الصحافية المغربية حنان بكور تمثل أمام القضاء والخصم “حزب حاكم”

على خلفية تدوينات رأي

خاص – مصدر الإخبارية 

أجلت المحكمة الابتدائية لمدينة سلا المغربية (تقع قرب الرباط)، للمرة الثالثة على التوالي، محاكمة الصحافية ومديرة النشر المغربية حنان بكور، على خلفية شكوى قدمت ضدها من قِبل حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة.

وفي تفاصيل الجلسة التي عقدت اليوم الإثنين 17 أكتوبر 2022، أفاد الصحافي المغربي يونس مسكين، بأنه وبعد تخلّف الطرف المشتكي عن الحضور في الجلستين السابقتين، حضر محام يمثل حزب التجمع الوطني للأحرار في جلسة اليوم، وقدم مذكرة تتضمن اتهامات ومطالب مدنية، لتقرر المحكمة بناء على هذا المستجد، تأجيل القضية إلى يوم 21 نوفمبر 2022.

وأوضح الصحافي مسكين في حديث لمصدر الإخبارية أن القضية رفعت، بعد نشر الصحافية حنان بكور تدوينات تضمنت تعليقاً على انتخاب مجلس جهة كلميم واد نون، وسط المغرب، استنكرت فيها عقد جلسة التصويت وانتخاب رئيسة للجهة في الوقت الذي كانت الشبكات الاجتماعية تتناقل خبر وفاة غامضة لأحد منافسيها على هذا المنصب، وهو الراحل عبد الوهاب بلفقيه، القيادي السابق في حزب “الأصالة والمعاصرة” المشارك في الائتلاف الحكومي الحالي.

وفارق بلفقيه الحياة صباح يوم انتخاب مجلس جديد للجهة، عقب انتخابات 8 سبتمبر 2021 التشريعية والمحلية والجهوية التي عرفها المغرب.

وأعلنت النيابة العامة في المغرب، يوم الثلاثاء 21 سبتمبر 2021، وفاة عبد الوهاب بلفقيه (47 عاما)،  في مدينة كلميم (جنوب)؛ جراء إصابته بطلق ناري، مع ترجيح شبهة الانتحار.

وقال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف في كلميم، في بيان، إن الشرطة أبلغت النيابة، بنقل عبد الوهاب بلفقيه على متن سيارة إسعاف إلى مستشفى في كلميم، متأثرا بجراحه جراء آثار طلقة نارية في منزله.

ورغم الظروف الغامضة والاستثنائية لذلك اليوم، واصل أعضاء مجلس الجهة المنتخبون اجتماعاهم، وصوتوا لفائدة امباركة بوعيدة، المنتمية الى حزب التجمع الوطني للأحرار، لتصبح رئيسة للمجلس، بحسب وسائل إعلام مغربية.

وأضاف مسكين أن الصحافية حنان بكور كتبت سلسلة تدوينات تستنكر فيها هذا السلوك، وتؤاخذ كلاً من الرئيسة المنتخبة وباقي أعضاء المجلس، لاستخفافهم بدم زميلهم وحرصهم على إجراء جلسة التصويت كما لو أن شيئا لم يقع.

ولاحقاً، فوجئت الصحافية حنان بكور باستدعاء الشرطة لها بفرض التحقيق معها بناء على شكوى رسمية قدمها ضدها حزب التجمع الوطني للأحرار، موجهين ضدها سيلاً من التهم، من قبيل اتهام الحزب بقتل الراحل عبد الوهاب بلفقيه والإساءة إليه وبث الكراهية، بحسب إفادة مسكين.

وقال مسكين إن “النيابة قررت بعد ذلك متابعتها بفصل من القانون الجنائي يتعلق بنشر معطيات أو صور عن الحياة الخاصة للأشخاص”، مشيراً إلى أن “الصور التي أرفقت بالتدوينات كانت كلها لشخصيات سياسية وفي لقاءات عامة ومفتوحة”.

تضييق جديد على حرية الصحافة

وتعقيباً على هذا الإجراء، قال الصحافي مسكين: “نحن أمام خطوة جديدة في درب التضييق الشامل على حرية الصحافة في المغرب، إذ لم يسبق أن تقدم حزب سياسي، خاصة إذا كان موجودا في السلطة أو مقربا منها، بشكوى ضد مواطن مغربي، فبالأحرى ضد صحافي ينقل الأخبار ويعبّر عن آرائه”.

الصحافي المغربي يونس مسكين

وأضاف مسكين أن “الواقعة تنطوي على مخاطر كبيرة، كون زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار، هو رئيس الحكومة الحالي، والرجل النافذ والمهيمن على قطاعات واسعة من السوق بفضل امبراطوريته الخاصة، التي تصنفه مجلة “فوربس” الأمريكية بسببها أغنى رجل في المغرب”.

وتابع مسكين بأن “العدالة المغربية دأبت منذ صدور مدونة الصحافة الحالية، على رفض متابعة أي صحافي بناءً على شكاية طرف ثالث، واستقر العمل على قيام أي متضرر برفع دعوى مباشرة ضد الصحافي المقصود أمام المحكمة، بينما خضعت النيابة العامة في هذا الملف لطلب الحزب وقررت متابعة الصحافية حنان بكور بتهمة تؤدي إلى عقوبات سجنية”.

من هي حنان بكور؟

وحنان بكور واحدة من أبرز الصحافيات اللواتي عرفهن المغرب خلال العشرين سنة الماضية، وبرز اسمها خلال الفترة الذهبية التي عاشتها الصحافة المغربية في العقد الأول من الألفية الحالية، حيث كانت من بين أعمدة تجارب صحافية مستقلة مثل أسبوعية “الجريدة الأخرى”.

وساهمت بكور في تأسيس جريدة “المساء” التي حققت أرقاماً قياسية غير مسبوقة في تاريخ المغرب من مبيعات الصحف اليومية، قبل أن تساهم في تأسيس جريدة “أخبار اليوم” عام 2009، حيث عُرفت بأخبارها الحصرية الدقيقة وأعمالها الاستقصائية، قبل أن تتولى رئاسة تحرير صحيفة “اليوم24” التي أطلقتها المؤسسة نفسها، وأصبحت عام 2018 مديرة النشر في الصحيفة.

وفي التاسع عشر من أيلول (سبتمبر) الماضي، أجلت المحكمة الابتدائية في مدينة سلا، جلسة محاكمة للصحافية بكور، على أن تعقد اليوم الاثنين، بسبب عدم حضور ممثلي الطرف المشتكي، إلا أنه تقرر عقد جلسة النطق بالحكم في موعد جديد.

اقرأ/ي أيضاً: المغرب يستهجن الصمت العربي تجاه ما يحدث في المسجد الأقصى