أوضاع قاهرة تشدد قبضتها على صحة المواطنين النفسية بغزة.. ما الحل؟
أستاذ علم نفس لمصدر: ارتفاع نسبة الألم النفسي يُعد نتاجًا طبيعيًا للمعاناة والظروف

أماني شحادة – خاص مصدر الإخبارية
أكثر الأماكن التي تواجه مشاكل في الصحة النفسية في العالم هو قطاع غزة في فلسطين؛ وذلك وفقًا للظروف الخاصة التي يعيشها المواطنين، منها الحصار والاقتصاد المتدهور والبطالة والضغوط بأشكالها وغيرها، هذا ما استهل به حديثه الأكاديمي والمختص النفسي والتربوي فضل أبو هين.
وقال أبو هين لشبكة “مصدر الإخبارية” “ينتج عن الوضع السيء أمراض تتعلق بنوع المعاناة التي يعيش بها السكان خاصة الشباب، إذ يتخرج الشاب الغزّي من جامعته ليرى أمامه مستقبلًا غير معلوم مليء بالأحداث التشاؤمية، في ظل بطالة قاسية تعصف بالخريجين”، مؤكدًا أن هناك عشرات الآلاف من الخريجين دون عمل، على عكس ما يراه الآخرين في باقي دول العالم.
وأوضح أنه كلما زادت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على سكان قطاع غزة كلما توازت معها الضغوط النفسية وزادت على غرارها، لهذا نرى اليوم العديد من العنف والمشاكل والإدمان والأمراض النفسية والهجرة وبعض حالات الانتحارات التي يشهدها القطاع تحديدًا في فئة الشباب الذين يواجهون الواقع الأليم.
ويُعد ارتفاع نسبة الألم والضغط النفسي الواقع على السكان في غزة، نتاج طبيعي لما يعيشه القطاع.
وحول السؤال عن السبب الرئيسي للمشاكل النفسية، أجاب أبو هين: “إنها المعاناة”، مشيرًا إلى أن حلها يأتي بإيجاد فرص عمل للخريجين والشباب، أو تلبية حاجات بعض العائلات الاقتصادية وغيرها، أو إيجاد مثقفين مختصين يساهمون في الحد من الضغط النفسي.
وأكمل: “إذا كانت المشكلة عامة بهذه النسب العالية، يجب أن يكون السبب في حلها يساوي ضخامتها، مثل قطاع حكومي أو مؤسسات ضخمة تساهم في حل المشاكل عبر تقديم خدمات للعائلات والشبان في غزة”.
المعرفة في الصحة النفسية لا تعني الشفاء
قال أبو هين إنه “قد يكون هناك كمّ من المعرفة لدى الإنسان لكنه لا يعلم كيفية التعامل معها وحل مشاكله”، مفيدًا بأنه يجب التعامل مع المجتمع كافة وليس من يعاني ضغطًا نفسيًا فقط، حتى يوفر المجتمع مساعدة تساهم في الشفاء من الأمراض النفسية.
واستدرك أنه إذا كان المجتمع عكس ذلك، سيعكس سلبًا على الحالات التي تعاني نفسيًا وتزيد من ضغوطاته.
وضرب مثالًا على ذلك “إذا تم عمل لقاءات توعية بالصحة وعمليات شفاء للنساء دون الرجال قد يكون هناك مشكلة ولا نصل لحل، لأن عملية الشفاء يجب أن تكون متكاملة بكل ما يخص أي شخص يعاني نفسيًا، مبينًا أن الأرضية هامة جدًا للشفاء”.
إما أن يصبح الإنسان قاسي في حياته أو قائم بهذه القسوة على غيره
بيّن أبو هين أن الطفل عبارة عن اسفنجة تمتص كل ما يراه ويسمعه بداية من العائلة في محيط منزله ثم المجتمع الخارجي ثم الإعلام، فتصبح هذه الأمور جزءًا منه ومن حياته القادمة في سنين عمره.
وأردف: “إذا تعرض الطفل لمشاهدة العنف أو تمت ممارسته عليه، قد يصبح مستقبلًا إما إنسان عنيف تجاه نفسه وحياته وقراراته، أو يمارس العنف على الآخرين”.
ووجه أستاذ علم النفس فضل أبو هين نصيحة حول حماية الأطفال: “علينا إتاحة المجال للأطفال للتعبير ع ن ذاتهم أو تعريضهم لأنشطة حركية، من شأنها المساهمة بالتخفيف حدة الضغوطات التي شاهدها الطفل أو تعرض لها، حتى لا تنعكس عليه في الصحة والتعليم والحياة بأكملها”.
أكثر من 50 بالمائة من سكان غزة يعانون مشاكل نفسية
خلال شهر أكتوبر الجاري، والذي يحمل في أيامه اليوم العالمي للصحة النفسية، أعلن مدير عام الصحة النفسية في وزارة الصحة بقطاع غزة جميل سليمان، على أن أكثر من نصف سكان قطاع غزة يعانون من مشاكل نفسية نتيجة تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والظروف القاسية التي تعاني منها العائلات في القطاع المحاصر.
وقال في مقابلة مع قناة الغد، إن “أكثر من 50 – 60 في المائة من سكان غزة يعانون القليل من المشاكل النفسية لأننا نعيش في ظروف صعبة ضغوط اجتماعية وفقر وحصار وحروب إسرائيلية وفيروس كورونا”.
وأوضح أن “أكثر الأعراض التي تظهر على المرضى هي الضغط النفسي والاكتئاب”.
ويعيش سكان قطاع غزة منذ عقود تحت تقييدات صارمة على الحركة والتنقل، من دولة الاحتلال.
ولم يتعافى قطاع غزة من الدمار الذي خلفته الحروب والعدوان المتكرر من دولة الاحتلال، والتي ينجو البعض منها بقدرة عجيبة، وتودي بحياة آخرين وتلحق الضرر بكل ما هو حي أو جماد في القطاع.
وتعاني البنية التحتية الأساسية في غزة من الانهيار منذ سنوات، والكهرباء التي تشكل عائقًا كبيرًا أمام الحياة في القطاع، وتعاني غزة أيضًا من المياه غير الصالحة للشرب بنسبة 90 بالمائة.