المحتوى الرقمي الفلسطيني بين سندان الاحتلال ومطرقة الشركات المؤسسة

سعاد صائب سكيك – خاص مصدر الإخبارية

من خلال المتابعة والرصد للواقع والمحتوى الرقمي الفلسطيني، ومن خلال الملاحظة عبر مواقع التواصل الإجتماعي المؤثرة في الرأي العام، مثل تويتر وفيس بوك وانستغرام وواتس اب ومنصات أخرى، وجدنا أن الفلسطيني مستهدف بشكل مكثف ومحاصر من كل الجهات.

ويتجلى الحصار من الشركات المصممة للصفحات والتي تقيد أو تغلق الصفحات لأصحابها، أو من خلال الاحتلال الإسرائيلي، أو حتى من السلطة الفلسطينية بحد ذاتها.

وبهذا الشأن تابعنا عدة تقارير لمراكز مختصة بالمجال، والتي نشرت إحصاءات تشير إلى حدوث انتهاكات عديدة خلال العام 2021، والربع الأول من عام 2022، ومن ضمنها تقرير شركة آيبوك المتخصصة بمجال مواقع التواصل الاجتماعي، والتي سجلت 1537 انتهاكاً رقمياً عام 2021 في تقريرها السنوي السادس.

في حين سجل المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي “حملة” ما مجموعه 391 انتهاكاً للحقوق الرقمية الفلسطينية خلال العام الحالي 2022.

طبيعة الانتهاكات الرقمية

وتوزعت الانتهاكات ما بين حذف الحسابات الفلسطينية وتقييدها ومنعها من النشر بشكل متكرر، في وقت تفتح فيه الشركات المؤسسة المجال للاحتلال لنشر الأكاذيب بلا أي شروط أو قيود. فما السبب وراء استهداف الناشر الفلسطيني!؟

وبتفصيل أكثر، أشار تقرير آيبوك إلى أن أكثر من 90 استدعاء أو اعتقال نفذته الأجهزة الأمنية في الضفة المحتلة وقطاع غزة، ووجود أكثر من 390 حالة اعتقال أو استدعاء بسبب منشورات على وسائل التواصل لدى الاحتلال الإسرائيلي، ويذكر التقرير أن بعض الأحكام وصلت إلى 3 سنوات اعتقال في بعض الأحيان، وغرامات مالية بمئات آلاف الشواكل.

وإن كان للأمر دلائل فإن الأرقام تشهد على قوة السوشيال ميديا كسلاح مخيف، والتي تعتبر الاستثمار الأمثل للعالم الرقمي بما يتعلق بالقضية والرواية الفلسطينية، وأهمية إيصالها إلى العالم، وهذا يجيب على التساؤل عن السبب لاستهداف الناشر الفلسطيني.

وللتعمق أكثر في حقيقة الانتهاك الرقمي للمحتوى الفلسطيني، تواصلنا مع منسقة الإعلام في مركز حملة منية ظاهر والتي أفادت بوجود الكثير من المعيقات للحقوق الرقمية الفلسطينية والمتمثلة بانتهاك الخصوصية، والملاحقة للناشرين، والرقابة عليهم، وصولاً إلى التبليغ عنهم لإغلاق صفحاتهم.

وأوضحت أن كل هذه الملاحقات والشكاوى على الصفحات الفلسطينية تؤدي لحذف محتوياتهم، وإنزال منشوراتهم عن عالم السوشيال ميديا من الشركة المؤسسة.

وكشفت ظاهر بأن للاحتلال الإسرائيلي اليد الأولى في التقييدات ضد الفلسطينيين رقمياً، فيما تأتي الحكومات والسلطة الفلسطينية في الكفة الثانية مساهمة بإعاقة المحتوى الرقمي من خلال الملاحقة ومطالبة الكثيرين بالكف عن النشر.

وهنا، نعود مجدداً لنجيب على أهم تساؤل وهو سبب الاستهداف المتعمد للفضاء الرقمي الفلسطيني، والذي باختصار أجابت عليه أ.منية قائلة “أصبح العالم الرقمي المنبر الأساس للفلسطينيين لإيصال القضية والصورة الحقيقية”، وتابعت “إلا أن الاحتلال يحاصرهم حتى رقمياً ويقيدهم محاولاً إسكاتهم”.

أهمية الإلمام بالحقوق الرقمية

وفي معرض حديثها، شددت ظاهر على أهمية الإلمام بالحقوق الرقمية، وكيفية المعاملة مع الانتهاكات، ومعرفة الخورزميات على منصات التواصل الاجتماعي مثل تقطيع الكلمات والأسماء، ومعرفة معايير مجتمع ميتا، حتى لا يتعرض للحظر.

ونوهت على أهمية التبليغ عن الانتهاكات وتوثيقها من خلال منصة “حر”، تلك المنصة التي أعدها المركز للشكاوى الرقمية المتعلقة بإغلاق الصفحات أو التعرض لهاكر، بهدف التوثيق والمناصرة، والمتابعة مع الجهات المعنية للحد من التقييدات.

وأشارت منسقة مركز حملة إلى أن ذلك سيساعد في عمل قاعدة تنطلق بالحوارات مع الشركات المؤسسة، وتدعم حملات المناصرة بشكل أقوى، وتعتبر مهمة جداً لتكوين صوت أعلى وضغط أكبر ضد السياسات المفروضة على المحتوى الرقمي الفلسطيني.

وفي السياق، أوضحت أن مركز حملة يجتاز كل الحدود حيث ينفذ حملات تصل إلى العالم الخارجي، وآخرها حملة “ميتا” التي تبين التحيز ضد الفلسطينيين على منصات التواصل الاجتماعي.

الأمان الرقمي مسؤولية مشتركة

وفي ختام الحديث، بيّنت ظاهر أن المسؤولية تقع على عدة جهات، بدءً من أهمية تكاتف الجهود الحكومية، ومروراً بالمسؤولية الفردية، وانتهاءً بالدور المنوط بمؤسسات المجتمع المدني بشكل أكبر من خلال إطلاق حملات المناصرة، والتدريبات المتعلقة بالقضايا الرقمية، للمطالبة بالحق الفلسطيني عبر الفضاء الرقمي.

وكان تقرير مركز حملة لمؤشر العنصرية والتحريض ضد العرب والفلسطينيين أظهر زيادة بنسبة 8% عام 2021 مقارنة بعام 2020، وزداد خطابات التحريض على العنف 3 أضعاف عام 2020، حيث انتشرت حوالي 620.000 محادثة تحريضية وعنصرية، فيما شكلت منصة تويتر المنصة الأكثر نشراً للخطاب التحريضي.

وتجدر الإشارة إلى أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في فلسطين حسب الجنس وصلت إلى 53.1% من الذكور، و46.3% من الإناث، فيما بلغت نسب مستخدمي أشهر المواقع والتطبيقات بواقع 95.16% عبر فيسبوك، و26.14% يتابعون تويتر، و81.53% يشاهدون يوتيوب، و63.28% يتابعون انستغرام، حسب تقرير آيبوك.

ويحثُّ التقرير نشطاء ووسائل التواصل الفلسطينيين على المشاركة في تطبيق (كلوب هاوس)، والذي يفتح مساحة واسعة لحرية الرأي التعبير دون تقييد أو حذف للحسابات، ويعتبر التطبيق ملاذاً جيداً لنشر الرواية الفلسطينية للعالم بعيداً عن انتهاكات شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى.

اقرأ أيضاً: فصول مُنتسوري في غزة.. تعليم بأسلوب جديد يحصد نتائجَ مبهرة