عنف الأهل للأبناء.. بين مبررات التربية والآثار الكارثية على مستقبلهم

سماح شاهين- مصدر الإخبارية
تنتقد هبة سعيد طريقة زوجة شقيقها في تربية أطفالها الثلاثة، ولجوئها للضرب والتعنيف والشتم دون التفكير بخطورة الأمر، فيما تُثير الأخيرة غضبها من عنف الأهل للأبناء واستغرابها بردها: “لا أحد يحبهم مثلي وأضربهم حتى أربيهم وليعرفوا الصواب من الخطأ”.
تقول هبة سعيد لـ”شبكة مصدر الإخبارية“، إنّ “أسلوب زوجة شقيقي بات يضايقني أكثر فأكثر، وأن تبرريها للسبب الذي يدفعها للضرب خاطئ لأن الطفل يبدأ يشعر بانعدام الأمان والخوف الدائم خوفًا من عقاب والدته ويجعل عنف الأهل للطفل هشًا وضعيف الشخصية”.
وتضيف أنّ “مشاهد العنف تتكرر يوميًا بالأحزمة والعصي والأحذية عدا عن الدعاء عليهم، مما يثير غضبي وخوفي عليهم”، منوهًة إلى أنها أخبرت شقيقها بما تقوم به زوجته فأجابها بأنه سيضعها عند حدها لكن دون جدوى.
وتتابع سعيد: “بسبب العنف أصبح الأطفال يلجؤون لي ولجدتهم للهرب من والدتهم والشعور بالأمان والحب، ونحاول طمأنتهم بأنها فترة وستزول ونبدأ بتعليمهم بهدوء من خلال الحديث معهم وعدم الضرب والتعنيف”.
طفولة بائسة
محمد طفل لم يتجاوز عمره العشر سنوات تربى على العنف داخل منزله الذي من المفترض أن يكون ملاذًا للأمان والدفء له، إلا أنه لم يعش في أجواء الطمأنينة والراحة النفسية والحنان، بل يتعرض للعنف بشكل يومي من قبل والده.
بالضرب والشتم وحرمان من المصروف اليومي عند أبسط المواقف، هكذا يعيشه محمد طفولته البائسة التي يتخللها الكثير من الوجع وسط مبررات للتربية غير منطقية بأنه يجب أن يتعلم ولا يُكرر الخطأ عندما يصبح شابًا.
وتقول والدة الطفل محمد لـ”شبكة مصدر الإخبارية، إن والد محمد يتجاهل خطورة العنف من أضرار جسدية ونفسية بدأت تظهر عليه، فأصبحت شخصيته مهزوزة والميل إلى الوحدة والصمت والكراهية، إضافة إلى أنه أصبح عدواني مع جميع من حوله.
أضرار نفسية وجسدية لعنف الأهل للأبناء
الأخصائية النفسية هند عاشور تُوضح في حديث خاص مع “شبكة مصدر الإخبارية“، أن عنف الأهل ليس وسيلة فعالة للتأديب في البيت أو المدرسة، لأنه ينمي علاقة كراهية بين الطفل والشخص الذي يضربه مما يؤثر على المشاعر الإيجابية الموجودة بين الطفل وأهله.
وتُشير عاشور إلى أنّ عنف الأهل سيؤثر على سلوك الطفل، ما يجعله عنيدًا، متهورًا، ومؤذيًا، وغير عقلاني، ومحبًا لافتعال المشاكل، بالإضافة إلى أنه سيكون هناك خلل في علاقاته وتواصله مع أقرانه في المدرسة وغيرها.
وتردف أنّ الطفل سيكون أكثر عرضة ليتبنى سلوكيات جريئة ومتهورة وغير أخلاقية مثل تعاطي المخدرات، وقد تصبح شخصيته غير متزنة عاطفيًا ونفسيًا، وقد يعاني من نوبات اكتئاب أو نوبات انفعالية شديدة.
وتبيّن أن لجوء الأهل لعنف الطفل يعود إلى غياب الوعي الثقافي لدى الأم والأب والأسرة بأكملها، وعدم معرفتهم آثار التربية الخاطئة وما يمكن أن يواجهه الطفل من مشاكل بسبب أسلوبهم.
وتنوه عاشور إلى أنّه بسبب أسلوب التربية الخاطئة للآباء، وعلى المدى البعيد سيتبع الأبناء أسلوب تربية آبائهم لهم، لافتًة إلى أنهم بسبب تعرضهم للعنف سيمارسون العنف على الأخرين.
وتضيف أنّ عنف الأهل والصراخ يرعبان الأطفال ويضغطان عليهم بما يؤثر على مهاراتهم في التعلم وقدراتهم، وقد يتصرفون على نحو أفضل لفترة قصيرة لكن على المدى الطويل قد يصبحون عدوانين وتعساء وخائفين.
ووجهت الأخصائية النفسية عدة نصائح للأهالي لاتباع أسلوب التربية الصحيحة مع الطفل منها:
1- ابتعادهم عن أسلوب التربية الخاطئة واتباع أسلوب التربية الصحيحة والإيجابية وفق تعاليم الدين الإسلامي.
2- التخلص من مشاعر الغضب عن طريق ممارسة أنشطة مختلفة مثل: العبادات والاسترخاء والهدوء.
3- التفاؤل والنظرة الإيجابية للحياة.
4- التحدث مع الطفل من خلال أسلوب الحوار والتفاهم لحل المشاكل بطريقة صحيحة وتعليمه كيفية مواجهة المشكلة وعدم الهروب منها.
5- عدم مقارنة أطفالهم بالآخرين.
6- الابتعاد عن النقد السلبي لأطفالهم.
7- حثهم على المشاركة والصراحة.
8- التفكير الإيجابي في التعامل مع الأمور.
9- النظرة الصحيحة للنجاح والفشل.
10- معرفة أهمية التعزير الإيجابي في تعديل السلوك.