الحرب السيبرانية.. سلاح المقاومة الجديد لرفع كُلفة الاحتلال وتعطيل أدواته

خاص مصدر الإخبارية – أسعد البيروتي

تخوض المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حربًا من نوعٍ آخر مع الاحتلال، يقودها مقاتلون محترفون عبر ما يعرف بالحرب السيبرانية، التي باتت تُؤرق أجهزة الأمن الاستخباراتية التابعة للاحتلال الإسرائيلي.

وتُعد “وحدة السايبر” من أبرز الوحدات التي كشفت عنها المقاومة الفلسطينية، خلال تأبين الشهيد جمعة الطحلة، الذي وضع “اللبِنَةْ الأولى” للتأسيس قبل 8 سنوات، لتشق طريقها بسريةٍ واحترافية عالية، فربما لم تتحدث عن نفسها مِن قَبل لكن فعلها الكبير يكشف عن حسّاسية المهام المُوكلة إليها.

يتمتع الملتحقون بوحدة “السايبر” التابعة للمقاومة الفلسطينية بمهاراتٍ تقنيةٍ وفريدةْ، عملوا طِيلة السنوات الماضية على تنميتها وتطويرها لتخدم مصالح المقاومة الفلسطينية، وتكشف عن معلوماتٍ دقيقةٍ لطالما ظن الاحتلال أن الوصول إليها صعب المَنال.

الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية إسلام شهوان، يرى أن الكشف عن وحدة السايبر العاملة في كتائب القسام يحمل دلالات عِدة تتمثل في الوفاء لمؤسس ركن الحرب السيبرانية حيث كانت مجرد حُلم وفكرة، حتى واصَل الليل بالنهار فأصبحت واقعًا ملموسًا ذات تأثير فعّال وملحوظ.

وأضاف شهوان في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، أن “المقاومة الفلسطينية أرادت من خلال مهرجان “مداد الوفاء” ارسال رسالة للحاضنة الشعبية والبيئة المحلية تتمثل في أن لدى القسام أدوات كثيرة قد لا يُعلن عنها إلا بعد فترات زمنية طويلة بداعي الضرورة الأمنية، خاصةً وأن الاحتلال تأذى كثيرًا من هذا الأسلوب “الحرب السيبرانية”.

وأشار إلى أن الكشف عن “الوحدة السيبرانية” وبعض المهام المُوكلة إليها يُوصل رسالة تحدٍ للاحتلال أن أي معركة قادمة ستُدار بوجهٍ مكشوف بخلاف ما كان يتم سابقًا ضمن صراع الأدمغة الخفي.

وبيّن أن “المقاومة أرادت مِن خلال الكشف عن أبرز وحدات السايبر التابعة للمقاومة ايصال رسالة للحُلفاء في محور المقاومة بأن لدى القسام امكانات تُؤهله لتوجيه ضربات مؤلمة للاحتلال في مؤسساته الحيوية كالطاقة والكهرباء والنفط والبيئة إلى جانب المؤسسات الأمنية والعسكرية والحربية”.
وأضاف، “نقول لأحرار الضفة المحتلة في كتيبة جنين ومجموعات عرين الأسود، أن غزة من ورائكم تخوض حربًا صامتة مع الاحتلال كُشف عن بعض خفاياها والقادم أدهى وأمر”.

وحول المرتكزات التي يقوم عليها عمل وحدة السايبر التابعة للمقاومة الفلسطينية، أوضح “شهوان” أن عمل الوحدة يقوم على تحقيق الأهداف الإستراتيجية المُرجوة من إنشائها، وإصابة الأهداف المُراد النيل منها بدقة وسرعة فائقة، والحفاظ على الامكانات والكادر البشري.

ولفت إلى أن “غزة استطاعت صناعة امكانات كبيرة من العَدم، تتمثل في تكوين كادر عبقري ومُلهَم ومتخصص ومُتبحر بهذا الجانب، سخّر جميع امكاناته وقدراته في خدمة المقاومة”.

يقول المختص في الشؤون الأمنية سائد حسونة، إن “أهمية عمل وحدة السايبر التابعة للمقاومة الفلسطينية تكمن في تنفيذ المهام باحترافية ودقة عالية، ما يُسهم في الحصول على معلومات وبيانات حسّاسة تُفيد المقاومة في صراعها مع الاحتلال باعتبارها تمس الكيان الإسرائيلي ووزارته المختلفة، مما يُمكنها من فهم مجريات المعركة بشكل أعمق وأدق”.

وأضاف في تصريحاتٍ لشبكة مصدر الإخبارية، “يستطيع أفراد المقاومة من خلال استخدام تقنيات الأمن السيبراني تسهيل انجاز العديد من المهام المُحددة عبر التراسل المُشفر ونقل البيانات عبر شبكة الانترنت ضمن قنوات آمنة، تسهم في توفير الوقت والجهد وتكون ذات تكلفة أقل”.

وأشار إلى أن “المقاومة الفلسطينية عملت خلال السنوات الماضية على تطوير “العقول” بما يخدم مشروع التحرير، واستطاعت عبر الدول الصديقة والمُحبة للشعب الفلسطيني من احداث اختراق حقيقي بصقل مهارات عناصرها العاملين في هذا المجال الحسّاس والدقيق رغم الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة”.

ولفت إلى أن “المقاومة نجحت في تأسيس منظومة دفاع سيبرانية الكترونية تهدف إلى حماية الجبهة الداخلية والتنبؤ بأي حماقة قد يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي مِن خِلال تعقب أدواته سواءً طائرات الاستطلاع والقبة الحديدية، عمل شركات الكهرباء، صفارات الانذار، مما ينتج عنه إرباك الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتعطيل عمل أجهزة الاستخبارات”.

فيما يشير الكاتب والمُدون الفلسطيني عزات جمال، إلى أن الصراع الدائم والتدافع بين الأمم والشعوب شكّل حالة من التنافس المستمر على التوسع والهيمنة، وهو ما يعتبر الدافع الأساسي لابتكار المزيد من الوسائل القتالية والأسلحة المختلفة، والتي كانت تتطور باطراد مستمر كلما تقدمت الدول والمجتمعات في الجوانب العلمية والتكنولوجية، حتى انتهت لأوجه رئيسية بعد الحرب العالمية الثانية، اتفقت عليها الدول، تغطي الثلاث أبعاد الرئيسية أو ساحات المواجهة بين الدول والمتمثلة في (البر، البحر، الجو).

وأشار إلى أن استمرار التقدم العلمي والطفرة التكنولوجية الحديثة التي باتت تميز هذا العصر، انعكست على الأسلحة والوسائل القتالية، وهنا نقصد ظهور الشبكة العنكبوتية وتقدم وسائل الاتصال الحديثة بشكل كبير، حتى أصبحت اليوم تمثل ساحة مواجهة حديثة تضاف للساحات السابقة وبُعد جديد عُرفت باسم الهجوم الإلكتروني أو الحرب السيبرانية وهو ما يطلق على “المساحة الافتراضية التي تستطيع الدول التأثير فيها باستخدام أدواتها التكنولوجية الحديثة أو ما يقع عليها من تأثر بفعل الدول الأخرى”.

وأوضح أن حرب “السايبر” تتخذ شكلان مهمان في عملها، الأول “سلبي” ويتلخص في الحماية وحجب المعلومات عن وسائل تأثير الدول الأخرى وحرمانها من التأثير على عموم الدولة ككل المواطنين المدنيين أو العسكريين، وافقاد الآخرين القدرة على التأثير.

وأضاف، الشكل الثاني “الإيجابي” ويقوم على محاولة التأثير على الدول الأخرى بالوسائل المختلفة بقصد جمع المعلومات أو إلحاق الضرر والأذى بالمدنيين أو العسكريين أو المنشآت والإمكانات بأشكال مختلفة.

وبيّن أن أهمية استخدام الحرب الالكترونية “السايبر” اليوم تبرز في عِدة اعتبارات، منها انتشار وسائل الاتصال والتواصل والاعتماد الكبير على التكنولوجية، إضافة إلى قدرة هذه الوسيلة على تحقيق ضرر بليغ في الخصم وإمكاناته دون الحاجة لإمكانات مادية كبيرة.