في ذكرى انتفاضة الحجارة.. كيف يستفيد الفلسطينيون من تجربتهم النضالية في الوضع الراهن؟

خاص – مصدر الإخبارية 

تمر اليوم الجمعة الذكرى الـ35 لاندلاع الانتفاضة الأولى “انتفاضة الحجارة”، التي أشعلها الفلسطينيون في وجه الاحتلال في التاسع من كانون الأول (ديسمبر) 1987، وامتدت حتى عام 1994، لتشكل واحدة من أهم المراحل التاريخية في نضال الشعب الفلسطيني.

كان السبب المباشر لاندلاع الانتفاضة الأولى، استشهاد أربعة عمال على حاجز بيت حانون “إيرز”، بعد أن دهسهم مستوطن بشاحنته متعمداً، والشهداء هم: الشهيد طالب أبو زيد (46 عاماً) من مخيم المغازي، والشهيد عصام حمودة (29 عاماً) من بلدة جباليا، والشهيد شعبان نبهان (26 عاماً) من جباليا، والشهيد علي إسماعيل (25 عاماً) من مخيم المغازي.

بعد جريمة قتل الفلسطينيين الأربعة، عم الغضب الشعبي مخيمات القطاع وخاصة مخيم جباليا، وانطلقت مظاهرات عفوية غاضبة، تحولت إلى مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، والتي أسفرت عن ارتقاء الشهيد الشاب حاتم السيسي، أول شهداء انتفاضة الحجارة.

تواصلت أحداث الانتفاضة الأولى على مدار سبع سنوات، وارتفعت معها أرقام الشهداء والمصابين والمعتقلين، وتعمقت معها جراح الأمهات والأطفال والعائلات الثكلى، فلم يكد بيت فلسطيني يخلو من شهيد أو جريح أو معتقل، هذا في حال لم يجتمع الثلاث سوياً.

في ذكرى الانتفاضة الأولى، نستذكر إحصاءات المؤسسات الرسمية، والتي بينت أن الانتفاضة أسفرت عن ارتقاء 1550 شهيداً، واعتقال 100-200 ألف فلسطيني، وزادت أعداد الجرحى عن 70 ألف جريح، يعاني 40% منهم إعاقات دائمة، و65% يعانون من شلل دماغي أو نصفي أو علوي أو شلل في أحد الأطراف، بحسب إحصاء مؤسسة الجريح الفلسطيني.

وبهذا الشأن قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني خليل شاهين إن “الانتفاضة الأولى ردت على السياسات التي هدفت إلى محاولات شفط وإلغاء منظمة التحرير الفلسطينية وخصوصا بعد الغزو الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 وإخراج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان حيث ساد اعتقاد أن تلك المرحلة التي أتت مع توقيع اتفاق “كامب ديفيد” مع الاحتلال هي المرحلة المناسبة من أجل محاولة تحجيم تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال”.

وأضاف شاهين في حديث خاص لمصدر الإخبارية، أن “الانتفاضة جاءت بعد 5 سنوات من خروج قوات الثورة الفلسطينية من بيروت لتقول إن الشعب الفلسطيني موجود وأن مركز الثقل في الفعل الوطني والشعبي الفلسطيني انتقل من الخارج، خاصة بعد فقدان قيادة الفصائل الفلسطينية لقواعدها الارتكازية في لبنان، وبالفعل انتقل الفعل الشعبي إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي”.

وذكر أن “كل هذه العوامل تظافرت في تلك الفترة لتعزز من نمو الحالة الشعبية الفلسطينية في مواجهة السياسات الاحتلالية”.

وأوضح شاهين أنه “الفلسطينيون في تلك الفترة أعادوا التقاط زمام المبادرة في الفعل المقاوم ضد الاحتلال الإسرائيلي ولذلك شهدنا أن الانتفاضة عندما اندلعت كانت عفوية الطابع تصدرها الشباب والكتل الطلابية وسرعان ما التقطت منظمة التحرير هذا الأمر وقامت بتنظيم هذا الفعل الشعبي من خلال إعادة تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة”.

وبيّن أن “الانتفاضة الأولى تميزت بأمور أساسية مهمة، أولها: أن هناك قرار وطني موحد بالإجماع لدعم وتطوير هذه الانتفاضة وهذا الأمر غير موجود في الفعل الوطني الحالي حيث لو وجود لقرار موحد يفضي إلى الذهاب إلى انتفاضة موسعة”.

وأضاف في النقطة الثانية: “وجود قيادة موحدة لهذه الانتفاضة جمعت كل القوى الفاعلة في الفعل الوطني وبالتالي هي التي تحدد هدف الانتفاضة وشعاراتها، ومن ثم تم تشكيل لجان متنوعة كاللجان المحلية ولجان الحراسة ولجان للتعليم الشعبي بعد أن توقف التعليم بسبب ضغوطات الاحتلال وغيرها”.

وأكد شاهين على أن “الحاضنة الشعبية ووجود قيادة وبرنامج واضح ومحدد للانتفاضة جعل هذه الانتفاضة تشكل علامة فارقة في الكفاح الوطني الفلسطيني وتعطي الفلسطينيين دروساً يجب أن يتوقفوا عندها في المرحلة الحالية التي تطورت فيها أشكال الفعل المقاوم وأشكال الفعل الشعبي، لأن التجربة الفلسطينية تتسم بالغنى وبالزخم ويمكن الاستفادة منها في الظروف الراهنة”.

وحول إمكان تحول أحداث الضفة إلى انتفاضة ثالثة، قال شاهين إنه “لا يوجد قرار في الضفة لتحويل الفعل الشعبي إلى انتفاضة، والسلطة الفلسطينية تحاول أن تتفادى هذا الأمر”.

وأضاف أنه “عدم وجود قرار وطني موحد يضعف إمكان تطور الفعل الشعبي لأن هذا القرار يترتب عليه إجراءات وخطوات لتوفير مقومات لاندلاع الانتفاضة واستمراريتها وقدرتها على تحقيق أهدافها”.

وأشار إلى أنه “رغم المحاولات لتشكيل اللجان المحلية لتنظيم الفعل الشعبي خصوصاً في الأماكن الأكثر استهدافاً بالهجمات الاحتلالية (المناطق المصنفة ج)، إلا أن هذه المحاولات لا تزال ضعيفة وعشوائية ولا تقودها قيادة موحدة من الفصائل، وهي أقرب إلى اللجان التي تشكل بشكل رسمي مثل هيئة مقاومة الاستيطان وغيرها من المنظمات التي تخضع لإدارة السلطة الفلسطينية.”.

وبيّن المحلل السياسي أنه “وعلى عكس ما كان يميز الانتفاضة الأولى، اليوم لا نجد لجان حراسة أو لجان إعلام أو لجان تعليم في حال تعطله، جميع تلك العوامل تؤدي إلى استنتاج مفاده أنه لا يوجد احتمالية إلى تطور الأحداث في الضفة إلى انتفاضة  ثالثة. ”

ونوه إلى أن “التحولات الديموغرافية أثرت بشكل كبير في منع الاحتكاك المباشر مع الاحتلال، بمعنى أن الاحتلال لم يعد موجوداً داخل المدن وأصبح يتواجد على الأطراف، بعد أن قطعت المستوطنات والبؤر الاستيطانية وشبكات المواصلات أواصر الضفة المحتلة وأصبح من الصعوبة الوصول إلى مناطق التماس وبالتالي حجم احتمالات انفجار انتفاضة موحدة إلا من مواجهات تخص كل منطقة أو مدينة على حدة”.

اقرأ/ي أيضاً: صحيفة عبرية: الاحتلال يطالب قطر بالضغط على عباس لوقف أحداث الضفة