لماذا المؤتمر الشعبي الفلسطيني 14 مليون؟

أقلام- مصدر الإخبارية

بقلم الأسرى نادر صدقة ومحمد الملح ووائل الجاغوب: يلاحظ المتابع للاحداث على الساحة الفلسطينية مؤخرًا حالة التوتر التي تحيط بحراك سياسي جديد عليها الا وهو المؤتمر الشعبي الفلسطيني (مؤتمر ال14 مليون)، وحالة الملاحقة و التضييق و التحريض التي يواجهها هذا الحراك من الاجهزة الامنية الفلسطينية و ابواق التطبيل و الردح الاعلامي و السياسي التي استهدفت هذا المؤتمر مؤخرأ و وصفته بجملة من الوصفات الجاهزة من الادانة و التحريض و التجريم و التخوين و التباكي على م.ت.ف. و شرعيتها كممثل شرعي للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.

و أول الأسئلة التي تتبادر الى ذهن المطلع على الوضع السياسي الفلسطيني هو: لماذا يَستهدف البعض م.ت.ف.؟ هذا الجسم الذي من المفترض ان يكون البيت الفلسطيني الجامع و المرجعية العليا فكريأ و سياسيأ للشعب الفلسطيني، و الرقم الصعب الحاضر موضوعيأ في معارك الصراع الوطني و القومي مع الكيان الصهيوني، والقادر على النهوض بالحالة السياسية الفلسطينية و صياغة إستراتيجية وحدوية مؤهلة لمواجهة مخططات هذا الكيان الكولونيالية و العنصرية، الا ان ادراك حقيقة الامر على أرض الواقع منافية تمامأ لكل ما طُرح لا تحتاج الى عين ثاقبة.

يدعو المؤتمر الشعبي الى نقاش موضوع م.ت.ف.، و طرح الحاجة الى إصلاحها جذريأ بكل هذا الإلحاح، هو أولأ الوضع المثير للإشفاق الذي وصلت إليه المنظمة، و ثانيأ حاجة الوضع الفلسطيني الماسة الى جسم ينهض بالمهام التي من المفترض ان تنهض بها. فمنذ ثلاثة عقود ابتلع الثلاثي المتنفذ في الحالة السياسية الفلسطينية ( اوساط متنفذة تختطف فتح-السلطة الفلسطينية-مؤسسة الرئاسة) منظمة التحرير الفلسطينية بشكل كامل، و حوّل هذا الثلاثي هذا الجسم، بكل ما كان يمثله على الصعيد الوطني، الى “فزاعة” يحركوها كلما شعروا بان خيرات المزرعة خاصتهم تحوم حولها المخاطر، و رهنوها و رهنوا مؤسساتها التي أُفرغت من كل محتوى لمصالحهم و غاياتهم، و صار رئيس السلطة هو الآمر الناهي بشؤونها دون حسيب او رقيب.

اما الوضع على الساحة الفلسطينية وبعد كل الوبال الذي ابتلانا به اوسلو، و الذي قزّم الشان الفلسطيني و إختزل الحالة الوطنية الى مجرد وكيل احتلالي تتلخص وظيفته بالتنسيق الأمني الذي لا يتردد في عزل غرّة عن التمثيل السياسي الفلسطيني ووصفه بالمقدس، اضافة الى غياب الشرعية الشعبية و الوطنية عن التمثيل السياسي الفلسطيني طوال عقد كامل من المماطلة المتواصلة من إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في المشاركة الديمقراطية في صنع القرار الوطني، في ظل حالة من التغول الاحتلالي و المس حتى العظم بكرامة و قضية و حتى وجود شعبنا المنقسم على ذاته جغرافيا و سياسيأ، و هي حالة تجد مقاومة باسلة انما على صعيد الافراد او المبادرات غير المبرمجة، و التي تعبر اكثر ما تعبر عن التعارض بين حالة الإستعداد الشعبي العالي والمبادر مع غياب هذه الحالة، و في أفضل الأحوال تراجعها بشكل خطير، لدى الاجسام الجمعية الفلسطينية التي يقع على عاتقها، من المفترض، توعية و تنظيم و قيادة هذا الاستعداد الجماهيري و تسييس بنادقه و تحويل هذه البؤر المضيئة في العمل الكفاحي الفلسطيني و هذه التضحيات الغالية الى حالة مستمرة و مبرمجة و هادفة في الطريق نحو قطف ثمارها المستحقة.

إن هذه الحالة من التراجع بالحالة الفلسطينية هي ما يدعو المؤتمر الشعبي الى التحرك و تشكيل حالة سياسية تستقطب خلالها هذا الكم من الاصوات التي يحركها حرصها على هويتها الوطنية المهددة داخليا و خارجيا اكثر من اي وقت مضى، وتعيد الاعتبار الى مهمة التحرير كمهمة اولى على سلم اولويات البرنامج الوطني الفلسطيني، و استبدال المهمة التمثيلية بمهام كفاحية تحررية نعيد خلالها الإعتبار الى الثوابت الوطنية الكبرى الواردة في الميثاق الوطني الفلسطيني قبل ان تتدخل امريكا و ربيبتها في تحويره و تحويله، اضافة الى عقد انتخابات فلسطينية جامعة تعيد الشرعية للمؤسسات التاريخية الفلسطينية و تضمن المشاركة العادلة لكل الوان الطيف الفلسطيني جغرافيأ و سياسيأ، انتخابات تتجاوز حدود الخوف و حدود الاحتلال و حدود الانقسام، و تُقدم قيادة منتخبة تأخذ شرعيتها من التصويت الشعبي، قيادة يحميها شعبها و حفاظها على حقوقه و ثوابته و منجزاته، و ليس تنسيقها الامني ولا تفاهماتها وراء الكواليس، قيادة ترعاها المصالح الوطنية و ليس جملة الدول الراعية، و يحفظها رضى الناس لا الرضى الامريكي.

هذا ما يطرحه المؤتمر الشعبي، فان كانت هذه المطالب تُهم فمن منا غير متهم؟ وان كان هذا القول يُخرج من الصف الوطني فالأحرى إعادة النظر في إستقامة هذا الصف و الأحرى أن نتسائل لمصلحة من يتم إستهداف المؤتمر الشعبي و نشطاءه و نشاطاته بكل هذا السُعار؟ و مصالح من يُهدد هذا الؤتمر بالقضايا التي يطرحها؟ و ما الشرعية التي يمس و يُهدد بتعريتها بمطالبه الديمقراطية؟!

إن أعمال الملاحقة و القمع وحملات التحريض و التشويه التي يتعرض لها المؤتمر تكشف مخاوف القيادة المتنفذة و غير النافذة لضمير شعبها على مصالحها ومكتسباتها التي تزداد مع إزدياد إنسفاك الدم و الكرامة الفلسطينية يوميأ، و إن كانت الحالة المنقسمة سياسيأ و جغرافيأ في الوضع الفلسطيني و حالة الهوان التي بلغتها الحقوق و القضية الفلسطينية في العقود الثلاث الأخيرة هي أعظم إنجازات الإحتلال الصهيوني في هذه الفترة، فان أسمى ما تسعى إليه أعمال الملاحقة و التضييق و التشويه للمؤتمر الشعبي هو حماية هذا الإنجاز الاحتلالي.

اقرأ/ي أيضًا: الانتخابات.. إما الاعتبار وإما الاستبدال بقلم يوسف رزقة