لماذا أصدر الرئيس عباس قراراً بقانون بإنشاء نقابة الأطباء الفلسطينيين؟

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قراراً بقانون إنشاء نقابة الأطباء الفلسطينيين رغم وجود أخرى قائمة ومنتخبة ديمقراطياً في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الشارع الفلسطيني، وانتقادات حقوقية واسعة، ويضع تساؤلات حول دوافع القرار وقانونيته، والخيارات المتوفرة أمام النقابة الحالية لإبطاله؟

وأكد نقابيون وحقوقيون على عدم قانونية مرسوم الرئيس عباس بإنشاء نقابة الأطباء كون نظيرتها القائمة منتخبة ديمقراطياً حديثاً ولا تتجاوز إطار القانون الفلسطيني.

يمس بالمادة 43

وشدد مدير مركز الدفاع عن الحريات حلمي الأعرج (مقره رام الله) في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية، على أن المرسوم يمس بالمادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني التي تجيز للرئيس إصدار المراسيم عند الضرورة القصوى في ظل غياب المجلس التشريعي المسئول عن سنها، لكن الضرورة في حالة نقابة الأطباء غير موجودة وغائبة.

وقال الأعرج “في حالة نقابة الأطباء نحن أمام نقابة قائمة ومنتخبة ديمقراطياً وحديثاً، ما يجعل القرار باطلاً”.

وأضاف الأعرج” نحن ضد إصدار مراسيم تتعارض مع المادة 43 من القانون الأساسي وعدم وجود أي ضرورة لسنها”.

وأشار إلى أن “تنفيذ المرسوم يمثل مساً بحرية العمل النقابي وفقاً للقانون واستقلالية القضاء والحياة الديمقراطية التي ينبغي الحفاظ عليها في الاتحادات الشعبية والنقابات المختلفة”.

ونوه إلى أهمية ترسيخ مبادي الفصل ما بين السلطات التنفيذية والقضائية مبيناً أنه الأصل أن يكون القضاء الفلسطيني الحكم حال كانت هناك قرارات موجبة للتعامل مع أي نقابة.

وتابع” أن تحكم البلد بالمراسيم الرئاسية ويمس بنقابة قائمة بموجب انتخابات ديمقراطية وحديثة يمثل مساً بالحياة النقابية واستقلالية القضاء”.

يجوز للقضاء في حالات معينة

بدوره أكد المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان د. عمار دويك على أنه “لا يجوز حل إطار نقابي منتخب قائم بأعماله ومنتخب ديمقراطياً من قبل سلطة تنفيذية”.

وقال في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إن” العمل النقابي يمكن متابعته من قبل الجهات القضائية وفقاً لمحددات ومخالفات معينة”.

وأضاف أن حل مجلس نقابة الأطباء الحالي ينظر إليه من قبل الهيئة بشكل بالغ الخطورة كونه ألغى إطاراً نقابياً قائمة ومنتخب ديمقراطيا.

وأكد أن القرار يشكل سابقة خطيرة، واعتداءً على حرية العمل والتنظيم النقابي، ومن شأنه تعميق الأزمة القائمة بين الأطباء والحكومة بما يضر بسير عمل القطاع الصحي.

وشدد على أنه يشكل رسالة تهديد خطيرة للإطارات النقابية الأخرى ويضعها تحت إجراءات مماثلة.

سياسي بامتياز

من جهته قال المحلل السياسي مصطفى إبراهيم إن مرسوم حل مجلس نقابة الأطباء الحالي “سياسي بامتياز” ويتنافى مع الحالة الوطنية والسياسية في ظل تصاعد جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وكان أخرها في مدينة نابلس.

وأضاف في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية أن “القرار يربك الحالة في الضفة الغربية لاسيما بعد قرارات الأطباء بتعليق العمل في المشافي المختلفة وفرض قيود حكومية عليهم حول العمل حال لم يلتزموا بالدوام”.

وأشار إلى أن “المرسوم يهدف لاستبعاد الأطباء الموجودين على رأس مجلس إدارة النقابة الحالي لأهداف سياسية وليس لأي أبعاد قانونية”.

وأكد أن المرسوم يدلل على خطوات نقابة الأطباء الاحتجاجية تزعج بشكل كبير السلطات والحكومة وتحرجه في كثير من الأوقات، ولم تستطع السلطة الالتزام معها في عدة محطات”.

وشدد على أن “المرسوم يعوض بالدرجة الأولى خسائر حركة فتح في النقابة والنيل من شخصيات قريبة من قوى سياسية أخرى”.

ونوه إلى أن “نقابة الأطباء بيدها الكثير من أوراق الضغط حال كانت جميع أصوات أطباء فلسطين موحدة نحو رفض المرسوم من خلال الخطوات النضالية النقابية وتعليق العمل في المستشفيات والتوقف عن تقديم الخدمات الطبية وغيرها”.

مرسوم باطل

وكان نقيب الأطباء بالمحافظات الشمالية شوقي صبحة، وصف صباح الأربعاء، القرار الرئاسي المتعلق بإنشاء نقابة أطباء فلسطينيين بمدينة القدس بأنه “باطل يُراد به باطل، وهو قرارٌ غير قانوني وينتهك القرارات والمواثيق الدولية أو الفلسطينية”.

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “مجلس النقابة الموجود حاليًا هو مجلسٌ مُنتخب منذ خمسة أشهر، وجاء عقب عملية انتخاب ديمقراطية، ومنذ عام 1954 تُجرى الانتخابات في مواعيدها الرسمية”.

وأكد على أن “المرسوم الرئاسي له تداعيات كبيرة، خاصةً في ظل وجود مقر أساسي يحمل اسم “النقابة الأردنية” تم تأسيسه منذ 1954، إضافة إلى أننا ما زلنا تحت الاحتلال، ونُعاني من انقسامٍ مُستمر منذ ما يزيد عن 15 عامًا”.

وأشار إلى أن التحديات السابقة جرّاء الانقسام والاحتلال تمنع في الوقت الراهن إصدار قرارات رئاسية متعلقة بإنشاء نقابة أطباء فلسطينيين.

وتابع “شاركتُ في أول مُسّودة لتأسيس نقابة فلسطينية منذ أول مجلس تشريعي عُقد عام 1996، كما تقدمت للسيد الرئيس محمود عباس بتاريخ 15 يناير 2020 بكتابٍ رسمي لإنشاء نقابة على أن يكون رئيسًا فخريًا لها”.

ودعا أبو صبحة إلى إنشاء نقابة أطباء تضم الكل الفلسطيني على أن تكون غايتها مهنية وإنسانية بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.

ولفت إلى أن الغاية من المرسوم الرئاسي الصادر مساء أمس الثلاثاء هو إنهاء المجلس القائم باعتباره “لا يُوافق مزاجهم ولا يعمل وفق تعليماتهم”.

وأردف “تعبنا سنوات طِوال للوصول بنقابة الأطباء لتكون حُرة، ومستقلة، ومهنية، تأخذ قراراتها من هيئتها العامة”.

ونوه إلى أن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تواصلت مع نقابة الأطباء وأصدرت بيانًا صحفيًا طالبت فيه بشكلٍ حازم سحب المرسوم الرئاسي المتعلق بإنشاء نقابة أطباء يكون مقرها الرئيس مدينة القدس.

وأكمل “الهيئات الأوروبية تواصلت معنا وطالبناها بأخذ دورها الفِعلي إزاء المرسوم الرئاسي الصادر، تعزيزًا للديمقراطية وحقوق الإنسان”.

وحول الخطوات التصعيدية لنقابة الأطباء للرد على القرار الصادر، أوضح أبو صبحة، أن النقابة تعتزم تنظيم اعتصام الساعة الحادية عشر صباحًا أمام مقر مجمع النقابات الموقت بمدينة البيرة، للتأكيد على التفاف الهيئة العامة حول مَن يُمثّلها بصورة ديمقراطية حقيقية.

ودعا نقيب الأطباء الفلسطينيين الرئيس محمود عباس للبحث عن الحقيقة بعيدًا عن التضليل الذي يُمارسه بعض المقربين منه بهدف تقديم المعلومات المغلوطة الهادفة إلى إرباك نقابة الأطباء، مؤكدًا “المرسوم الرئاسي لن يمر وسيكون لنا كلمتنا”.