اختطفوا قبل إبحارهم.. تفاصيل رحلة الموت لشباب غزة من ليبيا إلى إيطاليا

صلاح أبو حنيدق- خاص شبكة مصدر الإخبارية:

خرج الشاب يونس حيدر الشاعر مهاجراً من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة بحثاً عن مستقبل جديد في أوروبا في شهر شباط (فبراير) الماضي ليلاقي مصيراً كان نهايته رحلة الموت غرقاً قبالة السواحل التونسية أوائل شهر تشرين الأول (أكتوبر) الجاري برفقة 13 فلسطينياً أخرين.

“الشاعر هاجر من القطاع برفقة ثلاثة من أبناء عمومته بعدما ضاق بهم الحال في غزة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية” وفقاً لما قاله شقيقه محمد الشاعر لشبكة مصدر الإخبارية.

وقال الشاعر لشبكة مصدر الإخبارية إن “شقيقه يونس خرج من غزة رغبة في الحصول على فرصة عمل جيدة خارج بلاده في ظل انتشار البطالة والتجهيز لبناء مستقبل يمهد له للزواج”.

اعتقلوا على يد ميليشيا وطالبوا بفدية

وأضاف الشاعر أن “شقيقه خرج من غزة في شهر شباط الماضي ووصل إلى الأراضي الليبية وتعرض برفقة مجموعة من الشبان الفلسطينيين للاختطاف على يد ميليشيا ليبية”.

وأشار إلى أن ” الميليشيا الليبية طلبت فدية مقابل الافراج عن كل شخص من الفلسطينيين المختطفين تصل إلى 50 ألف دينار ليبي (10 آلاف دولار) لكن عائلاتهم ردت بأنه لو كانت تملك المبالغ لما سمحت لهم بالهجرة عبر البحر ولا الخروج من غزة وأنهم هاجروا هرباً من الفقر والجوع”.

وتابع أنه” بعد جهود حثيثة نجحنا بإقناع الخاطفين بالإفراج عنهم مقابل 500 دولار لكل شخص بالإضافة لأخذ الهواتف الشخصية منهم، وكانت عبارة عن إصدارات آيفون متعددة”.

وأكد على أن” مسلسل طلب الفدية لم ينتهي بعد، حيث تواصل خاطفون ليبيون مع جهات ذات علاقة بعائلة الشاب محمد طلال الشاعر وزعموا بأنه مسجون برفقة شقيقه لديهم وطلبوا مبلغاً لإطلاق سراحه برفقة أحد أشقاءه ما أحداث بلبلة واسعة وعدم وضوح في أمر الشباب المفقودين مع نشر مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن غرقهم”.

تلاعب بأسر المفقودين

من جهته قال طلال الشاعر والد الشاب محمد أحد الشبان المفقودين الذين كانوا على متن القارب إنهم “تواصلوا مع جهات في ليبيا وعند محاولتهم الحصول على معلومات جرى إبلاغهم بأن المفقودين محتجزين لديهم وبحاجة لفدية للإفراج عنهم، لكن الأنباء الواردة يبدوا أنها غير صحيحة وكذب من الميليشيا”.

وأضاف الشاعر لشبكة مصدر الإخبارية أنه” يتواصل حالياً مع السفارة الفلسطينية في رام الله، وتترقب أسرته خبراً عن اثنين من أبناءها المفقودين”. معتبراً طلب الفدية “تلاعباً بمشاعرهم”.

وأشار إلى أن السفارة أبلغتهم بوجود أربعة جثث وجرى الإعلان عن أسماءها وجميع الأنباء الواردة على مواقع التواصل ليست دقيقة للآن”.

14 فلسطينياً كانوا على القارب

بدوره كشف أحمد الديك سفير مستشار وزارة الخارجية رياض المالكي اليوم الاثنين أن الحديث يدور عن 14 فلسطينياً كانوا على متن القارب الذي غرق قبالة السواحل التونسية قبل ثلاثة أسابيع تقريباً.

وقال الديك في تصريح لشبكة مصدر الإخبارية إنه “جرى التعرف رسمياً على أسماء أربعة منهم بعدما قذفوا على الشواطئ التونسية رغم نشر أسماء سبعة على مواقع التواصل الاجتماعي”.

وأضاف الديك أن “الخارجية بدأت إجراءاتها مع سفارة تونس لنقل جثامين الشبان الفلسطينيين الغرقى قبالة السواحل التونسية، وجرى التعرف عليهم، إلى قطاع غزة”.

وأشار إلى أن “الخارجية تتعامل مع الأنباء الرسمية الواردة من الجانب التونسي الذي أبلغها بأن جثث الفلسطينيين التي وصلت لشواطئها أربعة ثلاثة منهم من غزة وواحد من فلسطيني سوريا، لافتاً إلى أنه جاري متابعة وجمع المعلومات عن 10 أشخاص أخرين كانوا على متن القارب”.

ولفت الديك إلى أن “السفارة الفلسطينية ستعقد اجتماعا مع السلطات التونسية خلال ساعات للوقوف على التفاصيل الكاملة حول غرق الشبان الفلسطينيين وترتيب إجراءات الجثامين لأهاليهم في قطاع غزة والمناطق الأخرى حال وافق الجانب التونسي على ذلك وكان وضع الجثث مناسباً”.

وأكد على أن الجانبين التونسي والفلسطيني يتعاملون مع ما ظهر لهم من جثث على الشاطئ في ظل الحساسية الكبيرة التي تنتاب الملف لاسيما على صعيد حالة القلق والترقب الكبير من أهالي من كانوا على القارب.

أسباب الهجرة من غزة

من جهته قال المحلل السياسي د. هاني العقاد إن “هجرة الشباب من غزة بدأت في العام 2010 هرباً من تداعيات الانقسام الفلسطيني الداخلي وما تركه من أثار اجتماعية وأوضاع اقتصادية تبعها نسب عالية من البطالة والفقر”.

وأضاف العقاد في تصريح لمصدر الإخبارية أن “الانقسام سبب رئيسي لخروج الشباب من غزة في ظل المستقبل المجهول وعدم توفر فرص عمل، وتدني الأجور وظرف العمل القاسية”.

وأشار إلى أن “الضياع الذي يعاني منه الشباب في قطاع غزة يدفهم للهجرة إلى أوروبا حال وصلوا سالمين”.

وتابع” لم تعد الهجرة كما كانت في عام 2010 مع بروز عصابات الاتجار بالبشر والقيود التي وضعتها بعض الدول واشتراط ركوب البحر وإمكانية التعرض للغرق والموت”.

وعبر عن “اعتقاده أن كل ضيق وانغلاق في غزة تدفع الشباب للهجرة رغم معرفتهم بالمصير المجهول”.

وأكد العقاد أن “المطلوب حالياً إطلاق المؤسسات المعنية حملات توعية بمخاطر الهجرة عبر البحر من قطاع غزة والاستشهاد بقصص واقعية والبحث عن أفاق جديدة للاستثمار بالشباب والاهتمام بمستقبلهم وإعادة الأمل لهم من خلال التوظيف على أساس الكفاءة وليس الانتماء السياسي”.

وشدد على “ضرورة توجه وزارة العمل لرفع أجور العمل ومنع استغلالهم لساعات طويلة مقابل عائد مادي قليل وغير مجدي”.