفضحه في شكل مهين ومقزز.
وبناء على ذلك، كثيرون وجدوا أن فكرة الحب أصبحت ضرباً من الخيال، وهم ينأون عن الارتباط لما يشاهدونه ويلمسونه من مشاهد الكره، ما يؤلم أكثر.
والموجع أن الأشخاص الذين تعرضوا للوجع بسبب الحب، هم من قرأوا من روايات العشق الكثير، وعاشوا معها حالمين بمستقبل مشرق وسعيد مع عاشق شريك يرون فيه بطل قصة رومانسية انتهت بسعادة، ولما ارتبطوا صُدموا بشريك من البشر لا من عالم الروايات، وعاشوا عكس ذلك تماماً، فكانوا أكثر المتألمين.
في كثير من القصص لم تكن الروايات تُختتم بالسعادة، بل بمشاعر وجع كبير، لأجل الحبيب، وفقده، وكان الطرف الآخر فيها مشاركاً في الوجع والحب، ولم يكن مشاركاً في ضرر عاشقه كما يحدث اليوم.
اقرأ أيضاً: بمناسبة عيد الحب.. عمرو دياب يطرح أغنية جديدة (فيديو)