الكوفية الفلسطينية.. رمزٌ تاريخيٌ ونضاليٌ يُصارعُ الاحتلالَ في كل المحافل

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
وشاحٌ أبيض كلون الثلج، وخيوط سوداء كتاريخ الاحتلال الذي بات يُسيطر على معظم الأراضي الفلسطينية، خَطّ شعبُنا بالكوفية الفلسطينية مسيرته النضالية ضد الاحتلال الإسرائيلي والتي عبّدها بآلاف الشهداء والجرحى والأسرى الذين يتجرعون مرارة القهر في سجون الظلم والقهر التابعة لإدارة مصلحة السجون.
الكوفية الفلسطينية، كانت على مدار العقود الماضية حتى يومنا هذا، رمزًا لشعبٍ مقهور ما زال يُؤمن بحقه في الاستقلال والتحرر وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف رغم التحديات العاصفة والمعيقات الجَمة التي تشهدها مُدن الضفة والقدس المحتلتين.
تميزت الكوفية، بكونها تُعبّر عن الشعب الفلسطيني الذي سطّر أمام العالم لوحاتٍ من المجد والصمود أمام أعتى آلة حرب عرفها التاريخ، دون أن يُفرط في حقوقه أو يتنازل عن أيٍ منها، مقدمًا في سبيل ذلك الأرواح والمُهَجْ.
وكانت وزارة التربية والتعليم اعتبرت السادس عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، يومًا وطنيًا للتوشح بالكوفية الفلسطينية، اعتزازًا بكونها تُعبّر عن الشعب الفلسطيني وفخرًا بالرمز الراحل ياسر عرفات الذي عُرف بكوفيته في أصقاع العالم.
يقول الناطق باسم حركة “فتح” منذر الحايك، إن “الكوفية الفلسطينية أصبحت تُشكّل رمزًا تاريخيًا لشعبنا منذ وضعها الرئيس الرمز ياسر عرفات على رأسه أمام العالم خلال مسيرته الثورية الوطنية، ما دفع بالاحتلال إلى محاربتها خلال الانتفاضة المباركة”.
وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “اليوم أصبح يُشار للقضية الفلسطينية مِن خِلال الكوفية التي تبعث في النفس شعور العِزة والفَخر بالتاريخ والشهداء والأسرى والجرحى والتراث الذي بات يصنع الهوية الوطنية أمام شعوب ودول العالم”.
وأشار إلى أن “الشباب الفلسطيني المغتربين أصبحوا سفراء بلادهم في الخارج، مِن خِلال التزامهم بارتداء الكوفية وحُبهم وولائهم لها كونها تُمثّل قضيتهم الأم والمركزية وظهر ذلك واضحًا في التظاهرات التي شهدتها ألمانيا، كندا، الأرجنتين، الولايات المتحدة الأمريكية، خاصةً وأن اسم الشهيد الرمز الراحل ياسر عرفات امتزج وارتبط بالكوفية الفلسطينية فأصبحت تُعرف فلسطين من كوفية “أبو عمار”.
وتجاوزت “الكوفية” حواجز الزمان والمكان عبر الشكل المُعتاد، عبر إطلاق قناة فضائية بإسمها لتكون صوت فلسطين إلى العالم وتنقل هُموم المواطنين وتفاصيل حياتهم اليومية الممزوجة بين الألم والأمل، في ظل الحصار واستمرار الانقسام الفلسطيني الذي بات يُخيم على جميع مناحي الحياة.
يقول مدير مكتب قناة الكوفية في فلسطين الصحفي أحمد حرب، “مرت سبع سنوات على انطلاق قناة الكوفية الفضائية، كان لها الشرف أن تحمل اسم الكوفية كرمزٍ للقضية الفلسطينية أولًا ورمز للقائد ياسر عرفات، هذه الرمزية جعلت من الكوفية قُدسية خالدة بكل أذهان الشعب الفلسطيني، لأنها رسمت تاريخًا نضاليًا راسخًا، تتعاقب عليه الأجيال”.
وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “استطعنا في قناة الكوفية ترسيخ هذه القدسية بحمل نهج الثوار وتعزيز مفهوم العمل الوطني الوحدوي الذي أورثه الرئيس الرمز أبو عمار بنهجه وكوفيته”.
وأكد على أن “كل شبل وشيخ وشباب فلسطيني يعرف ماهية الكوفية وتاريخها وتاريخ قضيتها، كونها مسؤوليةٌ مشتركة من الكل الفلسطيني وها نحن نرفع السرايا بها ونلوح للكل الفلسطيني من خلال شاشتنا بنهجها وعبقها وارثها الوطني”.
عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مريم أبو دقة تقول: إن “الكوفية الفلسطينية لها تاريخٌ عريق حيث كان الفلاحون الفلسطينيون يرتدون “العقدة، القمباز، العقال، الطربوش، وفي بداية العمل الكفاحي ضد الاحتلال توشح الفدائيون والثوار بالكوفية والحَطة، وتركوا الطربوش لتضليل الاستعمار وارباك حساباته”.
وأضافت في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “تطورت الحالة النضالية وأصبح ارتداء الحَطة “الكوفية” جزءًا أصيلًا من مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال، أُسوة بما حدث حديثًا على المستوى الشعبي بالحِلاقة “الصفرية” للتمويه على الاحتلال وضمان سلامة منفذ عملية القدس الفدائية عدي التميمي وبالفعل نجحوا في ذلك، حتى عاد مُجددًا ونفذ عملية آخرى من نقطة صفر استُشهد على اثرها”.
وأكدت على أن “الكوفية الفلسطينية منتصف السبعينات كانت تُصنّع يدويًا في مدينة القدس وتُصدر للخارج، في تعبيرٍ عن اعتزاز الفلسطينيين برمزيتها التي شهدت انتماءً وطنيًا فريدًا، خاصة عند ظهور الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات بها أمام المجتمع الدولي وفي المحافل المختلفة كثائرٍ فلسطيني أسس أطول حركة تحرر وطني وأنبلها وأعقدها على الإطلاق”.
وأردفت، “حضرتُ مهرجان الشبيبة في كوبا عام عام 1978 والتقينا بالوفد الفيتنامي على منصة الاحتفال، فتفاجأنا بانحناء الموجودين أمام الكوفية والعلم الفلسطيني فخرًا واعتزازًا ببطولات شعبنا وتضحياته، حتى ما تزال الكوفية تُمثّل رمزًا له قدسيته واحترامه لدى جميع المناضلين والثوار في كل العالم”.
ولفتت إلى أن “الفلسطينيين سيبقون يعتزون في كوفيتهم الفلسطينية وتاريخهم الحافل بالتضحيات والمواقف النضالية والحقوق غير القابلة للتصرف، في ظل الإيمان المُطلق أن الاحتلال إلى زوال والاستقلال سيكون حليف شعبنا المُستحق للحَياة”.