وصلت أكثر من 32 ملياراً.. ما الحل لمشكلة ديون الحكومات الفلسطينية؟

صلاح أبو حنيدق- خاص مصدر الإخبارية:
مع اقتراب نهاية العام 2022 تتعمق الأزمة المالية في فلسطين نتيجة وصول قيمة الدين العام والمتأخرات المتراكمة على الحكومات الفلسطينية إلى قرابة 32.2 مليار شيكل.
ووصل الدين العام الفلسطيني لنهائية شهر أيلول (سبتمبر) الماضي إلى 12.510 مليار شيكل والمتأخرات على الحكومات إلى 19.7 مليار شيكل وفق أخر الإحصاءات.
ويرى محللون ومختصون اقتصاديون أن تراكم المبالغ المذكورة سببه الاعتماد على المساعدات المالية الخارجية لسنوات طويلة واستخدام الاحتلال الإسرائيلي عوائد المقاصة كورقة ضغط على السلطة الفلسطينية وسوء إدارة المال العام.
وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح، المحلل الاقتصادي طارق الحاج إن “المبلغ مقارنة بموازنة السلطة كبير جداً، ويتعلق الجانب الأول من أسبابه بتراكم الديون المستحقة للموردين للخدمات الحكومية والوزارات والقطاع الخاص على الحكومة الفلسطينية من خلال إمداد القطاعات الحكومية بالأجهزة والخدمات وتنفيذ مشاريع بنى تحتية ومخططات تطويرية في عدة مناطق كموردي الأدوية للمستشفيات والمقاولين”.
وأضاف الحاج في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن” وزارة المالية عمدت على عدم الالتزام بتسديد الأموال المستحقة على الحكومة لصالح الموردين والقطاع الخاص بحجة التعثر مالياً ما ساهم بتراكم المبالغ لمستويات قياسية”.
وأضح الحاج أن” الجانب الثاني من الأسباب أن جزء من الديون المتراكمة على الحكومات عبارة عن قروض بنكية كانت قد أخذتها من البنوك ولم تستطع الالتزام ببرامج سدادها”.
وأشار إلى أن “الجانب الثالث يتعلق بدفع الحكومات الفلسطينية رواتب منقوصة للموظفين بنسبة 80% مقابل إبقاء نسبة 20% في ذمتها”.
وعبر الحاج عن اعتقاده بأن” قيمة الأموال المتراكمة على الحكومات الفلسطينية أعلى بكثير من الأرقام المعلنة لوجود اختلاف في طريقة حسابها سواء كان من الجهات الرسمية أو غيرها”.
وأكد الحاج أن “أي دولة بالعالم تعتمد على تسير أمورها على المساعدات الخارجية تعكس فشل في إدارة المال العام”. مبيناً أن “الاعتماد على المساعدات الخارجية ساهم بتعثر الفلسطينيين مالياً لاسيما على صعيد معيشة المواطن ودفع الرواتب”.
وشدد الحاج على أن “الجانب الفلسطيني قايض للأسف الحلول السياسية بالدعم المالي الخارجي، ما ساهم بتراجع فرص الحل السياسي الذي كان مفترض أن يبدأ بعد خمس أعوام من اتفاق أوسلو للسلام، وخلق نوع من اليأس والملل لدى الداعمين الدوليين واهمال كامل الشأن الفلسطيني”.
ولفت الحاج إلى أن “العالم حول صلب اهتماماته نحو شعوبه مع ظهور العديد من الأزمات على مدار سنوات متعددة وكان أخرها فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية”.
ونوه إلى أن “العالم لم يعد يلتفت لدول لم تستطع على مدار 26 عاماً إدارة مالها العام والاعتماد على مواردها ونفسها”.
واستطرد الحاج أن “استخدام إسرائيل لأموال المقاصة كسيف مسلط على رقاب الفلسطينيين ساهم أيضاً بتراكم الأزمة المالية بالإضافة لسوء إدارة الحكومات الفلسطينية للمال العام على مدار سنوات طويلة”.
ورأى أن “الحل لمشكلات الفلسطينيين المالية يبدأ بتشكيل جسم تشريعي فلسطيني قوي منتخب من الكفاءات بعيداً عن الألوان السياسية ليكون قريباً من الشعب ومشاكله وتقديم الحلول لها”.
وأكد على “ضرورة توحيد الموارد الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وكسر الاحتكارات التي تعبث بلقمة عيش المواطنين بدون ضوابط”.
من جانبه، اتفق المختص الاقتصادي محمد أبوجياب بأن تراجع قيمة الدعم المالي الخارجي الذي اعتمد عليه الفلسطينيين لسنوات طويلة والاقتطاعات المالية الإسرائيلية من المقاصة ساهم بدفع الحكومات الفلسطينية للبحث عن حلول كان أبرزها الاستدانة من البنوك ودفع رواتب منقوصة للموظفين وعدم المقدرة على الالتزام بأموال القطاع الخاص المستحقة عليها”.
وقال أبو جياب في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” المبالغ الكبيرة المتراكمة على الحكومات وزيادة الدين العالم له أثار سلبية على المستوى الاستراتيجي القادم للأمام وقدرة الفلسطينيين ككل على التسديد مستقبلاً”.
وأضاف أن “الحكومات الفلسطينية وكان أخرها برئاسة محمد اشتيه اتجهت للاستدانة من البنوك والمؤسسات بدلاً من وضع خطة وترشيد نفقاتها في شتى القطاع الحكومية”.
وأكد أبو جياب أن “المطلوب لحل مشكلة الديون المتراكمة إجراء إعادة هيكلة مالية لنفقات السلطة الفلسطينية وتعزيز الرواتب وإعادة النظر بقوانين الضرائب وتوسيع الشرائح المسددة للضريبة”.
الجدير ذكره أن إجمالي الإيرادات الضريبة للحكومة الفلسطينية بلغت 10.7 مليار شيكل لنهاية الربع الثالث 2022.