اعلان الاستقلال.. آمالٌ فلسطينية بالتحرر تصطدم بمزيدٍ من الاستيطان والتهويد

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي
يُصادف اليوم الثلاثاء الخامس عشر من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر للعام 1988 ذكرى إعلان وثيقة الاستقلال، حيث صدح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بكلماتٍ مقتضبة حمّلت عزًا وقيمةً كبيرة لدى الفلسطينيين ورسّخت لحُلمٍ وطنيٍ بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
في مثل هذا اليوم قبل 34 عامًا وقف الرئيس الرمز أبو عمار، أمام المجلس الوطني الذي استضافته دولة الجزائر ليُعلن أمام الجميع وثيقة الاستقلال قائلًا: فإن “المجلس الوطني يُعلن، باسم الله وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف”.
كلماتٌ لاقت ترحيبًا حارًا من الفصائل الفلسطينية، وجددت تطلعات المواطنين بحُلم التحرير والأمل بحق تقرير المصير على أراضٍ مُحررة بعد زوال أخر الجيوش الاحتلالية للأراضي العربية وهو الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على فلسطين منذ 74 عامًا وبات يُضيق الخِناق على أبناء شعبنا في جميع أماكن تواجدهم.
يقول المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم، إن “نهج السلطة الفلسطينية الحالي لا يُمكن أن يُؤدي لتحقيق شيء من آمال وتطلعات شعبنا بإقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف واسترداد حقوق شعبنا وضمان حقه بالعودة إلى بلاده التي هُجر منها عام 1948”.
وأضاف في تصريحاتٍ خاصة لشبكة مصدر الإخبارية، أن “سياسة التفاوض التي تنتهجها السلطة على مَدار السنوات الماضية، أثبتت فشلها على جميع المستويات وساهمت في تراجع حضور القضية الفلسطينية في المحافل المختلفة”.
وأكد على ضرورة تعزيز الموقف الفلسطيني وإنهاء الانقسام خاصةً في أعقاب اعلان اتفاق الجزائر، مما يتطلب العمل على تطبيقه، إلى جانب توحيد المؤسسات القادرة على الفعل السياسي لإنهاء الاقصاء والتفرد الذي تُمارسه السلطة بالوقت الحالي.
ودعا قاسم، إلى أهمية وجود قيادة حقيقية للمقاومة الفلسطينية بمفهومها الشامل تُدير الفعل النضالي في جميع الساحات وتُعطي كل ساحة ساحاتها ودورها لتعزيز الفعل المقاوم، مع ضرورة التخلي عن النهج الحالي للسلطة الفلسطينية الذي أضرّ بالقضية الوطنية وساهم في تعمق حالة الانقسام.
ماذا تبقى من وثيقة إعلان الاستقلال؟
يقول الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي، إن “اعلان الاستقلال كان له دورٌ بارزٌ في انعاش الشعب الفلسطيني عام 1988 حيث عزّز إمكانية وجود حالة استقلال وطني وبداية بناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف ضمن توقعات ووعودات القيادة السياسية الفلسطينية”.
وأضاف، “القيادة الفلسطينية ذهبت فيما بَعد إلى اتفاق أوسلو الذي أجحف بالحق الفلسطيني بشكلٍ كامل، بينما كان متوقعًا تَحَوْلْ الاتفاق إلى دولة مستقلة بعد خمسة أعوام بحلول عام 2000، ينتهي بموجبه الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد جرائمه البشعة بحق شعبنا”.
وأردف خلال تصريحاتٍ لمصدر الإخبارية، “كان يُتوقع انجاز الاستقلال الوطني عبر المفاوضات، وهو أمرٌ خاطئٌ للغاية كونه مثّل خداعًا لآمال الشعب الفلسطيني وما يُؤكد ذلك أن الاحتلال كان بشكلٍ إحلالي عبر طرد الشعب الفلسطيني لصالح التوسع الاستيطاني في المنطقة”.
وأوضح أن “المفاوضات جاءت بعد حرب الخليج والهيمنة الأمريكية وانهيار الاتحاد السوفيتي ليُفرض هذا الخَيار على الشعب الفلسطيني لينتهي بمرحلة التحرر الوطني لكن ما حدث كان خِلافًا لكل التوقعات والوعودات”.
ونوه، إلى أن “الشعب الفلسطيني لم يُنجز الاستقلال الوطني، حيث ما تزال فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي من شمالها إلى جنوبها ومن النهر إلى البحر، وقطاع غزة ما يزال مُحتلًا وإن انسحب الاحتلال من مستوطناته عام 2005 لكنه يزال تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة برًا وجوًا وبحرًا وجميع المواقع”.
إخفاقات وتساؤلات
من جانبها، تقول الكاتبة والباحثة الفلسطينية تمارا حداد، إن “ذكرى اعلان وثيقة الاستقلال تأتي في ضوء الإخفاقات الفلسطينية وعدم قدرة الفلسطينيين على وقف الزحف الاستيطاني فوق الأرض الفلسطينية وعدم قدرتهم على ردع أبسط القوانين العنصرية المُفروضة على الفلسطينيين، متسائلة، “هل سيُغير الجانب الفلسطيني واقعه ووجهته بتغيير السياسات الماضية والتي أخفقت في تحقيق أبسط الحقوق الفلسطينية للشعب الفلسطيني ولم تستطع انعاش ضربات قلب القضية الفلسطينية التي باتت تحتضر في غرفة الإنعاش”.
وأكدت في حديثٍ لمصدر الإخبارية، على أنه “آن الأوان لتغيير الاستراتيجيات لتقييم سياساته وبرامجه التي كانت تندرج في كثير من الأحيان في سياق استراتيجيات الدول المانحة والأجندات والإملاءات الخارجية، حيث أمام الفلسطينيين فرص كثيرة بمكوناته وأحزابه وقواه السياسية ومؤسساته ومنظماته لتخطي تلك العقبات لرفع مستوى سقف معنويات الشعب الفلسطيني الذي بات لا يثق بأي فكرة عقيمة قد تطرح أمامهم والتي لا تتعاطى مع مطالب الشعب ولا بأهدافه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتحررية”.
وشددت على ضرورة مغادرة كل الرهانات التي أثبتت عجز الفلسطينيين وإخفاقهم في وحدتهم وفي نيل حقوقهم الشرعية المنصوص عليها في القوانين الدولية والذي كان لا بد من تحقيقها وفق رؤية الشعب الفلسطيني لا وفق وجهة وأجندة الغرب او الشرق، الشعب الفلسطيني صبر وتحمل ووهب الكثير من الاسرى والشهداء والجرحى في سبيل تحرير وطنه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس على ترابها الوطني، انتهت اللعبة التي لعبتها القيادات، ولن يقبل الشعب بعد اليوم العبث بحقوقه وكرامته وتاريخه ونضاله”.
وفيما يتعلق بالحُلول المقترحة لتحقيق الاستقلال الحقيقي للشعب الفلسطيني، لفتت إلى أن الحل يكمن في تقديم مساعدة للشعب الفلسطيني بعيدًا عن السياسات والشروط ومشاريع الهيمنة المرتبطة بأولويات وأهداف ومصالح الدول المانحة الغربية والشرقية والتي تستدعي قطع المفهوم الغربي للديمقراطية المزيفة والتي استخدمت تلك الكلمة للحروب الاهلية والطائفية وتفتيت الأوطان في الوطن العربي وسيلة لخدمة مصالح ومشاريع الهيمنة السياسية والاقتصادية والاستثمارية.