العنف في حضانات الأطفال: إهمال وضعف في الرقابة.. وهذه أضراره المستقبلية

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

“وضعت طفلي (7 أشهر) في حضانة بسبب انشغالي بوظيفتي حتى ترعاه، إلا أنني واجهت مشكلة بعدد الأطفال الكبير في المكان المغلق ذاته، وهو ما يمكن أن يُسبّب له الأمراض، أو يُصاب بعدوى من آخرين، إضافة إلى اتساخ المكان وعدم الاهتمام به، أو مراعاة وسائل الوقاية والحماية”، هكذا بدأت آلاء محمد من رام الله بالضفة الغربية بسرد حكايتها مع عنف الأطفال في بعض الحضانات.

وتقول آلاء: لـ”شبكة مصدر الإخبارية“: “أرسلته إلى حضانة أخرى بعيدة عن منزلي ولكن تجاوزت الأمر من أجل راحة طفلي وعند كل اتصال للحضانة للسؤال عنه يخبروني بأنه نائم وعندما أذهب لأخذه من الحضانة اتفاجأ بأنه نائم أيضًا، وعندما يستيقظ يكون جائع جدًا ولم ينم في الليل واستمريت على هذا المعدل حتى أصبح عمره عام، وفي كل مرة تكذب الحضانة وتدعي بأنه يلعب وهو نائم ولما أحضر إلى الحضانة تظهر عليهم ملامح الخوف”.

وتضيف: “في المرات التي أذهب فيها إلى الحضانة بشكل مفاجئ أراهم يطعمون ابني ومعه طفلينْ آخرين بنفس عمره من نفس الصحن والمعلقة، واكتشفت بأنهم يعاقبون الأطفال بإطعامهم الأكل المخلوط بأكثر من نوع مما تسبّب لهم بالأمراض”.

توثيق عنف الأطفال في الحضانات

تتابع آلاء: ” بعد معاناة عثرت على حضانة في منطقة أخرى وترسل لي صاحبة الحضانة صور ابني على الدراجة لساعات طويلة لدرجة تتحول لون قدميه للأزرق، وأيضًا عند زيارتي له تكون رضاعته ملقاه على الأرض ويرجعونها إلى فمه بدون تعقيم”.

وتشير آلاء إلى أنّ طفلها مرض وذهبت إلى الطبيب ليكتشف أن معه التهابات في معدته وحساسية في جميع جسمه.

وتردف: “في إحدى المرات لاحظت على طفلي يخاف جدًا ويمسك بي بشدة عندما أقوم بمناداته بصوت عالي، وفي وقت الطعام يبدأ بالبكاء ويستمر بالجلوس وهو يبكي حتى أسمح له بالنزول عن الطاولة، وذهبت إلى صاحبة الحضانة لمعرفة السبب، أخبرتني بأن ذلك نظام الحضانة ويوجد كرسي للعقاب أيضًا”.

وتساءلت: “طفل لم يتجاوز عمره عام وشهرين لماذا يُعاقب”، موضحًة أنّ غياب الرقابة والاهمال عدا عن المربيات غير جديرات بالعمل مع فئات حساسة كالأطفال هم سبب لتمادي الحضانات في العنف.

وتلفت آلاء إلى أنّها وثقت صورًا حول إقدام المربيات على ضرب طفلها مع ظهورعلامات التعنيف على جسمه، والأضرار الجسدية التي خلفها الاعتداء.

وبحسب آلاء: “قررت أخيرًا وضعه في حضانة يوجد بداخلها كاميرات مراقبة، لأرى طفلي وكيف تتعامل المربية معه، رغم أن رسوم الحضانة باهظة جدًا، في أول أسبوع لاحظت أمورًا كثيرة منها ضرب طفلي من قبل الأطفال وتركهم في غرفة لا يوجد بها أي مربية”.

وتنوه إلى أنّها في إحدى المرات وهي تقوم بتبديل ملابسه وفوطته لاحظت لون فخديه وقدميه الأزرق وعلامات قرصه من قبل إحدى المربيات، لافتًة إلى أنها حتى هذه اللحظة قامت بوضع طفلها بـ14 حضانة.

تراخي مراقبة الدولة على الحضانات

الخبير في مجال حقوق الطفل الأردني هاني جهشان يقول لـ”شبكة مصدر الإخبارية”، إنّ بعض الأمهات العاملات يتركن أطفالهن عدة ساعات بشكلٍ يومي في الحضانات، ومن المعروف أنّ تعرض الأطفال للعنف مشكلة حقيقية خاصة في الحضانات.

وُيشير جهشان إلى أنّ العنف ستكون عواقبه وخيمة على الطفل مقارنة مع الإهمال، موضحًا أنّ عنف الأطفال في الحضانات بسبب تراخي وزارات التنمية الاجتماعية بالرقابة المفاجئة على الحضانات.

ويردف: “علينا أن نجابه مشكلة إهمال الأطفال والعنف الموجه نحوهم بنظرة شمولية، تمتد إلى احتمالية تعرضهم لهذه المشكلة في الحضانات، بهدف سامي يضمن رفاهتهم ونموهم وتطورهم الجسدي والنفسي، وليس بهدف توجيه اللوم لمن يرعاهم”.

ويبّين أنّ الأطفال في أعمار تواجدهم في الحضانة بحاجة لرعاية عاطفية وأنها الأساس في تطورهم ونمائهم في مجال التواصل وتطوير اللغة والذكاء والإخفاق بتوفير الاحتياجات.

ويوضح أنّ العنف من قبل العاملات في الحضانات، سيؤدي مستقبلًا إلى غياب الإبداع، وانخفاض معدل الذكاء، وعدم القدرة على الاستجابة للإجهاد، كما ويؤدي إلى عدم احترام الذات وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين والانعزال الاجتماعي، فتعرض الأطفال في الحضانات لممارسات مثل حجزهم في غرف مغلقة او أي مكان مشابهة يشكل عنفًا نفسيًا.

ويُؤكّد أنّ عنف الأطفال في الحضانات لا يعفي الدولة من تحمل مسؤوليتها، فهي مسؤولة بموجب القانون الدولي عن انتهاكات حقوق الإنسان على أراضيها، وانتهاك حقوق الطفل، داعيًا إلى ضرورة مراقبة الحضانات بشكل دوري.