عرين الأسود في عيون الاحتلال: حاضنة شعبية وجرأة وسرية مُخيفة!

محلل في الشأن الإسرائيلي لمصدر: الإعلام العبري يتداول ويطلق مصطلح "المقاومين الجدد" على عرين الأسود

أماني شحادة – خاص مصدر الإخبارية

خرجت، في الآونة الأخيرة، من قلب نابلس “جبل النار”، مجموعة تسمى عرين الأسود، تضم مقاومين فلسطينيين باختلاف انتماءاتهم السياسية، يؤمنون بمبدأ أن أفضل من يصنع السلام هو المحارب، ولتكن سياسيًا ناجحًا لا بد أن تكون جنديًا في ساحة المعركة، وأنه حينما تصبح روحك في مهب الريح ستفهم معاني التضحية والانتماء والحب والأمن والسلام والحرب والثأر والدفاع عن الأرض.

المختص بالشأن الإسرائيلي عاهد فروانة، قال لشبكة “مصدر الإخبارية“: إن “الاحتلال يُطلق على مجموعة عرين الأسود، الآن كما هو متداول في أروقة الإعلام العبري، مصطلح “المقاومين الجدد”.

وأضاف أن الإعلام الإسرائيلي ينظر بخطورة شديدة لعرين الأسود لعدم وجود خلفية تنظيمية للمنتمين لها، مما يصّعب مهمة الاحتلال في الوصول لهم إنهائهم، أو معرفة خططهم، إذ قاد الاحتلال للعمل بشكل سريع وكبير في محاولة لفرض سيطرتها على حالتهم وطمسها.

وأوضح أنّ ما يقلق الاحتلال هو مدى جرأة المنتمين لعرين الأسود، لأنهم يتبعون أسلوب القوة والدفاع بشراسة ويبادرون العمليات ويفشلون خطط الاحتلال، بخلاف السابق والمتعارف عليه أمام المقاومين أنهم يصدون الاحتلال عند اقتحاماته فقط.

وأفاد بأن إمساك المقاومين لزمام المبادرة يؤدي لضعف جيش الاحتلال ويفشل خططه.

وأردف أن مجموعة عرين الأسود الآن تفرض معادلة جديدة، وضرب مثالًا في اقتحام قبر يوسف، كان في السابق عملية اقتحامه من الاحتلال ومستوطنيه سلسة، أما الآن فالمسألة تغيرت وأصبح هناك هاجز وتردد في الاقتحام، مشيرًا إلى أن ضربات المجموعة أضعفت حماية الاحتلال لمستوطنيه أثناء الاقتحام، ما منعهم من اقتحامه.

الحاضنة الشعبية لعرين الأسود

ينظر الاحتلال بخطورة بالغة للاحتضان الشعبي الفلسطيني لمجموعات عرين الأسود، لأنه عمل على مدار سنوات طويلة أن ينهك الشعب الفلسطيني كي لا يكون هناك من يمثله أو يقوده، وجعل المقاومين معزولين عن محيطهم الاجتماعي.

وأشار فروانة إلى أن الاحتلال كان يعمل على ترويج مصطلح الفلسطيني الجيد والفلسطيني السيء، إذ فصلهم أن الجيد هو من يبحث عن لقمة عيشه ولا يقوم بأي عمل مقاوم، أما السيء هو من ينتمي للجماعات المسلحة ويقوم بالعمليات، لكن عرين الأسود نهت هذه المفاصلة.

وما يؤكد تكاتف الحاضنة الشعبية والتفاف المواطنين حول عرين الأسود، منذ يومين، حين أعلنت عن الإضراب الشامل دعمًا لمخيم شعفاط المحاصر، ولبى النداء العديد من المخيمات والمدن الفلسطينية والمنظمات والمدارس.

سرية مجموعات عرين الأسود

أكد فروانة أن الاحتلال يخشى سرية مجموعات عرين الأسود؛ لأنها لا تميل للاستعراض والتسلسل التنظيمي، تقوم بعملها أو إصدار بيانها ثم تعود فقط للاشتباك وضرب الاحتلال، ما يزيد قلق السلطات الإسرائيلية لصعوبة الوصول إليهم والتعرف عليهم.

وأوضحت عرين الأسود وكتيبة جنين أيضًا أن تصدي ومواجهة الاحتلال بإمكانيات بسيطة قد تصنع حالة من الشجاعة والانتماء للأرض.

المستوطنون يواجهون المصاعب

أصبح المستوطنون يحسبون حسابًا لإرهابهم وعربدتهم على أبناء شعبنا الفلسطيني، لأن عرين الأسود تقف لجرائمهم بالمرصاد، ويجابهون بالمواجهات التي تكلفهم.

وتوقع فروانة أن يزيد المستوطنين من اعتداءهم ضد المواطنين، وانهم سينقلون بطشهم إلى مدينة القدس من خلال تكثيف اقتحامهم للأقصى بحماية جيش الاحتلال، مفيدًا أن المجموعة أصبحت عاملًا مؤثرًا لقوة المواطنين لمواجهة الاقتحامات.

مقاومة مستمرة أم ظاهرة ستتلاشى؟

اعتقد المحلل في الشأن السياسي عاهد فروانة أن مجموعات عرين الأسود ستكون نقلة نوعية وجريئة في المقاومة الفلسطيني لما يتشكل من هالة كبيرة حولها من المواطنين التي تقودهم ببسالة نحو صد الاحتلال ومستوطنين.

واستدرك قائلًا إن “الدخول في حالة الاستعراض والمناكفات هو رصاصة مقتل في قلب المجموعات النضالية، وتسهيل على الاحتلال لاختراقها”، مبينًا أن الاحتلال يحاول جاهدًا لكشف أي نقطة ضعف لهذه المجموعات لإنهائها.

جيل التضحية

ولأن عرين الأسود يؤمنون بالقتال حتى الشهادة، وصفهم المحلل السياسي هاني المصري، بأنهم ينتمون إلى جيل التضحية وليس إلى جيل الإعداد والتحرير.

وخلال ندوة نقاشية لمركز رؤية للتنمية السياسية، قال المصري: إن “أعضاء المجموعة يرفضون أن يُلّف أي شهيد منهم بعلم فصائلي، كما أن لديهم ميلًا دينيًا لكنهم ليسوا “داعش” أو “الجهاد” أو “حماس””.

وأردف: “هم أشخاص نظيفو اليد، لا يرتبطون بأي فعل غير مقبول مجتمعيًا مثل إطلاق الرصاص بالهواء أو طلب المال بالقوة، وهم ضد الاصطدام مع السلطة وأجهزتها الأمنية”.