كواليس وحدة الموقف والكلمة.. كيف قلب أهالي شعفاط الحصار على الاحتلال؟

خاص – مصدر الإخبارية
في يوم وليلة انقلبت الحياة في مخيم شعفاط المقدسي رأساً على عقب، بعد تنفيذ أحد شبّانه عملية نوعية ضد جيش الاحتلال أدت لمقتل مجندة على الحاجز الوحيد المؤدي للمخيم.
حصار مطبق فرضته قوات الاحتلال بحثاً عن المنفذ تخلله إجراءات انتقامية من سكانه، لتفشل في هدفها وينقلب السحر على الساحر بسبب إرادة جماعية وروح موحّدة أبت أن تتفرق رغم تشديد الخناق الإسرائيلي.
الصحفي صهيب مسالمة من شعفاط روى لشبكة مصدر الإخبارية كواليس لم يعرفها الجميع حول الحياة المخيم المقدسي خلال أيام الحصار العجاف، التي كادت أن تؤدي لكارثة فيه.
وقال مسالمة: “منذ اللحظة الأولى لتنفيذ العملية على حاجز شعفاط، أدرك سكان المنطقة ما سيتبعها من حصار واقتحام بحثاً عن المنفذ، لذا تم التعميم على جميع المحلات التجارية وإغلاقها ولم يبقَ أي شخص في الشوارع”.
وأوضح أن التعميمات كانت تتم عبر جروبات الواتساب بين الأهالي تحسباً لانتقام جيش الاحتلال حيث كانوا على جهوزية لما سيجري، مضيفاً: “في نفس الدقيقة التي جرت فيها العملية بدأ الاحتلال يطارد الشبان ودخل مخيم شعفاط، ونزل أول جيب للجيش عليه قاذفة فنابل غاز ولم تبقَ قنبلة إلا وأطلقها على البيوت والناس في الشوارع، من ثم أغلق الحاجز ومدخل عناتا كلياً فلا دخول ولا خروج”.
حرب شوارع
ووصف مسالمة ما حصل بحرب الشوارع، مضيفاً: “لأول مرة يحصل إطلاق رصاص حي في المنطقة، عدا عن اقتحام البيوت والتكسير والدمار خاصة في منازل أقارب عائلة المنفذ، والتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع التي لم تفارق الأجواء والتشويش على الاتصالات والتلفاز”.
وبيّن أنه كنتيجة لتلك الإجراءات المشددة، تم التنسيق بين الشبان وأخذ قرار بالتلثم بينهم وإغلاق المنطقة بكل شارع وزقاق فيها، وعمل حاجز على بعد كل 100 متر، عدا عن إشعال الإطارات بكميات كبيرة للتشويش على طيران الاستطلاع أثناء عملية البحث عن المنفذ.
ولفت إلى أن عدد كبير من المواطنين من خارج المنطقة ويقدر عددهم بـ350 شخصاً حوصروا داخلها، وكان السكان يقدمون الغذاء والمساعدات لهم، عدا عن جمع التبرعات لتوفير مستلزمات الشبان الذين كانوا يبيتون في الشوارع لحماية الأهالي.
وأضاف أنه بعد 3 أيام من الحصار الخانق والمطبق تم اتخاذ قرار جماعي من عائلات حراك المخيم بالعصيان المدني، وخاصة بعد فتح الاحتلال الحاجز والتنكيل بالناس والاعتداء عليهم، مضيفاً: “قررنا وقف الخروج للعمل من كافة الفئات لإلحاق الضرر بالاحتلال، حيث أن حوالي 35 ألف عامل من بيننا يعملون في الداخل المحتل، وهو ما يؤئر على عملهم سواء في المستسفيات أو في البناء أو حتى عمال النظافة”.
وفي نتيجة للحصار المطبق أوضح مسالمة أن كبرى المراكز التجارية أوشكت على نفاد مخزونها من المواد الغذائية الأساسية خاصة الحليب، عدا عن اضطرار عدد من المخابز للإغلاق بسبب نفاذ الدقيق وانقطاعه.
وأشار إلى أنه بعد إعلان العصيان المدني، أبلغت شرطة الاحتلال بفتح الحاجز إلا أن السكان لم يستجيبوا لها بسبب سياسة الإذلال والإهانة التي كانت تتبعها مع العابرين، وأن الاحتلال عندما رأى الموظفين والعمال لم يذهبوا لأشغالهم قرر فتح الحاجز مع إجراءات مشددة، لذا قرر السكان منع الخروج والدخول للمنطقة إلا في الحالات الطارئة.
وأردف أن الاحتلال سمح يوم الخميس بدخول أول سيارة توزيع مواد غذائية، إلا أنه استمر في الإجراءات الخانقة، وفي مساء نفس اليوم قرر فتح الحاجز وتخفيف الاجراءات عن المواطنين، لذا تم تعليق العصيان المدني.
واستأنف: “قدمنا مطالب جديدة للمحكمة العليا للاحتلال أمس الأحد، وشكوى حول إجراءات الجيش على الحاجز من تنكيل وضرب وغيرها وتوثيق وتصوير لهذه السياسات”.
سياسة تشتيت
في خطوة انتشرت كالنار في الهشيم، أوضح مسالمة أن شباب شعفاط قرروا إرباك الاحتلال بحلق رؤوسهم لتمويهه، حيث أن منفذ العملية على الحاجز كان حليق الرأس، وحصلت استجابة جماعية مع الأمر.
وفي حديثه عن صمود أهالي المخيم أمام الحصار الخانق قال: “رغم القوة المفرطة التي استخدمها الاحتلال في التعامل من مياه عادمة وقنابل غاز وكارثة بيئية كانت وشيكة، إلا أنه فشل في اعتقال منفذ العملية، ورغم كل الضغط والاستدعاءات والتنكيل لم يهمنا شيء ولم ينقص من عزيمتنا، إلى أن عادت الحياة لطبيعتها في المخيم”.
وختم الصجفي مسالمة لمصدر الإخبارية: “نحن محاطون بجدار وزادوه اختناقاً إلا أن ضغطهم لم ينفجر إلا في وجههم، فعدا عن فشلهم في اعتقال المنفذ، امتدت المواجهات والعصيان لأماكن واسعة وفشلوا فشلاً ذريعاً في هدفهم، وهذا بفضل التكاتف والتلاحم بين أبناء المخيم”.
اقرأ أيضاً: الاحتلال يعتقل شابًا على حاجز مخيم شعفاط ويقتاده للتحقيق