أزمة سلطة النقد والبنوك غير المرخصة في غزة.. ما الأسباب وآليات الحل؟

صلاح أبوحنيدق -خاص مصدر الإخبارية:
أثار تحذير سلطة النقد الفلسطينية بالثامن من كانون الأول (ديسمبر) الجاري سكان قطاع غزة من التعامل مع البنوك غير المرخصة في القطاع (الوطني الإسلامي والإنتاج) تخوفات جديدة حول مستقبل معاملات آلاف الموظفين والمواطنين، وتساؤلات حول الأسباب الحقيقة للأزمة وآليات حل الخلاف الدائر حولها منذ قرابة 12 عاماً.
وجاء تحذير النقد بعد أيام من افتتاح البنك الوطني الإسلامي فرعاً جديداً بشمال قطاع غزة في الرابع من ديسمبر الجاري.
وأنشئت الجهات الحكومية بقطاع غزة مصرفين الأول الوطني الإسلامي في عام 2009 والثاني الإنتاج في 2013.
وقالت دائرة الانضباط في سلطة النقد في تحذيرها إن القرارات الأخيرة من قبل الجهات الحكومية قطاع غزة بإنشاء بنوك جديدة غير قانونية.
وأكدت النقد في بيان أن الجهات الحكومية بغزة بقيادة حماس لا تملك صلاحية ترخيص مصارف جديدة مشددةً أنها الجهة الوحيدة المختصة بالأمر وتشرف عليه وفقاً لأحكام القانون.
وحذرت النقد سكان القطاع من التعامل مع أي مصارف غير مرخصة كونها كيانات غير خاضعة للرقابة والإشراف.
وقال الخبير الاقتصادي أسامة نوفل إن “تأسيس بنكي الوطني والإنتاج ليس جديداً وموضوع عدم اعتمادها ضمن منظومة سلطة النقد سببه اشتراط حصول أي مصرف ينوي العمل في الأراضي الفلسطينية على موافقة أمريكية إسرائيلية”.
وأضاف في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “تبعية البنكين للجهات الحكومية في غزة وتحديداً حركة حماس حال دون حصولها على موافقات للعمل تحت مظلة سلطة النقد”.
وأشار ” عملياً البنكين الوطني والإنتاج لها مجالس إدارة وموظفين مستقلين من كفاءات المجتمع المحلي في قطاع غزة وتعمل وفق الأنظمة المالية والمصرفية الحديثة في العالم وتشهد استقراراً مالياً ولم تعاني من أزمات ومشاكل خلال السنوات الماضية، كان المفترض اعتمادها ضمن سلطة النقد”.
وأكد نوفل أن” مشكلة سلطة النقد مع المصارف المذكورة أن مرجعيتها مرتبطة بالمنظومة المالية الإسرائيلية وقرارات الولايات المتحدة بعدم اعتماد أي بنك دون موافقتها”.
وشدد نوفل أن” البنكين ساهموا على مدار السنوات الماضية على بتسهيل العديد من المعاملات المالية أهمها رواتب الموظفين في غزة وأخرى تتعلق برجال أعمال وتجار في القطاع، وساهم بالتخفيف من سوء الأوضاع الاقتصادية من خلال برامج الإقراض التي تقدمها للسكان، واستثمار الكثير من الودائع في الاقتصاد المحلي”.
وتابع نوفل أن” السؤال المهم الآن لماذا حذرت سلطة النقد من التعامل معها؟ الجواب هو أن حجم الإيداع في بنوك سلطة النقد في غزة تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية ووصولها إلى مليار و200 مليون دولار فقط مقارنة بقرابة تسعة مليارات دولار في الضفة الغربية”.
ورأى أن” سلطة النقد تحاول توجيه آلاف العملاء الذين يرتبطون بمعاملات مالية في بنكي الوطني والإنتاج نحو بنوكها بما يساهم بزيادة رأس مالها”.
وأكمل أن “الغريب في الأمر أن البنوك المنطوية تحت دائرة سلطة النقد في غزة تتعامل مع الجهات الحكومية في القطاع، لاسيما على صعيد قضايا الذمم المالية والمتعثرين ورفع قضايا في المحاكم وارسال خطابات رسمية إلى القضاء الفلسطيني، ما يضع علامات استفهام.. لماذا تتعامل معها في قضايا وتتبرأ منها في أخرى؟”.
ولفت نوفل إلى أن” السياسة الحالية لسلطة النقد تترك أثراً سلباً لدى المواطن من خلال إثارة الخوف لديه حول أمواله في هذه البنوك وعلى جزء من الاقتصاد الغزي الذي ارتبط بسيولة نقدية تأتي من خلالها شهرياً”.
من جهته رأى المحلل السياسي مصطفى إبراهيم أن “حل الأزمة المتعلقة بالبنكين الوطني والإنتاج مرتبطة بدرجة أولى بإنهاء الوضع القائم والانقسام الداخلي الفلسطيني”.
وقال إبراهيم في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” سلطة النقد ترى في نفسها جزءاً من المنظومة المالية العالمية ولا تريد التسبب بإشكاليات قد تلقي بظلال على عملها كمظلة للقطاع المصرفي في فلسطين”.
وأضاف إبراهيم أن” السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تنظر للبنوك التابعة للجهات الحكومية في غزة خارج سيطرتها والمعاملات المالية المجرية عبرها تنحصر داخل قطاع غزة ولا يمكن أن تتطور لخارجه”.
وأشار إبراهيم إلى ان” فلسطين وقعت مؤخراً العديد من الاتفاقات المتعلقة بما يسمى بالإرهاب تترك أثاراً على الواقع الفلسطيني في ظل عدم امتلاك دولة مستقلة، ينظر العالم إلى بعض الجهات فيها إرهابيين ويقيد معاملاتها المالية ويفرض عليها حصاراً”.
وأكد إبراهيم على أن “المنظومة المالية في فلسطين معقدة ترتبط بالعديد من المتغيرات ذات العلاقة بالاحتلال الإسرائيلي والنظام المالي العالمي ما يحتم عليها تتبع الحذر في آليات عملها ومعاملاتها”.