البوسطة.. رحلة عذاب

أقلام – مصدر الإخبارية

كتب الأسير الفلسطيني مسلمة ثابت، من داخل سجن النقب مقالًا بعنوان: البوسطة.. رحلة عذاب، وفيما يلي المقال كاملًا عبر موقعنا:

رحلة العذاب في السجون مستمرة والبوسطة احد اهم اجزائها ولا يمكن لايٍ كان وصفها فلا يشعر بها الا من عايشها وجربها .

بالأمس ان بلغوني بأن لي موعداً في عيادة خارجية لاجراء صورة أشعة للفم والفكين كجزء من رحلة علاج طويلة لسنوات طوال انتهت بموافقة على عملية زراعة على نفقتي الخاصة وبحضور دكتور خاص انتدبته هيئة شؤون الاسرى .

رحلة عذاب البوسطة بدأت في اللحظات الأولى التي بدأت فيها بتجهيز نفسي وفي تحضير ما يلزم من ملابس وطعام .. طبعاً فقد كان ممنوعاً أخذ معلبات حديدية وبالتالي ما هو مسموح حلويات وشوكلاتة وصحون وكاسات بلاستيكية وكرتونية .. ولانني كنت مرتبكاً بعد أن تم ابلاغي في البداية أن ذهابي وعودتي في نفس اليوم ومن ثم أبلغوني بأنني سأبيت ليلة واحدة في معبار أوهيليكدار .. نتيجةً لهذا الإرباك نسيت الكثير من الأغراض اللازمة فقد نسيت سجائري وصحون البلاستيك والقهوة وأخذت معي حراماً واحداً فقط ، رغم البرد الشديد ونسيت أخذ وجه فرشة ..

خرجت من قسمي متوجهاً الى المكان المخصص للانتظار وبرفقتي شرطي حتى مجيء السيارة الخاصة لنقلي وهي سيارة تابعة للسجن نفسه وعلى خلاف البوسطة العامة فهي عبارة عن سيارة ميني باص شكلها الخارجي لم يجرى عليه أي تعديل ومكتوب عليها فقط : مصلحة السجون الاسرائيلية .. بيضاء اللون بينما من الداخل فقد تم تقسيمها الى غرفتين حديديتين الأولى تتسع لأسيرين والثانية لأربعة أسرى في المقدمة السائق والضابط المسؤول عن عملية النقل وفي مؤخرة السيارة كرسيان يجلس عليهما شرطيان آخران .

استعلمني الضابط المسؤول عن عملية النقل من الشرطي وبعد تشخيص هويتي تم تفتيشي يدوياً ومن ثم طلب مني الاستدارة للبدء بوضع الكلبشات .. نظرت فوجدت أن هناك أربعة أزواج منها تكفي لأسيرين فاعتقدت للوهلة الاولى أن هناك أسيراً آخراً معي .. الا أنني تفاجئت بأنه تم وضع اثنتين في قدمي وتم وضع مثلها في يدي .. وقد كنت في مرة سابقة قد رفضت هذا الاجراء ودخلت في مشادة كلامية مع الضابط المسؤول آنذاك وعدت الى قسمي دون الذهاب الى المشفى لاجراء فحوصات خاصة كانت مطلوبة .. إلا أن الامر في هذه المرة كان مختلفاً لسببين أساسيين أولهما أن الظروف والاجراءات اختلفت بعد عملية النفق والهروب من سجن جلبوع.

وثانيهما أنني مضطر للذهاب فقد زاد انتظاري لهذه الفحوصات لسنوات زادت عن الخمسة عشر سنة في رحلة علاج طويلة واجراءات ومماطلة واهمال متعمد فقدت خلالها كل أسناني.

ثم تمكنت من الحصول على موافقة للزراعة على حسابي ونفقتس الخاصة كأسير ، حيث قامت هيئة شؤون الأسرى بتغطيتها كاملة سوى عملية التصوير التي تمت من خلال حسابي الخاص في السجن ، حيث قمت بادخال مبلغ ١٠٠٠ شيكل لاجراء الصورة اللازمة .

وافقت مرغماً ومضطراً على القبول بهذا الامر الواقع والمفروض علي قسراً حتى أنني لم أناقش الضابط المسؤول فقد كان همي الاول اجراء التصوير اللازم لعملية الزراعة تحت اي ظروف كانت ومهما كانت المعاناة التي سأواجهها .

طلب مني أحد رجال الشرطة حمل الحقيبة وأنا مكبل اليدين ووضعها على جهاز الفحص وكانت قد وُضعت في كيس اضافي ثلاثة زجاجات ماء معدني حيث أن الماء في المعبار أصفر اللون وطعمه ورائحته لا شبيه لهما . لا تتخيلوا مدى صعوبة حمل الحقيبة وأنت مكبل اليدين والقدمين خاصة أن الحقيبة من الحجم الكبير ، صعوبة الحمل لم تكن بسبب ثقلها بل كانت بسبب معاناتي من آلام في ظهري .. حيث أنني مصاب في ديسك في فقراتٍ ثلاث وعانيت آلاما لسنوات طوال ، وواجهت صعوبات في الانحناء خاصة انه طلب مني خلع حذائي ووضعه على ماكنة التفتيش كاجراء أمني كامل شملت كذلك مروري وأنا حاني القدمين على جهازٍ آخر ، أصعب لحظة أكرهها هي اعادة لبس الحذاء والتي استغرقت مني جهداً وألماً ووقتاً ، وكانت الكلبشات تشتد على يدي مما يزيد في احمرارها ، توجهت وانا مثقل الخطى وأسير بصعوبة نحو السيارة التي كانت تبعد مسافة عشرة أمتار ، وقبل دخولي الى السيارة تم تفتيشي يدوياً للمرة الثانية ، اجلس في الغرفة التي كانت تحوي اربعة مقاعد ، وكانت في مؤخرة السيارة ، وتم اغلاق تلك الغرفة الصغيرة والتي كانت بمثابة صندوق حديدي لا تدخله نسمة هواء ، مغلق من جهاتٍ ثلاث بالكامل ، والباب الصغير والذي كان عبارة عن لوح حديدي فيه ثقوب صغيرة وعليه بالكامل زجاج بلاستيكي .. لحسن الحظ وعدى خلاف البوسطة العامة ، كانت كراسي هذه السيارة من الجلد مما خفف الام ومعاناة السفر لساعات عدة .

أغلق الباب علي بأقفال ثلاثة وجل شرطيان على جانبي الباب على كرسيين خصصا لذلك ، وأغلق الباب الخلفي للسيارة بالكامل ، الشرطيان كان أحدهما أثيوبياً والسائق روسي . بدأت السيارة بالتحرك من المكان نحو بوابة السجن الخارجية ، لتقوم باجراءات تفتيش أخرى تشمل تشخيص نهائي لي وتفتيش كامل للسيارة من كافة جوانبها وتسليح أعضاء الشرطة بأسلحة خاصة كانت عبارة عن مسدسات وسلاح أوتوماتيكي.

في شوارع واسعة نحو مدينة بئر السبع .. استطعت وبصعوبة النظر من الثقوب لأرى السيارات تتحرك وأشجار وصحراء قاحلة ومعسكرات جيش منتشرة وخيام بدو عرب بعيدة وجمال تسير في الصحراء .. ومحطات توليد كهرباء شمسية منتشرة على مساحات شاسعة من صحراء النقب.

في الصندوق الحديدي الذي جلست فيه لما يقارب الساعتين حتى وصول العيادة ، شعرت ببرد شديد بعد قيام سائق السيارة بتشغيل المكيف وأنا لم أطلب منه إيقافه ، وما أن وصلنا الى مدينة بئر السبع حتى استطعت من الثقوب أن أرى شخوصاً تتحرك ولمحت الكثير من العرب والنساء المنقبات ، توقفت السيارة في موقفٍ خاص وسط مراكز تجارية ومطاعم وعمارات مختلفة .. ولحظات بسيطة وفُتح الباب وطلب مني الخروج .. بدأت بالنزول بالسيارة بصعوبة بالغة لوجود الكلبشات على قدمي وما أن وضعت قدمي على الأرض ورفعت رأسي للأعلى حتى اكتشفت أنني وسط سوق تجاري فيه…

وصلت أنا ومرافقتي من الشرطة الى المصعد الكهربائي .. وطبعاً دخله شرطي قبلي لتفحصه بعد أن حاولت أنا الدخول أولاً مُمسك يدي بقوة وشدّني الى الخلف ليدخل هو قبلي ، كاجراء أمني ، مع ابتسامة منه وحديقه العبري للشرطي الآخر بأنه لا يجوز للأسير الدخول أولاً ، ضحكت وقلت له لا تقلق لن أهرب .. توقف المصعد في الطابق الثالث حيث كانت العيادة ، دخلت الى عيادة تجلس فيها امرأة في الاربعينيات من العمر وأخرى في الثلاثينيات .. طلبت مني الدخول إلى غرف منها جهاز التصوير حيث طلب مني الوقوف ووضع رأسي في مكان مخصص لاجراء التصوير اللازم ، تمت عملية التصوير والتي استغرقت ما يزيد عن العشرين دقيقة ، دون أن يتم فك الكلبشات وبحضور الضابط داخل غرفة التصوير ، انتهينا من عملية التصوير وعدنا حيث السيارة متوقفة وما حدث معي أثناء نزولي منها مكرر حدوثه مرة أخرى حيث النظرات والاجراءات وما ان جلست في السيارة حتى عادت الي تلك المشاعر والأفكار المتداخلة والتخيلات التي فاقت كل حدود الواقع .. انطلقت السيارة نحو معبار سجن بئر السبع ( أوهليكيدار ) وما هي الا ربع ساعة حتى وصلنا وتم انزالي من السيارة حاملاً الحقيبة وكيس الماء وما واجهته من صعوبة المشي على عشب أخضر بكلبشات حديدية ومسافة زادت عن الخمسين متراً .. دخلت من ابواب عدة لأصل الى جهاز كشف المعادن والفحص الذي تطلب مني مرة أخرى الانحناء وخلع الحذاء وحمل الحقيبة ووضعها على الجهاز والاستدارة ولكن هذه المرة لخلع الكلبشات من القدمين واليدين بعد اجراء التفتيش وتسليمي الى ضابط اخر مسؤول عن المعبار ، تم ادخالي الى غرفة صغيرة (زنزانة انتظار ) ، حيث الرائحة الكريهة ، وجلست على مقاعد من الباطون وبرد شديد تسلل الى جسدي وتناولت زجاجة ماء وبدأت بالشرب وأخذت قطعة شوكلاتة حيث أنني كنت صائماً لغرض التصوير والذي اكتشفت فيما بعد انه بالخطأ ، حيث أن التصوير لا يلزمه الصيام وأن ابلاغي بذلك كان خطأ من الممرض في السجن.

انتظرت لحوالي نصف ساعة ليتم مرة أخرى وضع قيود في يدي واقتيادي الى غرفة المعبار فصعدت درجاً طويلاً حاملاً الحقيبة مكبل اليدين الى الطابق الثالث حيث المعبار ودخلت هناك الى غرفة ٨ والتي كانت واحدة من عدد الغرف المخصصة لذلك منها جزء للاسرى الامنيين وأخرى للاسرى الجنائيين ،، دخلت الى الغرفة لأكتشف وجود اسيرين احدهما من قطاع غزة والآخر من محافظتي طولكرم ، الأسير الغزاوي لم ألتقي به منذ ثماني سنوات وكان في المعبار بهدف العلاج والاسير الاخر كان في نفس السجن الذي أنا فيه ( سجن النقب ) .

تبادلنا السلام والاحضان وكلمات الاشتياق والمجاملات المعهودة وكل ذلك والقيود ما زالت في يدي لينادي علي الشرطي ويطلب مني اخراج يدي من فتحة صغيرة في باب الغرفة مخصصة لادخال الطعام منها .

تنفست وجلست على برش حديدي بفرشة أعطيت لي رائحتها عفنة ، وبدأت جولة من الحديث المتبادل والاسئلة الاعتيادية كيف وومن ومتى وماذا حصل ، وليس كيف حالك وطبعاً مع التذمرات وعبارات الاحباط من سوء الوضع وطول الانتظار وسنوات عمر مضت وتنظيمات أهملت أبناءها وتناستهم واتهامات وتحليلات ، شعرت بالتعب الشديد ونمت لساعات لاستيقظ على أصوات أسرى قدموا من سجون أخرى منهم من أعرفه ومنه من كان قادم جديداً الى الحياة الاعتقالية ولديه الكثير من الطاقة والحيوية وصعوبة جلوسه دون حراك وشغب وفوضى ، أنا شخصياً تعجبني وارتاح لوجودها والتعرف على أشخاصها …

امتلأت الغرف جميعها وبدأت حالة من الصراخ وتبادل التحايا والاستفسارات والرسائل ، وما أن هدأ الأمر حتى علمت أن هناك أسرى أصدقاء لي لم أراهم منذ سنوات وسنوات .. جميعهم كانوا في المعبار بهدف العلاج الطبي وجميعهم كانوا يعانون من مشاكل صحية في القلب وجاء لاجراء فحوصات مهمة ودورية كان منهم الاسير احمد ابو جابر من كفر قاسم والذي يعاني من أمراض ، وأجريت له عملية قلب مفتوح ومضى على وجوده في السجن ٣٥ عاماً والاسير فراس حتاوي من مخيم قلنديا والذي لم ألتقي به منذ ما يقارب الخمسة عشر عاماً ومحكوم تسع مؤبدات ، والأسير رمزي عبيد من مخيم الامعري وأسرى آخرين سنوات السجن الطويلة أصابتهم بأمراض مزمنة وأوجاع متواصلة ، ورحلات علاج واهمال طبي متواصل ومتعمد … أما الأسرى الجدد فجميعهم أسرى موقوفين ومعتقلين حديثاً ومن تنظيمات عدة أعمارهم لا تزيد عن العشرين عاماً من مختلف مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس والداخل الفلسطيني ، نسيج تنظيمي وجغرافي واجتماعي زاد من جمال وروعة اللقاء والحديث المتبادل والمواضيع المختلفة والشيقة .

كان في الغرفة سبعة أسرى من مناطق وأعمار وتنظيمات مختلفة ، تبادلنا الحلويات وتشاركنا الطعام وجلس كل منا مع من يعرفه ، تبادل معه الحديث واستمعنا الى راديو كان بحوزة احدهم ، وأنا جلست لأكتب رحلة معاناتنا في البوسطة على أوراق اخدتها من صديق أحضر دفتراً وكتاباً ليستعد لامتحان في جامعة فلسطين ، خروجه للبوسطة كان اضطرارياً وكان عليه الاستعداد للامتحان الذي سيقدمه بعد عودته .

نمنا بصعوبة بعد ان اتضح لنا أن أحد الاسرى شخيره يسمعه من في مدينه بئر السبع ويعاني من اللحمية الزائدة وصعوبة التنفس ، تمنيت أنا ومن معي ودعونا الله أن تسير الليلة بأسرع ما يكون ، استيقظنا جميعاً على صوت الشرطي وهو ينادي للعدد ، كل منا الى سجنه ..

بعد ما يزيد عن الساعتين حضرت قوات الفاحشون المختصة بعملية النقل وكاجراء تم تقييدنا كل اسيرين بكلبشة واحدة وخرجنا من الغرفة ، حاملين حقائبنا الى غرفة الانتظار في المعبار والى اجراءات الخروج والتي تشمل التفتيش والفحص والتشخيص واعادة تكبيل القدمين واليدين ..

اجتمعنا في الزنزانة (غرفة الانتظار ).. اكثر من عشرة اسرى وخرجنا بعد ان تم النداء على أسماءنا اسماً اسماً الى جهاز كشف المعادن بعد ان تم تكبيل يدينا وقدمينا ، واجراء تفتيش جسدي كامل وخلع للحذاء وصعوبة لبسه مرة اخرى ، لنخرج الى البوسطة العامة والتي هي عبارة عن باص كبير يتسع لحوالي ٣٨ اسيراً ، الباص من الخارج مختلف كلياً عن داخله ، حملنا الحقائب ووضعناها في خزانات الباص وصعوبة ذلك لايدي مكبلة ، الباص كان مقسماً الو قسمين ، قسم عبارة عن غرفة حديدية بالكامل ، تتسع الى ٢٨ اسيرا ، مقاعد حديدية بالكامل وشبابيك مغلقة ، والقسم الاخر غرف حديدية صغيرة تتسع لاسيرين عددها على ما اعتقد خمسة غرف وهي عبارة عن زنازين صُنعت خصيصاً لأسرى معزولين أو خطرين أو كان لهم محاولات هروب سابقة ومصنفين ( ساجاف ).

في الغرفة الكبيرة التقينا في سجون عدة ، نفحة وريمون والنقب ، انطلقت الرحلة بالاجراءات ذاتها والخروج من الباب الرئيسي لسجن السبع نحو سجن ريمون ونفحة ، الطريق استغرقت حوالي ٤٥ دقيقة ، تبادلنا الحديث مع الاسرى الذي كانوا جميعهم تقريباً أسرى جُدد .. وبعثنا السلام والتحايا لاصدقاءنا في سجن نفحة وريمون وأنا شخصياً بعثت هدية لأحد أصدقائي ، ساعة يد جديدة ، كان قد بعث لي مراراً يطلب مني أن أُرسل له ساعة يد . وصلنا سجن ريمون لينزل أسرى السجن وليدخل علينا أسرى جدد ، شعرت أثناءها بحاجتي للذهاب الى المرحاض ، طلبت من الضابط المسؤول الوذي طلب مني الانتظار حتى انتهاء الاجراءات الخاصة بانزال الاسرى وادخال الاسرى الذاهبين الى المعبار ، بعد انتهاء الاجراءات طلبت مرة أخرى واجابني بأن ذلك صعب وأن علي الانتظار حتى وصول سجني .

تقبلت الموضوع بغضب وشعور بالسخط وجلست على الكرسي الحديدي وأنا في حالك ضغط ، جلس الى جانبي شاب في العشرينيات مصاباً بالرأس ويمشي على عكازتين ..
لفت نظري أنه مكبل اليدين والقدمين وأنه تم احضاره الى البوسطة في هذه الحال وباجراءات لا تختلف عن أي أسير آخر ، سألته عن اسمه ، سبب اصابته ، آلامه وأوجاعه ، تمتمت بعبارات السخط والحزن والدعوات له بالشفاء ، انطلقت البوسطة الى سجن النقب لنصل اليه بعد ما يزيد عن الأربعين دقيقة وصلنا الى بوابة السجن ، لنجتازها باجراءات مشابهة وندخل الى موقع مخصص للبوسطات وهو نفس الموقع الذي انطلقت منه في بداية الرحلة ، نزلنا من البوسطة وكان عددنا ثلاثة أسرى ، استقبلنا حراس السجن وكان أحدهم يمسك كلباً بدء بالعواء علينا ، وتم ادخالنا الى غرفة خاصة وزنزانة الانتظار بعد أن تم فك قيودنا التي كانت على القدمين ، أما قيود اليدين لم يتم فكها الا بعد دخولنا الى الغرفة ، ليأتي شرطي من شرطة السجن ويقتادني الى قسمي بعد مروري أنا وحقائبي عبر جهازي كشف معادن ..

دخلت القسم وأنا متعب ومرهق وآثار الجوع الشديد ظاهرة علي ، استقبلني الأسرى بالضحك والمزاح والترحيب ، شعرت أنني في بيتي وبين أهلي ، جلست على الكرسي وكأنني تحررت من سجني ، هذه معاناتي ورحلتي التي عانى منها الالاف غيري ، منهم من كتب عنها ومنهم من حدثها لغيره ، جميعنا بلا استثناء عشناها وعانينا من اجراءاتها وما زلنا ..
كتبتها حتى أوصل معاناتي ومعاناة رفاق دربي لكم وللعالم أجمع.

اقرأ/ي أيضًا: تنقل الأسرى في “البوسطة” يفاقم معاناتهم خلال رمضان