في يومها العالمي.. قصة الإذاعة من التأسيس إلى عبور عالم الإنترنت

تقارير – مصدر الإخبارية 

يصادف اليوم 13 شباط (فبراير) اليوم العالمي للإذاعة، وهو التاريخ الذي يتزامن مع بث أول إذاعة للأمم المتحدة والتي تأسست عام 1946، ويعد هذا اليوم مناسبة للاحتفاء بالإذاعة والإذاعيين، كما أنها مناسبة مهمة لتذكر أهم المحطات التي مرت بها أشهر الإذاعات العربية والتحديات التي واجهتها منذ الإنطلاق وصولاً إلى عالم الإنترنت.

وترجع فكرة الاحتفال باليوم العالمي للإذاعة، إلى الأكاديمية الإسبانية للإذاعة، بعد أن قدم الوفد الدائم لإسبانيا لدى المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” مقترحاً رسمياً في الدورة 187 للمجلس التنفيذي في أيلول (سبتمبر) 2011، وحظي المقترح بتأييد 91% ورفض 2%، من الجهات التي تم التشاور معها.

استند مقترح الاحتفال بالإذاعة إلى مدى شعبيتها وما تحققه من نجاح نتيجة سماتها وخصائصها الفريدة من نوعها، باعتبارها تقنية زهيدة الثمن لبث الأخبار تلقيها، ووسيلة جيدة للوصول إلى المستمعين على نطاق محلي وعالمي.

وعلى مدار عقود من الزمن، ساهمت الإذاعة في التوعية في المناطق التي تترتفع فيها معدلات الأمية، لميزتها كونها وسيلة متاحة للكثيرين حول العالم ولا تحتاج من المتلقي سوى التركيز السمعي.

الظهور ومراحل التطور

بدأت تقنية الإذاعة تحت مسمى “البرق اللاسلكي”، وهو الاختراع الذي تمخض عن اختراع تقنيتي الهاتف والبرق، حيث أنه في عام 1864 أظهر الأسكتلندي جيمس ماكسويل أنه بإمكان الموجات الكهرومغناطيسية الانتشار في المساحة الحرة، وفي 1888 تمكن الألماني هاينرتش رودلف هيرتز من إثبات نظرية ماكسويل الكهرومغناطيسية.

وفي عام 1892، وضع الأميركي من أصل صربي نيكولا تسلا تصميما أساسيا للمذياع، ليرسل الإيطالي غوليلمو ماركوني عام 1896 أول بث إذاعي، ونال براءة اختراع “الراديو” من بريطانيا.

وتوالى تطور الإذاعة بظهور أمواج “أف.أم” عام 1939، فبُثت أول إذاعة للأمم المتحدة عام 1946. وفي عام 1954 اخترع “راديو الترانزستور”، فأصبح المذياع متنقلا.

وتزامناً مع مجيء التقنيات الجديدة وتلاقي وسائل الإعلام المختلفة، أخذت الإذاعة بالتحول والانتقال إلى منصات بث جديدة، مثل الإنترنت ذات النطاق العريض، والهواتف الخلوية والصفائح الرقمية.

وفي العام 1990 ولدت إذاعة الإنترنت والعصر الرقمي، وأطلق أول قمر صناعي إذاعي عام 1992، ثم في 1994 أصبحت “دبليو إكس.واي.سي” أول محطة إذاعية تبث على الإنترنت.

في 11 كانون الثاني (يناير) 2017، صرح مسؤولون إعلاميون بأن النرويج بدأت وقف العمل بالنظام التناظري للبث الإذاعي عبر موجات “الأف.أم”، مما يجعلها أول دولة في العالم تتحول بصورة كاملة إلى “البث الصوتي الرقمي”.

الإذاعات العربية

بدأت قصة الإذاعة بهويتها العربية عام 1925، وكانت انطلاقتها الحقيقية من دولتي مصر والجزائر، ففي مصر كانت البداية من القاهرة والإسكندرية، عندما تحمس مجموعة من هواة البث اللاسلكي لإطلاق سلسلة إذاعات، تحت اسم “راديو القاهرة” و”راديو فوزية”، و”راديو أبو الهول”، و”راديو الجيش”، وراديو “مصر الجديدة”.

لم تدم تدم الإذاعات طويلاً، حيث تم إغلاقها عام 1932، ومن ثم تعويضها بـ “المحطة الإذاعية الحكومية”، التي شرعن بالبث عام 1934.

وبالتزامن مع انطلاق البث الإذاعي في مصر على يد هواة، كانت الجزائر قد شهدت في العام ذاته انطلاق أول بث إذاعي في البلاد، لكن بدايته كانت على يد المستعمر الفرنسي، حيث أنشأها أحد المستوطنين الفرنسيين، قبل أن تصبح خاضعة للحكومة عام 1963.

بعد انطلاق البث الإذاعي العربي من مصر والجزائر، بدأت الإذاعة تظهر في بعض البلدان العربية تباعاً، فقد عرفت المغرب الإذاعة عام 1928، وعرفتها تونس عام 1936، وفي أواخر الثلاثينات ظهرت الإذاعة في كل من العراق ولبنان وليبيا، ثم ظهرت في الأربعينات في كل من السودان وسوريا والبحرين والصومال واليمن والأردن والسعودية، أما فلسطين ودول عربية أخرى فقد عرفت الإذاعة في الخمسينات والستينات.

أشهر الإذاعات العربية

إذاعة صوت العرب

تم إنشاؤها عام 1953، وكانت من أوائل وأشهر الإذاعات، وكانت تبث في جميع دول العالم العربي باللغة العربية، وقد اشتهرت كوسيلة استخدمها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لبث خطاباته حول الوحدة العربية ومناهضة الاستعمار الأجنبي للبلدان العربية، ووصلت ذروة شهرة هذه الإذاعة في الخمسينات والستينات.

“بي بي سي” وأول نشرة بالعربية.. توقف بعد 84 عاماً

“هنا لندن، سيداتي سادتي، نحن نذيع اليوم من لندن باللغة العربية للمرة الأولى في التاريخ”. هذه كانت أولى العبارات التي سمعها العرب من المذيع كمال سرور من هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”. فقد شرع القسم العربي في بث برامجه، في 3 كانون الثاني (يناير) عام 1938، وكان أول قسم يبث بلغة أجنبية.

اقترن اسم إذاعة “بي بي سي عربي” منذ انطلاقها بدقات ساعة “بيغ بن” والعبارة الشهيرة لمذيعيها “هنا لندن”، لكن هذا الصوت الذي سمعه المستمعون العرب على مدار 84 عاما سيتوقف ليصبح تاريخا وذكرى؛ بعد إعلان الهيئة البريطانية في أيلول (سبتمبر) 2022 وقف البث الإذاعي بلغات عدة بينها العربية.

وسيخسر نحو 400 عامل في الخدمة العالمية في شبكة “بي بي سي” (BBC) وظائفهم ضمن برنامج لخفض التكاليف والانتقال إلى المنصات الرقمية، حسب ما أعلنت المؤسسة البريطانية.

وكشفت الشبكة نهاية تموز (يوليو) 2022 عن خطط لدمج قناة “بي بي سي” الإخبارية العالمية بالقناة البريطانية المحلية للشبكة، وإطلاق القناة الجديدة في أبريل/نيسان 2023.

وتُبث خدمة “بي بي سي” العالمية حاليًّا بـ40 لغة، ويشاهدها أسبوعيًّا نحو 364 مليون شخص.

اتحاد إذاعات الدول العربية

أنشئت منظمة اتحاد إذاعات الدول العربية في شباط (فبراير) 1969 بالعاصمة السودانية الخرطوم. وقد تم إنشاؤها بهدف “تقوية الروابط بين إذاعات الدول العربية والتعاون بينها، وتطوير إنتاجها شكلاً ومضموناً”. ويوجد مقر اتحاد إذاعات الدول العربية في العاصمة التونسية.

بث مشترك

على مر السنوات، تضافرت جهود الإذاعات العربية من أجل بث عربي مشترك لأعمال عدة، كان آخرها برنامج “الملكة” الذي يسلط الضوء على التجارب الإنسانية والمبادرات، والذي تم بث النسخة الإذاعية منه على أثير 16 إذاعة عربية.

أول إذاعة إلكترونية عربية

قفز عالم الإنترنت ليكتسح بدوره عالم الإذاعة، فكانت أولى التجارب مع “عمّان نت” أو “راديو البلد” الأردني، سنة 2000، كأول إذاعة عربية تبث برامجها بالصوت على الإنترنت، لتتحول بعد 5 أعوام إلى إذاعة تقليدية تبث عبر موجات الأثير.