الأم المعنَّفة.. نظرة تشاؤمية للحياة وآثار كارثية على شخصية وسلوك طفلها

سماح شاهين- مصدر الإخبارية

تنظر بعض المجتمعات بنظرة دونية للمرأة، حيث تمارس السلطة الأبوية أو الذكورية، مما يسمح لهم ممارسة العنف على النساء حتى يتطور الأمر لدى الأم المعنَّفة حتى مشاهد عادية أمام ما يعشنه يوميًا، وكنتيجة متوقعة دائمة ينعكس العنف على الأطفال.

المعالجة النفسية وأستاذة الجامعية اللبنانية ديالا عيتاني شرحت في حوار خاص مع “شبكة مصدر الإخبارية“، إنّ الأم المعنَّفة تفقد ثقتها بنفسها وتصبح نظرتها للحياة تشاؤمية، وتشعر بأنها لا تستحق الحياة وأيضًا عدم الارتياح مع نفسها، ويتحول ذلك إلى غضب شديد واضطرابات نفسية.

وأشارت عيتاني إلى أنّ هناك بعض النساء المعنَّفات يرينّ العنف أمر طبيعي لأنّهن بعضهن منذ الصغر رأينّ أمهاتهن تتعرضن للعنف من قبل الآباء، وتربيّن على العنف وأنّ المرأة ليس لها كيان مستقل.

وأضافت بأنّ “المعنَّفات لا يستطعن إيقاف العنف بحقهن، لذلك يجب عليهن المطالبة بوقف العنف لأن النساء تستحق الحياة والعيش بكرامة وهدوء مع عوائلهن وأطفالهن”.

ولفتت عيناتي إلى أنّ العامل الاقتصادي للمرأة يساهم أيضًا في وضع حد للعنف ضد المرأة، حيث أنها تكون بكامل استقلاليتها للدفاع عن حقوقها وقدرتها على الصمود وحدها أمام معيقات الحياة، مبينة أن المرأة الكاملة اقتصاديًا تستطيع وضع حدّ للعنف الواقع عليها، أما من لا تملك وضعًا اقتصاديًا جيدًا ستقبل بالعنف لها ولأطفالها.

وأردفت: “هناك أمهات معنَّفات يقمن بتعنيف الأطفال، مما ينعكس على طريقة ممارستهم للحياة المليئة بالعنف داخل المدرسة والمجتمع، ويفقد ذلك من ثقتهم بأنفسهم وحبهم لذاتهم وقد يصل لتركهم الدراسة والتدخين”.

وتابعت: “يؤثر العنف على عمل دماغ أطفالهن في المستقبل، وعلى قدرتهم على معالجة الخوف والقلق، وانخفاض سمات التعاون وروح المرح لدى الطفل، وكذلك زيادة معدلات الفشل الدراسي”.

العنف لا يولد إلا العنف

أخصائي الأمراض النفسية والعصبية د. رياض البرعي أكد لـ”شبكة مصدر الإخبارية”، أنّ تعنيف الأم بشكل دائم أمام الأطفال ينعكس عليهم بشكل سلبي ويسبب قلة التركيز ممارسة العنف ذاته خارج المنزل.

وأضاف البرعي انّ الإزاحة -الاحلال- وهي تحويل المشاعر من مصدرها الحقيقي إلى شيء آخر أكثر أمانًا و قبولاً اجتماعيًا-، لهذا يوجه العنف إلى شخص برئ وهو الطفل، ومن الممكن أن تمارس الأم العنف على أطفالها.

وتابع: “عندما يشاهد الأطفال العنف الواقع على الأم، سيتعرّضون لاضطرابات عاطفية ترافقهم طوال سنوات حياتهم، وتؤثر على نموهم العاطفي والعقلي فالعنف لا يولِّد إلا العنف”.

وبيّن أنّ الأم ليست وحدها الضحية، فالأطفال كذلك يكونون في مرمى التصرفات الخاطئة، وانعكاسًا لهذا العنف قد تعود الأم لتمارسه على أطفالها في المنزل، مشيرًا إلى أنّ نتائجه ستكون كارثية.

ولفت أنّه سيصبح لدى الأطفال صعوبة في التحكم بغضبهم ومخاوفهم، ويفقدون أعصابهم، ويتحولون إلى أشخاص عنيفين بدون وعي، لذلك يجب معالجة الأمر بشكل مبكر قبل أن يتدهور وضع الأطفال.

وأوضح البرعي أنّ أول خطوة نحو العلاج هي وقف الاعتداء والعنف الممارَس على الطفل تمامًا، وتوفير أجواء آمنة، وعرض الطفل المعنَّف على معالج نفسي.

وأضاف: “أنّ الأم المعنَّفة بحاجة إلى العلاج، وطلب المساعدة بشكل فوري، من خلال شخص ذي ثقة، أو جهات معينة، لوضع حد للعنف وإبعادها عن المعتدي”.